أحمد بغدادي – الناس نيوز :
بدأت الفنانة التشكيلية السورية “سوزان ياسين” تجربتها مع الألوان في مدينة دمشق، مسقط رأسها، وحاملة لوحاتها الأولى ، وذلك في عمر مبكر، قد يكون مع بداية تبرعم الفضول على تربة أصابعها .
تقول الفنانة سوزان ياسين لجريدة ” الناس نيوز ” الأسترالية الإلكترونية : لا أذكر متى بدأ شغفي بهذا الفن، لكنني أذكر أنه كلما سُئلت ماذا سأصبح حينما أكبر كان جوابي ( رسامة ) حيث لم تكن قد تشكلت في عقلي مفردة ( فنانة تشكيلية ) بعد .

: البيئة الاجتماعية والعائلية ساعدت ولعبت دورا تشجيعيا في تكوين سوزان كفنانة تشكيلية فقد نشأت سوزان وسط أسرة تهتم بالفن والأدب والكتاب كاهتمامها بأولادها، فهي ابنة الشاعر والكاتب “محمود ياسين” ووالدتها تهوى الرسم ، هذه التربة خصبة لتكوين بذرة فنية .
وحين كان هذا الميل باتجاه الفن ينمو في نفسها كانت تُغذيه بالمعرفة، فقد دخلت كلية الفنون وأتمت دراستها فيها ثم بعد التخرج عملت في مجال التصميم الإعلاني لمجلات الأطفال كمجلة الطليعي ومجلة لغتي يا حلوة وغيرها بالإضافة إلى عملها في مجال التدريس ، وشاركت في عدد من المعارض التشكيلية السورية وفي مدن وبلدان أخرى. كما حصلت على جائزة تقديرية في معرض الشباب. وعندما انتقلت لفترة إلى سلطنة عمان حصلت هناك على جائزة ( رسالة الفن إلى المجتمع ) في العام 2007 .

بالإضافة إلى عملها في مجال التدريس في معهد الفنون النسوية بدمشق والذي استمرت به حتى العام 2013 .
تقول سوزان : حين فكرت بهجر بلدي كان دافعي الأول هو الحفاظ على الأسرة في حين صار الأمان ضرباً من ضروب الخيال، فاتجهت وأسرتي إلى السويد .
ورست بها الرياح في مدينة ( لانسغرونا ) في مملكة السويد، وككل اغتراب وبيئة حياة جديدة ، وجدت سوزان صعوبات ، كمن يحاول حشر كوكب جديد في صدره، حيث داهمني شعور بالوحدة والخوف من الحاضر ، كما تقول .
وتضيف الرسم هو مكاني الذي أعرفه ويعرفني وهو المخرج الآمن لكل شعور غريب يباغتني، في الاغتراب ، احتجت لوقت طويل كي أتناغم مع حركة هذا المجتمع ومع سير حياته.

عن اللوحة :
سوزان ترى أن بياض اللوحة قبل تشكيلها هو من يخاطب الفنان، ويجعل منه مرآةً لصورة ما تتجسّد في قلب الفنان وتعكس هواجسه، وبعيداً عن ضوضاء الشهرة والمعارض، هي ترسم لأنها تريد الرسمَ، كي تنطق اللوحة عنها وتعبّر عن مكنوناتها النفسية، إذ تقول:
لست مهتمة بالمبيع ولا بالخروج إلى عالم الرسم بحسب الطلب، لأنني ببساطة أرسم لنفسي، أنا ولوحتي نشكل عالماً آخر نعيش فيه.
ألواني هي من تتحدث عني وتحكي للناس حكايتي، وأنا في المقابل أشكل جزأها الآخر. نعم أعيش هذا التناغم، فبالنسبة لي لايوجد في قاموسي تخطيط مسبق للوحة، فبمجرد إسنادي للوحة البيضاء على الحامل يبدأ البياض بمخاطبتي وتوجيهي إلى ما نريد كلانا الوصول إليه .
- قبل الحرب كانت اللوحة تتحدث عن الإنسان، وبعد الحرب، راحت تترجم رحلة الخوف والأمل، في حين غلبت الألوان الباردة والشخوص الحزينة على معظم أعمالي .

عن الحياة هنا والطموح :
هنا توجد فرصة للحياة ضمن هذا المجتمع الذي احترم اختلافنا الثقافي وإنسانيتنا، لكن هذه الحياة تبقى مشوبة ببعض التحديات، تقول الفنانة ياسين.
نظرتك الدائمة إلى الوراء، إلى من تركتهم هناك، تفكيرك غير المنقطع بالتفاصيل الدقيقة من تلك البلاد البعيدة جداً القريبة من الذاكرة.. إني أشتاق للأزقة، للأشجار للتفاصيل مهما صغرت. أشتاق وأنا أعلم بأن الحرب تركت في أنفسنا خذلاناً عميقاً، وقلقاً يأبى الخروج مهما ابتعدنا .
إن الأمر بالغ الصعوبة، والحياة ملأى بالتحديات، لكن أظن بأن هذه التحديات وجدت كي نبقى على قيد الحياة.

هنا أفكر بأن أكمل الدراسة الجامعية، لأن الرغبة بالعودة إلى تدريس الفن ما زالت عامرة في قلبي. أحب أن أكون مع الألوان والطلاب، والمدرسة بحد ذاتها هي رحلة بحث دائمة متجددة .