شمس الحسيني – الناس نيوز
رحل ليبحث عن نفسه، فمنحه الموطن الجديد الكثير، ليضيفَ إلى “نوتة” المهَجَر موسيقاه الخاصة وأحلامه التي لم تتحقق في بلده سورية.
“أباذر قماش” موسيقي سوري من قرية “الغرية ” في محافظة السويداء، لم يتجاوز عمره ال ” 33 ” عاماً، يُدرِس اليوم ” آلة العود” في أحد أقدم معاهد الموسيقى في ميونخ ( Freies Musikzentrum) بالإضافة إلى “التشيلو” ونظريات الموسيقى العربية، ويُدرس آلة العود أيضاً في جامعة (Stiftung universität hildesheim).
شارك بالعزف مع عدد من أهم الأوركسترات الألمانية، وأسس فرقاً عدة مع موسيقيين عرب وألمان، علاوة على إصدار إسطوانات موسيقية تحمل إحداها قطعة موسيقية من تأليفه الخاص، إضافة إلى أنّ الألبوم اتخذ اسم تلك المقطوعة ( الانتظار).
وصل إلى ألمانيا في بداية عام 2016 ولم يمضِ أسبوع واحد على تواجده هناك حضر عن طريق المصادفة حفلاً موسيقياً يُحييه العازف ( Ardhi Engl) في مسرح ( Tams theater münchen) وتعرّف إلى العازف الذي دعاه مع صديقه الذي يرافقه إلى المشاركة في عزف مقطوعة شرقية ضمن الحفل؛ ويقول “قماش” إنها كانت الخطوة الأولى لمراحل كثيرة متتالية، حيث كان هذا الحفل ” الانطلاقة الأولى للحياة الموسيقية في ألمانيا” بحسب تعبيره.
وبعد فترة قصيرة أسس قماش مع Ardhi فرقة موسيقية باسم ( a.e.r.a quartett) وتضمنت عدة عازفين على آلات مختلفة؛ “الفيولا والدرامز” والعود الخاص بـ القماش، بالإضافة إلى آلات Ardhi التي اخترعها بنفسه.
ونتج عن عمل الفرقة إصدار CD يحمل اسم ( Helwe hey) إضافةً إلى حفلات عديدة في ألمانيا.
ثم تتالت العروض الموسيقية المقدمة للــ قماش وكان أهمها الدعوة للعزف بشكل منفرد (Solo) مع أوركسترا (8Philharmonischen Orchester des Staatstheaters Cottbus,) حيثُ ألف قائد الأوركسترا ” Evan Christ” كونشرتو يجمع آلة العود والسوبرانو، ويصف “أباذر” تلك المقطوعة بأنها “معقدة” ويُعيد ذلك إلى أن “الموسيقيين الغربيين يفتقرون للخبرة بالتعامل مع الآلات الشرقية، ولذلك لا يستطيعون تفكيك المقطوعات الموسيقية الخاصة بها بالطريقة ذاتها التي نفعلها نحن”.
ويتابع السيد قماش “تواصل قائد الأوركسترا مع المعهد العالي للموسيقى في ميونخ، وسأل عن عازف على آلة العود، فاقترح عليه المعهد أن يتواصل معي، وبعد اطلاعي على النوتة أبلغتُه أنني أستطيعُ عزفها”.
وشارك في كونشيرتو العود و السوبرانو بمرافقة الاوركسترا ، في مسرح ( Staats theater cottbus ) بعد بروفات استمرت لأسبوعين فقط لا أكثر.
وفي تجربة مميزة أُخرى يتحدث “أباذر” عن لقائه بـــ المؤلف الموسيقي الألماني (Enjott Schneider ) مدير قسم ( الأوركل) في المعهد العالي للموسيقى في ميونخ، والذي قام بتأليف مقطوعتين موسيقيتين خاصتين بآلة العود، ويشير القماش أنّ الأولى كانت قبل لقائهما، بينما المقطوعة الثانية ألفها (Enjott Schneider) بعد أن استوحاها من جلسة طويلة معه، تخللها عزف عدة تقاسيم وحديث حول آلية التعامل مع المقطوعات الشرقية والآلات الخاصة بها.
كما أسس فرقة موسيقية(Ogaro Ensemble) مع عدد من الموسيقيين، تُقدم موسيقى تقليدية من كل الثقافات حول العالم؛ الموسيقى العربية واليونانية والتركية وعدة أنواع أُخرى أيضاً.
بدأ الــ قماش العزف على العود ” سماعي” في عمر الـ 13 ثم تدرّب لدى أساتذة مختصين في عمر الــ 16 بعد انتقال عائلته من القرية إلى مدينة السويداء.
ودخل المعهد العالي للموسيقى في دمشق عام 2010 ليدرس العود بشكل احترافي على يد الموسيقي ” عصام رافع”، ويقول أباذر إن ” التدريب كان يومياً لمدة تتراوح بين خمس إلى ست ساعات طوال العام الأول” على آلة العود إضافة إلى آلة إلزامية ( البيانو) وفي السنة الثالثة طلب إضافة آلة (التشيلو ) ومع موافقة أساتذة المعهد استطاع دراستها أيضاً.
في السويداء أسس فرقة (دفا) التي أقامت عدداً من الحفلات الموسيقية، بالإضافة إلى معهد ( بيت الفن) لتدريس الموسيقى وتضمن كذلك قسماً للرسم، بمشاركة الأستاذ ” أدهم الشعار” وقام بتدريب عدداً كبيراً من الطلاب، من أعمار مختلفة.
وفي نهاية عام 2015 خرج أباذر من سورية، وكان أحد أسباب سفره، أنه طُلب إلى الخدمة الإلزامية في الجيش، وعن ذلك يقول أباذر ” أنا موسيقي لا يمكن أن أحمل سلاحاً“.
وحتى هذه اللحظة لم يكتفِ بكل ما قدمه، بل إنه يعمل على تطوير معرفته الموسيقية ويُتابع دراسته ( ماجستير موسيقى عالمية) في الجامعة ذاتها التي يُدَرس فيها Stiftung universität hildesheim.