طرابلس – الناس نيوز :
تشكلت في ليبيا حكومة وحدة جديدة يقودها رجل الأعمال عبد الحميد الدبيبة، تولدت عن مسار حوار سياسي برعاية الأمم المتحدة، ونالت ثقة البرلمان الأربعاء في تصويت “تاريخي”.
وفق خريطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة وقادت إلى تعيين الدبيبة بداية شباط/فبراير في جنيف مع مجلس رئاسي من ثلاثة أعضاء، يجب على السلطة التنفيذية الجديدة توحيد المؤسسات لإخراج البلاد من النزاع الذي اكتسب أبعادا دولية وقيادة الانتقال حتى تنظيم انتخابات في 24 كانون الأول/ديسمبر.
– ما هي الخطوات القادمة؟ –
يؤدي عبد الحميد الدبيبة (61 عاما) اليمين الاثنين في بنغازي (شرق) مهد الثورة ضد نظام معمر القذافي عام 2011.
أعربت حكومة الوفاق الوطني المنتهية ولايتها والتي يقودها فايز السراج عن “الاستعداد التام” لتسليم السلطة. وتتخذ هذه الحكومة طرابلس مقرا منذ تشكيلها عام 2016 إثر مسار رعته الأمم المتحدة، لكنها لم تحصل على ثقة البرلمان وطعنت بالتالي السلطات الموازية في شرق البلاد في شرعيتها.
ويفترض أن تحل حكومة الدبيبة، وهو من وجهاء مدينة مصراتة الساحلية (غرب)، محل حكومة الوفاق الوطني والحكومة الموازية بقيادة عبد الله الثني التي تدير إقليم برقة (شرق) الواقع تحت السيطرة الفعليّة لقوات المشير خليفة حفتر.
ورحب الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء الخميس بمنح البرلمان ثقته للحكومة الجديدة، لكنّه لوّح بفرض عقوبات على كل من ينتهك اتفاق وقف إطلاق النار القائم.
في تصريح لفرانس برس، رأى الباحث في منظمة “المبادرة العالمية” في جنيف جلال حرشاوي أنه لا توجد عقبات منتظرة أمام تسليم السلطة، إذ إن “فصائل طرابلس الموالية للسراج تؤيد الدبيبة، ومن المستبعد أن يحاول السراج البقاء لأن ذلك مستحيل دون حماية تلك الفصائل”.
وفق خريطة الطريق الأممية، يجب على حكومة الدبيبة إثر ذلك “القيام بالتحضيرات اللازمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية” المقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر، وهو تاريخ انتهاء مهمّتها.
– ما هي أبرز التحديات المحتملة؟ –
يجب على الحكومة الموحّدة تلبية التطلعات الملحة لليبيين، لا سيما الانقطاع المتكرر للكهرباء ونقص السيولة النقدية والتضخّم المستفحل بعد عقد من الفوضى.
التزم الدبيبة بحلّ أزمة انقطاع الكهرباء خلال ستة أشهر، كما وعد بمكافحة الفساد ووباء كورونا مع تزايد الانتقادات حول طريقة التعامل معه.
من جهته، رأى الباحث في معهد “فيريسك مابلكروفت” هاميش كينير أن تشكيل حكومة موحّدة “بشرى لقطاع النفط الليبي الذي يمكن أن يستفيد من تعزيز الاستقرار السياسي”.
وكان تقسيم العوائد النفطية التي يعتمد عليها البلد بشكل شبه كليّ يمثل إحدى أهم نقاط الخلاف بين شرق البلاد وغربها.
وفي تقدير كينير فإنه بناء على “التعاون الظاهر” لعبد الحميد الدبيبة مع خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح، “من المرجح التوصل قريبا إلى آلية توزيع” للعوائد.
من جهة أخرى، يبدو تفكيك الفصائل المسلحة مسألة جوهرية لتهدئة الأوضاع، لكن الباحث نبه إلى أن بعضها “سيكون مترددا في التخلي عن السلاح والاستقلالية”.
– ما هي فرص النجاح؟ –
ذكّر كينير أن ما يميّز حكومة الدبيبة عن سابقاتها التي فشلت هي كونها “أول حكومة موحّدة في ليبيا منذ 2014”. ومنحها الثقة بوصفها “الحكومة الليبية الشرعية خطوة كبيرة إلى الأمام في جهود إعادة التوحيد”.
لكن يجب على الحكومة الجديدة أن تتعامل مع التدخلات الخارجية.
حظيت حكومة الوفاق الوطني بدعم من تركيا التي دعمتها عسكريا في صدّ الهجوم الذي أطلقه حفتر على غرب البلاد في نيسان/ابريل 2019. واستفاد هذا الأخير خاصة من دعم روسيا والإمارات.
ورأى المحلّل أن الوضع لن يتغيّر لأن التدخل الروسي والتركي “سوف يستمر”.
وأضاف أن “هاتين القوتين تأملان جني ثمار مغامرتهما العسكرية في البلد الغني بالنفط في شكل عقود مهمّة في مجال الطاقة والبناء والتسليح”. إضافة إلى ذلك “سيستمر أيضا التدخل العسكري الإماراتي الداعم للمشير حفتر”.
يجب على الدبيبة أيضا العمل على إخراج 20 ألف مقاتل مرتزق من ليبيا.
تطالب الأمم المتحدة ودول غربية عديدة والولايات المتحدة منذ أشهر بمغادرة القوات الأجنبية من البلاد.
ويلعب التوقيت لصالح الحكومة الجديدة، فقد سئم الليبيون الانقسامات، كما تتزايد الدعوات لإنهاء وجود القوات الأجنبية وبعضها قادم من النخبة السياسية الليبيّة.