ربى السمان – الناس نيوز
ولد الفنان السوري محمد أحمد حرب المعروف باسم أبو صبحي التيناوي، في دمشق ستة 1884 وتفي فيها سنة 1973. كانت مهنته بائع أدوات مطبخ (عصرونية)، وتقع دكانه في دمشق، منطقة باب الجابية، حارة الهنود.
لم ينلٌ التيناوي تعليما يذكر، ولكن أباه كان يقوم برسم الرسومات الشعبية، فتأثر به ابنه وتعلق بالفن.
تطور موهبته
نمت موهبة الرسم عنده بفضل عاملين: الأول أن أباه كان يكلفه أحيانا بتلوين بعض لوحاته في يفاعته، والثاني حبه لقصص التراث وتعلقه بها، وخاصة تلك التي كان يرويها الحكواتي في القهوة، كقصة الزير سالم و عنتر وعبلة و أبو زيد الهلالي و غيرهم من السير الشعبية التي تناقلتها الأجيال الماضية و كانت سببا في تسليتهم و إطلاق خيالهم و تأجيج الحماس و روح البطولة عندهم.
بدأت هواية التيناوي بتشخيصه لمشاهد وأحداث من تلك الروايات وتحويلها الى رسوم على القماش اولا ثم رسمها على خلفية لوح زجاجي، حيث يرسم خطوطها العامة باللون الأسود ومن ثم يلونها ويؤطرها بإطار خشبي بسيط لتُعلق بوجهها المعاكس كلوحة حائط. وكان يضع توقيعه الشهير عليها والذي يبدو كخط طالب في الابتدائية، كونه شبه أمي ولكن ايضا لانه كان يكتبه بالجهة المعاكسة على الزجاج لكي يظهر مقروءاً عند قلب اللوحة. و نجد له لوحات موقعة باسمه فقط او مضاف عليها عنوانه (باب الجابية، حارة الهنود)، و أيضا كلمة دمشق، سوريا و احيانا التاريخ بالهجري أو الغربي. كما يكتب على لوحاته كلمات متفرقة كأسماء الأبطال و يزينها دوماً بالنباتات و الحيوانات.
و تذكرنا لوحاته برسومات يحيى إبن محمد الواسطي التي زينت كتاب كليلة و دمنه و مقامات الحريري في القرن الثالث عشر الميلادي.
لفت أنظار الفرنسيين أولا
لفتت لوحاته تلك التي أصبح يعرضها في دكانه أنظار الفرنسيين الذين كانوا يقطنون دمشق فترة الانتداب و اصبحوا يقصدونه لإقتنائها. محليًا لم يحظَ بتقدير كبير إلا لاحقا في حياته. وقد أنتج التلفزيون السوري فيلمًا قصيرًا عنه مدته ١٠ دقائق عرض بعد وفاته. وبعد أن وصلت عدة من لوحاته الى متاحف العالم.
ولكثرة الطلب الأجنبي على إنتاجه الفني، قام السيد حسان الذهبي الذي يملك دكانًا لبيع التحف للأجانب، ويبيع فيه لوحات التيناوي أيضاً، قام بتحويلها لأعمال مطبوعة على القماش حيث يلونها باليد. كما وصلت شهرته الى بيروت حيث كان وسطاء الفن يشترون أعماله ويبيعونها للأجانب.
أصدرت سوريا عام ١٩٧٠ مجموعة طوابع تتألف من خمسة من أشهر رسوماته ستجدونها مع مجموعة الصور هنا، كما استًعمِلت بعضها كصور خلفية بطاقات يانصيب معرض دمشق الدولي في عدة دورات له.
مؤخرًا، وكما ذكر المرحوم الذهبي في مقابلة أجرتها معه السيدة رانيا قطف، على Humans of Damascus سنة ٢٠١٨، قام مسؤول مبيعات فندق حياة ريجنسي بطلب تكبير وطبع عدة لوحات للتيناوي لتستعمل كزينة جدارية للفندق في فرعه في إحدى إمارات الخليج العربي و قد قام السيد الذهبي بتنفيذ العملية.
كذلك قامت مؤسسة الأتاسي Atassi Foundation باقتناء عدة لوحات أصلية له وعرضتها مع لوحات أخرى لفنانين سوريين بمعرض فني أقيم في دبي سنة ٢٠١٦ بهدف التعريف بهم والحفاظ لى هذا الإرث الفني الهام.
واليوم يمكن لمن يذهب منكم الى قهوة النوفرة الشهيرة بجانب الجامع الأموي أن يرى لوحاته معلقة على الحائط خلف كرسي الحكواتي.
أصبح هناك اهتمام كبير بفنه مع الوقت، حيث يعتبر على بساطة تقنياته الغنية أبو فن الرسم الشعبي الفولكلوري السوري، وقد قام عدة طلاب جامعه و دراسات عليا باختياره كموضوع رسالة تخرجهم.
صور في رسومه على الزجاج أو القماش شخصيات من مثل عنتر وعبلة، وأبو زيد الهلالي، والظاهر ببيريس. وجعل في بعضها مضمونا دينيا، فنرى البراق (وهو الحصان الذي عرج به النبي محمد) في واحدة و محمل الحج في أخرى، و تلك هي حاليا من مقتنيات متحف مدينة مارسي الفرنسية. وهناك أيضا صورة مجموعة الطوابع الخمسة والتي ما زالت متوفرة عند تجار الطوابع في سوريا، و بضعة صور من أوراق يانصيب معرض دمشق الدولي التي تحمل رسومه.