أحمد هنداوي: النحت على الخشب نحت على كائن حي

بثينة الخليل – الناس نيوز ::

بأدوات بسيطة وبرشاقة يتنقل أحمد هنداوي بين الخطوط والمنحوتات، لينقش التفاصيل الدقيقة بشكل يشد الناظرين ويدهشهم.

بيديه يحفر وينقش هنداوي على الخشب، ليحول ما في خياله وتفكيره إلى أعمال فنية، موضوعها الأساسي إحياء التراث بالزخارف والخط العربي.

جريدة “الناس نيوز” أجرت هذا الحوار مع أحمد هنداوي، الفنان التشكيلي، المصور والنحات، لتعرف منه ما هو فن الحفر على الخشب، وما حكايته معه.

من هو الفنان أحمد هنداوي؟

أنا مصور ونحات وفنان تشكيلي من مدينة حلب، درست الفنون الجميلة في مركز “محمد فتحي” في حلب، شاركت في العديد من المعارض الفنية في سوريا ومصر وتركيا، وأقيم حالياً في مدينة مرسين التركية.

إلى أي حد تظهر البيئة التي عشت فيها في طفولتك في أعمالك؟

كوني من مدينة عريقة جداً هي حلب بغناها وتنوعها الثقافي والمعماري وعمقها التاريخي الكبير، زودني بمخزون فني كبير. ففي لاوعيي تفاصيل الحارات التي كنت أعيش بها، بأبواب ونوافذ بيوتها الخشبية المميزة، وبمساجدها التي تجسد فن العمارة الإسلامية من حيث شكل الأعمدة والقباب والزخارف والخطوط، وبكنائسها وما فيها من نقوش وتماثيل ومنحوتات، وبمدارسها وما فيها من ساحات وأثاث ونوافذ مزينة.

ما الذي جذبك إلى فن النحت على الخشب؟

الخشب من أقدم المواد التي استخدمت في النحت، ولأن الخشب يأتي من الشجرة وهي كائن حي يولد وينمو ويهرم، فإن للخشب جاذبية خاصة تميزه عن غيره من الخامات. عندما أتعامل مع الخشب أشعر أنه قريب جداً لي، أشعر كأنني أتعامل مع كائن حي، له رائحة وملمس خاص يختلف عن المعادن أو الصخر أو الغرانيت.

كيف بدأت رحلتك في هذا المجال؟

بدأت رحلتي منذ كنت في الخامسة عشر من عمري، فعندما كنت أنتهي من المدرسة وتبدأ إجازة الصيف، كنت أذهب للعمل في ورشة للحفر على الخشب والموبيليا، ومن هنا بدأت أكتشف ميولي نحو الرسم والخط العربي والنحت على الخشب الذي أعتبره هو من أدخلني لعالم الفن والإبداع.

يستخدم الفنانون مجموعة من التقنيات المختلفة للنحت على الخشب، ماهي تقنيات أحمد هنداوي التي يستخدمها في عمله؟

يحتاج هذا الفن لمهارات يدوية عالية، إنه فن حرفي يتطلب دقة وإتقاناً في التعامل مع الخشب وأدوات النحت، وعلى الرغم من دخول الآلات الحديثة لهذا العمل، لكن يبقى هذا النوع من الفن يعتمد بشكل أساسي على مهارات اليد والقوة الجسدية والتركيز العالي، فاللمسة الأخيرة من الضروري أن تكون عن طريق العمل اليدوي سواء بمرحلة إخراج اللون أو مرحلة التنعيم أو الصباغ. إنني أميل لاستخدام الأيدي، ولا أميل لاستخدام الآلات.

ماهي التحديات التي يواجهها فنان الحفر على الخشب؟

تواجهنا في عملنا الكثير من العقبات والتحديات، ومعظمها سهل التخطي، لكن يظل التحدي الأول والأهم في إيجاد أفكار جديدة بشكل دائم، وثانياً تحدي إيجاد نوع الخشب المناسب لهذه الأفكار.

ما هي أنواع الأخشاب؟

من يتعلم النحت على الخشب يجب عليه أن يعرف أنواع الأخشاب والفرق بينها في اللون والمساحة وخاصة في القسوة.. فالأخشاب أنواع كثيرة، منها النوع القاسي الصلب وهذا مفضل للنحت، وهناك أنواع لينة لا تصلح للنحت وإنما للأسطح، وتستخدم أحيانا لملء المساحات في القطعة، بحيث تكون التفاصيل (عرق الخشب) واضحة، أما عندما يكون العمل عبارة عن نحت بارز فيستخدم الخشب الصلب.

يجب على النحات أن يدرس الخشب جيداً من حيث صلابته ومدى تأثره بالعوامل الجوية، وعليه أن يمارس هذه الحرفة (الفن)، ويتعلمها ضمن ورشة.

ما هو الفرق بين النحت على الخشب والنحت على المعدن؟

هناك اختلاف كبير بينهما، النحت على الخشب سهل وفيه روح، واستخدام كبير للأيدي، أما النحت على المعدن فهو بحاجة إلى معدات تقنية آلية. حاليا أنا أعمل على تقنية تطويع المعادن لإخراج عمل فني يدوي.

هل لديك أعمال فنية مفضلة قمت بإنشائها؟ وهل أدخلت أساليب جديدة في فنك؟

ليس لدي عمل أفضله عن الآخر، وكلما أنتج قطعة أشعر بأنني أضفت على أعمالي السابقة، فعملي المفضل هو الذي لم أنتجه بعد.

أحاول دائماً أن يكون لدي أساليب وتقنيات جديدة في هذا الفن، وإحدى التقنيات التي أركز عليها في الوقت الحالي هي دمج المعادن مع المنحوتات الخشبية. حيث بدأت بدمج النحاس بالخشب، ثم دمج الفضة بالخشب، وحالياً أعمل على دمج خامتين نقيضتين لبعضهما البعض وهما الذهب مع الخشب، أعتقد أن هذه التقنيات تزيد من قيمة العمل الفني وجماليته، وتمنحني أفقاً واسعاً في الابتكار.

هل لديك اهتمامات أخرى؟ وماهي مشاريعك القادمة؟

اهتماماتي الأخرى وفي الدرجة الأولى التصوير، فأنا في الأساس فنان بصري، وعيني دائماً هي التي توجهني.. بالنسبة للمشاريع في كل يوم يولد لدي شيء جديد، لقد عاصرت الفنانين الكلاسيكيين، وحالياً أراقب الفن الحديث إلى أين هو ذاهب. دوماً أحاول أن أكون نقطة التقاء بين الجيلين. والفن بالنسبة لي هو نمط حياتي وجزء أساسي من هويتي.