كييف – الناس نيوز ::
حذرت أوكرانيا من أن الطرق البديلة لتصدير الحبوب لن تكون كافية لتجنب حدوث أزمة غذاء عالمية، في وقت تخضع موانئ البلاد على البحر الأسود تحت سلطة روسيا.
وبحسب وكالة “بلومبيرج” للأنباء، قال أولكسندر كوبراكوف، وزير البنية التحتية الأوكراني، في تصريحات أمس، إن الطرق البديلة لتصدير الحبوب من البلاد لن تكفي لتحل محل موانئ البحر الأسود، التي تحاصرها روسيا، محذرا من نقص حاد في الغذاء العالمي، وأضاف: “لن تغطي كل أنشطتنا حتى 20 في المائة، ما يمكننا القيام به عبر موانئ البحر الأسود”.
ومنذ الحرب توقفت شحنات الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر السوداء، كما أن هناك أكثر من 20 مليون طن من الحبوب عالقة في صوامع، إذ أدت الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا وسلسلة العقوبات على موسكو إلى اضطراب في تصدير الأسمدة أيضا وغيرها من السلع الأساسية من البلدين.
ودفع ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار الحبوب في إفريقيا، ما فاقم تداعيات النزاع والتغير المناخي وأثار مخاوف من وقوع اضطرابات اجتماعية.
بدوره، قال الرئيس السنغالي، الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي ماكي سال، عقب اجتماع بالرئيس بوتين، “قسم كبير من البشرية يبدي اهتماما كبيرا بما يحصل” في أوكرانيا هناك ضرورة لتسهيل عمليات تصدير الحبوب والأسمدة.
وأوضح رئيس الاتحاد الإفريقي أنه سعى إلى إبلاغ بوتين بأن الدول الإفريقية “على الرغم من بعدها عن مسرح الحرب هي ضحايا لهذه الأزمة على المستوى الاقتصادي” والبعثة الدبلوماسية التي زارت روسيا بعد مرور أربعة أشهر على توليه رئاسة الاتحاد الإفريقي لولاية تستمر عاما واحدا، تندرج في إطار سلسلة جهود يبذلها الرئيس السنغالي على مستوى العالم.
وقد طالب بمنح إفريقيا مقعدين دائمين في مجلس الأمن الدولي ودعا إلى ضم الاتحاد الإفريقي إلى مجموعة العشرين، وطالب بإصلاح منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لإتاحة قروض أطول أمدا للبلدان الإفريقية.
ورأى مؤسس مركز أفريكاجوم للأبحاث أليون تيني أن “قيادة” سال للاتحاد الإفريقي “جيدة”، مشيرا إلى أن الرئيس السنغالي “يحرص على إسماع صوت القارة الإفريقية بكل وضوح في العالم”. وعد أن “بعثة سال إلى أوروبا غير مسبوقة على الإطلاق”.
وقال تيني “عادة ينخرط الأوروبيون في الحروب الإفريقية، الآن إذا اضطلع أفارقة بدور وساطة فهذا الأمر ممتاز”. وتستورد 12 دولة إفريقية بينها السنغال من روسيا وأوكرانيا نصف احتياجاتها على الأقل من القمح، وفق منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، وتعاني دول عدة من تداعيات تأخر تصدير الحبوب وارتفاع أسعار الوقود.
وقال سال في مؤتمر صحافي عقده أخيرا مع المستشار الألماني أولاف شولتس إن الدول الإفريقية تشهد انقساما حادا حول النزاع الدائر في أوكرانيا، مجددا الدعوة إلى وقف إطلاق النار.
وأضاف “من أجل إفريقيا نريد السلام .. نريد السلام وإن كنا ندين الحرب”، علما بأنه لم يعمد على الصعيد الشخصي لإدانة روسيا صراحة.
وكانت السنغال قد امتنعت في الثاني من آذار (مارس) عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على نص يطالب “روسيا بالتوقف فورا عن استعمال القوة ضد أوكرانيا”، لكن السنغال صوتت في 24 آذار (مارس) على قرار ثان يطالب روسيا بوقف الحرب فورا، وامتنع نصف الدول الإفريقية تقريبا عن التصويت على النصين.
في الأعوام الأخيرة عززت روسيا حضورها في إفريقيا عبر إقامة تحالفات عسكرية وإبرام صفقات أسلحة، ففي 2019 استضاف بوتين عشرات القادة الأفارقة في سوتشي في مسعى لإعادة ترسيخ النفوذ الروسي في القارة.
وقال إبراهيم نايي، المحلل في مركز الديمقراطية والتنمية ومقره ليبيريا إن “أهداف الرئيس ماكي سال نبيلة جدا، لكن لا يمكنه إصلاح الأمم المتحدة ومجموعة السبع ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي خلال ستة أشهر”. وتابع “أعتقد أنه يتعين على الاتحاد الإفريقي أن يتصدى لهذه المسائل خطوة بخطوة، وأن يحدد أولوياته فيها، ومجلس الأمن الدولي هو المنظمة الدولية ذات التأثير الأكبر”.
وقال سال في كلمة ألقاها أخيرا أمام قادة أفارقة إنه يسعى لتمثيل إفريقيا بعضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي وإلا إصلاح الأنظمة بما يحول دون تمكن دولة بمفردها من نقض القرارات باستخدام حق الفيتو.
وأضاف بأن القضايا الإفريقية تشكل 70 في المائة، من المسائل المطروحة على مجلس الأمن، وقال المستشار مباي بابكر ديوب ومقره السنغال يجب إسماع صوت إفريقيا، نحن أكثر من مليار شخص.
وأفاد تيني “لطالما اضطلعت السنغال بدور دبلوماسي كبير منذ أول رئيس للبلاد ليوبولد سيدار سنجور”، لكن محللين يعدون أنه يتعين على سال أن يحرص على ترتيب بيته الداخلي للحفاظ على شرعية في الخارج.
وقال متحدث بالأمم المتحدة إن مارتن جريفيث، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة بالأمم المتحدة أجرى محادثات “صريحة وبناءة” مع المسؤولين الروس تركزت حول تسهيل صادرات الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود، وأضاف المتحدث ستيفان دوجاريك أن جريفيث اجتمع مع مسؤولين معنيين بالشؤون الخارجية والدفاع أثناء زيارته موسكو الخميس والجمعة.
وقال فاسيلي نيبينزيا، سفير روسيا في الأمم المتحدة “قلنا بوضوح ما يمكننا أن نفعله وما لا يمكننا فعله، لم نزرع ألغاما في المنطقة الساحلية، إنما زرعها الأوكرانيون. إذا نزعوا الألغام من المنطقة فنحن على استعداد لتوفير الممر الآمن للسفن، التي تحمل الحبوب”.
وعندما سئل عما إذا كان يمكن التوصل إلى ترتيب أمني للسماح بإزالة الألغام، قال نيبينزيا إن سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي يعتزم مناقشة القضية عندما يزور تركيا الأسبوع المقبل.
وجاءت زيارة جريفيث لروسيا بعد أيام من إجراء ريبيكا جرينسبان، المسؤولة الكبيرة بالأمم المتحدة محادثات “بناءة” في موسكو حول الإسراع بصادرات الحبوب والأسمدة الروسية. وتقول روسيا إن تلك الصادرات تضررت بسبب العقوبات الغربية.
ويحاول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش التوسط للتوصل لاتفاق لاستئناف صادرات الأغذية الأوكرانية وصادرات الأغذية والأسمدة الروسية. وقال في تصريحات إن أي اتفاق لاستئناف شحنات السلع مثل الحبوب ما زال بعيدا إلى حد ما.