يتزايد في منطقة الخليج خطر مواجهة مسلحة بين الولايات المتحدة وإيران، وخاصة فيما يتعلق بالزوارق البحرية.
وقبل أيام قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه أمر البحرية الأمريكية بإطلاق النار على أي زوارق إيرانية تتحرش بسفن بلاده. ويأتي ذلك بعد أيام من اقتراب 11 زورقا تابعا لبحرية الحرس الثوري الإيراني من سفن أمريكية في مياه الخليج.
وعلى الرغم من أن البحرية الأمريكية تتمتع بسلطة اتخاذ قرار الدفاع عن نفسها، تبدو تصريحات ترامب ذات أهداف أخرى، وقد تزيد حدة التوتر بين إيران والولايات المتحدة على الأرجح.
بالمقابل، كشفت تقارير صحفية إيرانية، الخميس، عن قرار إيراني قد يشعل الخليج وذلك في ظل الشحن المستمر بين الأطراف في المنطقة.
وقالت التقارير إن المرشد الأعلى لإيران، أصدر قرارا قد يشعل الخليج حيث طالب بتهيئة جزر في الخليج متنازع عليها لتكون صالحة للسكن.
ووفقا لقائد عسكري رفيع المستوى فإن المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي أمر بجعل جزر في الخليج جزرا صالحة للسكن بحسب ما ذكرته وكالة فارس الإيرانية للأنباء.
وقال الأدميرال علي رضا تنغسيري قائد سلاح البحرية في الحرس الثوري الإيراني، أن هناك اعتزام لبناء بنى تحتية لتسهيل حياة المواطنين بناءا على أوامر خامنئي ليعيش الناس في تلك الجزر.
مركز كارنيغي للأبحاث استطلع آراء مجموعة من الخبراء حول النتائج المحتملة لمثل هذا الصدام.
رندا سليم: من غير المحتمل قيام حرب شاملة
وقالت رندا سليم، مديرة برنامج حل النزاعات وحوارات المسار الثاني في مؤسسة الشرق الأوسط في واشنطن، إن من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت تغريدة الرئيس دونالد ترامب في 22 نيسان/أبريل من أنه أمر البحرية الأميركية بـ”إطلاق النار وتدمير” الزوارق الحربية الإيرانية التي تضايق السفن الحربية الأميركية في الخليج، تعني أن تغييراً طرأ في قواعد الاشتباك القائمة راهناً. هذه القواعد يُوجهها حق الدفاع عن النفس وتحديد النوايا والأعماال العدائية. حتى الآن، كانت البحرية الأميركية ترد على مضايقات الزوارق الحربية للحرس الثوري الإسلامي الإيراني بأعمال تصعيدية، تشمل بث التحذيرات عبر الأثير وكذلك إطلاق طلقات تحذيرية. أما القرار بتصعيد يتجاوز التحذيرات، بما في ذلك إغراق الزوراق الحربية الإيرانية، فهو يُترك عادة لقائد السفينة العسكرية المعني.
واضافت سليم أنه إذا ما حدث هذا التصعيد، من غير المحتمل أن يؤدي إلى حرب شاملة، أساساً لأن قادة الولايات المتحدة وإيران لا يريدون الحرب. هناك بالطبع مسؤولون كبار في إدارة ترامب يجادلون بأن الحرب مع إيران ستسفر عن تغيير النظام في طهران، وهناك مسؤولون في الحرس الثوري يقولون إن المجابهة العسكرية ستكون مكلفة للغاية للولايات المتحدة وستؤدي إلى نهاية وجودها العسكري في الشرق الأوسط. لكن في حين أن سياسة أقصى درجات الضغط التي تمارسها إدارة ترامب لم تنجح في ردع العدوانية الإيرانية، إلا أن طهران ضبطت تصعيدها المتزايد ضد أصول وحلفاء الولايات المتحدة لتجنُّب أن يؤدي ذلك إلى نشوب نزاع عسكري أكبر مع واشنطن.
على أي حال، تضيف سليم، إذا لم يؤدِّ قتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني، إلى حرب شاملة، فمن غير المحتمل أن تسفر خسارة الحرس لبضع زوارق حربية في مياه الخليج عن مثل هذه الحرب أيضا.
ريتشارد بيتزنغر: الهجمات ستُلحق أضراراً فادحة وربما خسائر في الأرواح
أما ريتشارد أ. بيتزنغر، الباحث في كلية أس راجاراتنمام للدراسات الدولية في سنغافورة فرأى أنه إذا ماقررت البحرية الأميركية مهاجمة الزوارق الحربية الإيرانية، فقد يقود ذلك بسهولة إلى تصعيد العداوات. ويمكن لإيران أن تهاجم بأسراب من العديد من هذه الزوارق، الأمر الذي يجعل من الصعب على القوات البحرية الأميركية الدفاع عن نفسها. بالطبع، من المشكوك به أن تكون القوات الإيرانية قادرة على إغراق سفينة حربية أميركية، لكن مثل هذه الهجمات في وسعها أن تُلحق أضراراً فادحة وربما خسائر في الأرواح. وحينها، إذا ما قررت البحرية الأميركية رفع وتيرة التحدي، من خلال استهداف الموانئ والمنشآت البحرية الإيرانية، على سبيل المثال، يمكن أن يتدهور الوضع إلى نزاع دموي أعنف.
مارا كارلين: يمكن للقوات البحرية والجوية الأميركية بسهولة أن تدمّر السفن الإيرانية وأنظمة الرادار التابعة لها
وقالت مارا كارلين، زميلة أولى في مؤسسة بروكينغز في واشنطن العاصمة إن التغريدة/التصريح التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب بأن البحرية الأميركية قد “تطلق النار وتدمّر أي وكل الزوارق الحربية الإيرنية إذا ما ضايقت سفننا في البحر”، أعاد تسليط الضوء على مسألة الأمن البحري في الخليج. لكن، إذا ما وضعنا جانباً الفوضى العارمة التي لا مفر منها التي تفرضها ممارسة “السياسة عبر التغريد”، يمكن فهم هذه الخطوة الأخيرة على أنها جهد لإعادة تثبيت الردع، من خلال تذكير إيران بالقدرات الفائقة للبحرية الأميركية بالمقارنة مع زميلتها الإيرانية.
الآن، إذا ما تلقّت البحرية الأميركية توجيهات قواعد اشتباك واضحة، وإذا ما قامت البحرية الإيرانية بخطوات كبيرة، ومتعمدة، وتُعزى إليها، لإلحاق ضرر واسع بأصول وأرواح أميركية في البحر، يمكن للقوات البحرية والجوية الأميركية بسهولة أن تدمّر السفن الإيرانية وأنظمة الرادار التابعة لها. بيد أن القيام بذلك سيكون بمثابة قصر نظر من جانب البحرية الإيرانية، لأن كلاً من الجيش الإيراني وأتباعه سبق أن عملوا بفعالية وأربكوا بمهارة ردود الفعل الأميركية، حين كانوا ينشطون بدلاً من ذلك في منطقة رمادية، فأعاقوا وخلقوا الاضطراب في أي عمل عسكري أميركي ذي معنى.