رنا المحمود – الناس نيوز ::
مررنا على محلات الذهب في المباركية أوائل الثمانينيات، أمي تزهر وتزداد جمالاً حين تزدان بقطع الذهب الجميلة، تنبض فرحاً ولا أزال أتذكر كيف تعني لها كل قطعة مهما غلا سعرها. تناقش في أصل المعدن وحرفية الفنان الذي أنتج تلك الحُلي.
آه أمي.
وهي قد تكون والدتك أيضاً!
الزمن الجميل الذي احتضن معاني رائعة لسيدات ثابرن على تربية الأبناء وتواجدهم في مجتمعات مختلفة لا يمنع أبداً تعلّقهنّ بالحُلي.
لم أكن في ذاك الوقت كغيري من المراهقين أفكر في الذهب واقتنائه، ليس من العادات التي كنت أفكر فيها آنذاك، لكن الزمن كفيل أن تعود تلك العادات تغزو حياتنا المعاصرة.
اختلفت الأزمنة ولا تزال أساور أمي في مخيلتي. وكأنني فقدت أمي مرات عديدة. مهما اقتنيت من معادن غلا سعرها أو قل، ما تزال تلك الأساور الغالية والجميلة تراود أحلامي، لكني أسكتها حين انشغلت بحياة كلها تغيرات وتحديات.
وفي يوم من الأيام، خلال عملي، تقدم إلي رجل مسن من جنسية ما، وأعطاني صرّة صغيرة، من بين فتحاتها الصغيرة بعض اللمعان، لم أفكر كثيراً فبدأت أنظر ما بداخلها، حين ظهرت أمامي أساور لؤلؤية اللون شفافة لها رنين خاص بها، وكالطفلة التي فرحت بهدية من مجهول لم أنتظر بل ارتديتها وسعدت وكأنهن أساور أمي.
تلك الأساور التقليد لم تكن ذهباً ولا فضة ولا معدناً، لكنها أدخلت السعادة إلى قلبي، لقد عادت ذكرى أمي، وعاد تعلقي بالأساور.
شكرته فهي هدية عينية ترمز إلى اهتمام عملائنا بخدماتنا، لم تعنِ لي أكثر من ذلك.
لكن أثرها أعاد نبضي الأنثوي، واهتمامي الذي كدت أن أفقده، في خضم هذه الحياة ومجرياتها.