واشنطن – الناس نيوز ::
تشهد أسواق الطاقة العالمية اضطراباً كبيراً، بسبب العقوبات الغربية ضد روسيا، التي تُعد من كبار منتجي النفط والغاز في العالم، عقب غزوها أوكرانيا قبل شهر، لكن لن يستمر هذا الوضع كثيراً، إذ ستتكيف الأسواق مع غياب روسيا على المدى المتوسط.
وتوقع الصحفي الأميركي “كن سيلفرستين Ken Silverstein” في مقال نشرته مجلة فوربس، أن تخسر موسكو أسواقها، خلال السنوات المقبلة، بعد شنها حرباً على أوكرانيا، لتحل دول مثل أستراليا والولايات المتحدة وقطر، مكانها في قطاع الغاز الطبيعي، بينما تضخ دول الشرق الأوسط نفطها في أسواق الخام، خاصة أنها طالما بحثت عن أسواق جديدة.
كما توقع الكاتب الأميركي أن تستطيع دول، مثل أستراليا، وكندا، وناميبيا، إضافة إلى النيجر، أن تأخذ مكان روسيا في مجال توريد اليورانيوم.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد صرح بأن العقوبات الاقتصادية ضد روسيا تعني عزل رئيسها فلاديمير بوتين، حتى عن شعبه، ما يؤدي في النهاية إلى خلو موسكو من تلك القيادة “التي تضرب كييف بوحشية حالياً”.
جاء ذلك خلال زيارة بايدن إلى بولندا، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي، وأيضاً في حلف الناتو.
ويرى الكاتب كن سيلفرستين أن تلك العقوبات لن تخرج الرئيس بوتين من قيادة روسيا فحسب، ولكن ستسحب موسكو تدريجياً من سلسلة إمدادات الطاقة العالمية.
إيرادات النفط .
يقول كن سيلفرستين: إن الاقتصاد الروسي يعتمد بصورة أساسية على إيرادات مبيعات النفط والغاز الطبيعي، إضافة إلى خامات إنتاج تقنيات الطاقة النووية، مثل اليورانيوم.
العقوبات ضد روسيا
وعدّت رئيسة مجلس مؤتمر التنمية الاقتصادي، لوري إيسبيسيتو موراي، الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه نقطة تحول في الشؤون الدولية، ستغير شكل العالم اقتصادياً وسياسياً، وفق مقال الكاتب كن سيلفرستين، في مجلة فوربس.
وقالت موراي: “إن ملامح العالم بعد هذه الأزمة (تقصد غزو روسيا لأوكرانيا) ستختلف تماماً عن قبلها، وحتى إذا ربحت روسيا حربها ستخسر بسبب العقوبات الاقتصادية، لأنها لن تُلغى دون تغيير قيادتها أو التوصل إلى حل دبلوماسي”.
وأشار الكاتب كن سيلفرستين إلى أن تصريحات موراي، جاءت خلال مشاركتها في ندوة، رعتها جمعية الطاقة الأميركية.
العقوبات ضد روسيا .
وصفت رئيسة مجلس مؤتمر التنمية الاقتصادي، لوري إيسبيسيتو موراي، العقوبات المفروضة على روسيا من قِبل 40 دولة بأنها الأقصى تاريخياً.
وأشارت إلى أن ملامح أزمة روسيا من جراء تلك العقوبات بدأت تتشكل بالهبوط الحاد لقيمة عملتها الروبل مقابل باقي العملات.
كما أغلقت سوق الأسهم الروسية أبوابها، إضافة إلى أن البنك المركزي رفع سعر الفائدة بنسبة 20%، وتشير التوقعات إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 15% هذا العام.
وتمثل مبيعات النفط والغاز الطبيعي أكثر من 60% من صادرات روسيا، وتعد تلك السلع مصدراً لربع الناتج المحلي.
وتعتمد أوروبا على روسيا لتغطية نحو 39% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، لكنها تبني حالياً محطتين عملاقتين للغاز الطبيعي المُسال في ألمانيا، كي تتمكن من الاستغناء عن غاز موسكو.
ولن تسمح دول أوروبا بتشغيل خط نقل الغاز من روسيا إلى دول الاتحاد عبر ألمانيا نورد ستريم2.
خسارة الإيرادات .
أمن الطاقة في أوروبا، أزمة روسيا وأوكرانيايتوقع الكاتب الصحفي الأميركي، كن سيلفرستين، أن تخسر روسيا، مع طرد بنوكها من نظام سويفت، معظم إيراداتها النفطية، كما حدث مع إيران من قبل، إذ فقدت أكثر من نصف الإيرادات، و30% من تدفقات العملات الأجنبية.
وتمد روسيا أوروبا بنحو 20% من احتياجاتها من اليورانيوم اللازم لصناعة الطاقة النووية، وتزودها بنحو 16% من الكهرباء النووية التي تولدها، غير أن غزوها لأوكرانيا أحاط تلك الصادرات بالشكوك.
وقالت رئيسة مجلس مؤتمر التنمية الاقتصادي، لوري إيسبيسيتو موراي: “على المدى القصير، ستظل سوق الطاقة العالمية في حالة اضطراب شديدة، ما يخلّف تغييرات عظيمة على المدى الطويل، تتمثل في وجود بدائل لروسيا في أسواق النفط والغاز الطبيعي والنيكل والمعادن الأخرى.. سنرى هذا التحول، لقد حطمت موسكو سمعتها باعتبارها مزوداً للطاقة موثوق”.
وقال مدير عام شركة “إلكتريك باور”، نيك آكينس، إن أهم الدروس المستفادة من حرب روسيا على أوكرانيا، ضرورة أن تكون أميركا مستقلة في مجال الطاقة، في ضوء ارتفاع الأسعار الكبير للغاز والنفط عقب الأزمة.
وأضاف آكينس، خلال مشاركته في الندوة التي رعتها جمعية الطاقة الأميركية، “أنه حان الوقت لتأمين شبكة الطاقة”.
ارتفاع أسعار الطاقة
توقع الكاتب كن سيلفرستين أن تواصل أسعار الطاقة ارتفاعها على المدى القصير، بسبب العوامل السابقة، ما يضطر العالم إلى الاعتماد مجدداً على الفحم، وهو ما يؤدي إلى زيادة غازات الدفيئة.
إلا أنه استبعد أن يدوم هذا الوضع مدة طويلة، في ضوء تعهدات الدول بتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف الألفية، وتطوير تقنيات الطاقة المتجددة في أميركا، ما سيبعد العالم عن استهلاك الوقود الأحفوري.
واختتم مقاله قائلاً: “إن الدول الغربية تعهدت بالتخلص من مصادر الطاقة الروسية، وقد يكون هذا الأمر مؤلماً حالياً، لكنه لن يكون أكثر ألماً من هذا الذي تحمّله الأوكرانيون”.