برلين – الناس نيوز
“انهيار تاريخي”، هكذا تحدثت وسائل الإعلام العالمية عن كيفية تراجع أسعار النفط الأمريكي. فقد انخفض سعر الخام الأمريكي لأقل من صفر دولار للبرميل، وهو مستوى منخفض لم يشهد التاريح له مثيلا.
وقال موقع شبكة الدويتشه فيله الألمانية إن أسعار النفط واصلت سقوطها الحاد الاثنين (20 أبريل/ نيسان 2020)، مع قرب انتهاء أجل تعاقدات النفط الأمريكي تسليم مايو/ أيار المقبل. وانخفض سعر خام غرب تكساس الوسيط، وهو الخام القياسي للنفط الأمريكي، إلى أقل من دولار للبرميل (يساوي 159 لتر) اليوم الاثنين، وهو مستوى منخفض تاريخي.
ومع نضوب الطلب الفعلي على النفط بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد ظهرت تخمة عالمية في المعروض بينما لا يزال مليارات الأشخاص حول العالم يلزمون منازلهم لإبطاء انتشار الفيروس.
كما هبطت عقود الخام الأمريكي تسليم يونيو/ حزيران 2020 بمقدار 4.6 دولار، أو 18 بالمئة، فوصلت مستوى قياسيا منخفضا عند 20.43 دولار للبرميل
أما برميل برنت بحر الشمال المرجعي الأوروبي تسليم حزيران/ يونيو فتراجع 6,1 بالمئة ليبلغ سعره 26,38 دولارا.
ولم تفلح المؤشرات إلى أن فيروس كورونا المستجد بلغ ذروته على ما يبدو في أوروبا والولايات المتحدة في رفع الأسواق المالية الآسيوية والأوروبية عموما.
وبدلا من ذلك، يزداد قلق المتعاملين من احتمال بلوغ منشآت تخزين النفط الحد الأقصى من قدرتها الاستيعابية، مع تكدّس المخزون نظرا لانهيار الطلب الناجم عن تفشي وباء كوفيد-19.
وقال محللون إن الاتفاق الذي أبرم هذا الشهر بين أوبك وشركائها لخفض الإنتاج بعشرة ملايين برميل يوميا لا يؤثر بشكل كبير لأن تدابير الإغلاق الشامل التي فرضت والقيود على السفر أجبرت مليارات الناس حول العالم على التزام منازلهم.
لكن التراجع الكبير في أسعار الخام يعود كذلك إلى أسباب تقنية تتعلّق باقتراب انقضاء مهلة عقد أيار/ مايو الاثنين. وقال المحلل لدى “ريستاد للطاقة” بيورنار تونهوغن إن “مشكلة غياب التوازن بين العرض والطلب عالميا بدأت تتجسّد في الأسعار”. وأضاف “مع تواصل الإنتاج كالمعتاد نسبيا، يمتلئ المخزون أكثر فأكثر كل يوم. يستخدم العالم النفط بشكل أقل وبات المنتجون يشعرون الآن كيف يتمثل ذلك من خلال الأسعار”.
ما سبب الانهيار
يقول محلل الشؤون النفطية القطري أحمد النعيمي لموقع الجزيرة نت أسعار النفط تتعرض لضغوط كبيرة من حيث الطلب والعرض في آن واحد، وهذا لم يحصل من قبل.
فأسعار النفط –حسب النعيمي- ستبقى تحت رحمة التراجع الكبير للطلب -خاصة من الصين أكبر مستهلك للخام في العالم- بسبب تداعيات فيروس كورونا على النشاط الاقتصادي العالمي من جهة، ومن جهة أخرى وجود مخزون كبير سواء في البر أو الناقلات التي تطفو فوق البحار، بالإضافة إلى ضعف الطلب من قبل مصافي التكرير.
وأكد النعيمي أن المتعاملين في الأسواق يراقبون عن كثب تطور الإنتاج (العرض) من جانب المنتجين، وتطور الطلب من جانب المستهلكين، وهذا ما يفسر حذرهم في الوقت الحالي.
واعتبر أن أبريل/نيسان الحالي سيكون بمثابة فترة ترقب لما سيؤول إليه تنفيذ التزامات اتفاق دول “أوبك بلس” ومنتجين آخرين، على رأسهم الولايات المتحدة، اعتبارا من مايو/أيار المقبل.
أما الخبير النفطي الدكتور أحمد بدر الكوح، فاعتبر أن الهبوط الذي نشهده حاليا كان متوقعا، مشيرا إلى أن الارتفاع الذي حدث عقب الاتفاق كان مؤقتا، وسرعان ما عادت الأسعار إلى النزول من جديد.
ولفت الكوح إلى أن الدول قامت بتخزين كميات كبيرة من النفط قبل الاتفاق الأخير، أي عندما كانت الأسعار متدنية، وأوضح أن ارتفاع الأسعار يتوقف على مدى امتصاص هذا المخزون.
وتم إغراق الأسواق بنفط منخفض السعر بعدما أطلقت السعودية، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، حرب أسعار مع روسيا (ليست عضوة في أوبك) بهدف الحصول على الحصص الأكبر من السوق.
لكن البلدين حلّا خلافهما مع التوصل مطلع الشهر الحالي لاتفاق وافقا فيه مع دول أخرى على خفض الإنتاج بنحو عشرة ملايين برميل في اليوم لتحفيز الأسواق.