واشنطن – الناس نيوز ::
قال الباحث السوري الدكتور سمير التقي إنه يشكر الدكتور جبيس، وباقي أعضاء جمعية “مواطنون من أجل أمريكا آمنة”، على دعوته للحديث بينهم مع أعضاء الكونغرس ” لهذه الفرصة التي أتحتموها لي”.
وقال التقي ، وهو رئيس مركز أبحاث في واشنطن خالياً ، أنا من حلب، المدينة التي عاشت لعدة قرون كمفترق طرق استراتيجي للتجارة والتجارة والثقافة، بينما تحافظ، في ذات الوقت، على السلام في كل أرجائها.
في حلب، تدعي عائلة سراج، التي أنتمي إليها، أنها مهاجرة مسلمة من إسبانيا، فرت مع جيراننا اليهود خلال محاكم التفتيش الإسبانية. وظلت عائلاتنا تعيش معاً في حي “الجميلية”، من دون جدران فاصلة. حيث اعتاد مغني الكنيس، الذي كنت أعرفه جيداً وعزفت الموسيقى معه، أن يغني توراته العبرية بألحان حلبية أصيلة.
لتسليط الضوء على التعددية الثقافية داخل مدينتي، أود أن أذكر أن جدتي هاجرت من أرمينيا. وكان أحد أقاربي تبنى 19 يتيماً أرمينياً بعد المذابح الأرمنية. وعندما كبروا، أخذهم إلى الكنيسة الأرمنية، قائلا للبطريرك “إنهم يستحقون الانتماء إلى دينهم الأصلي”.
أولئك الأرمن الناجحين الذين تبناهم قريبي، لم ينسوا أبداً والدهم السوري المسلم. كانوا يأتون كل عام من أوروبا ولبنان إلى حلب للاحتفال مع عائلتنا الكبرى بأعياد ميلاده. ترسم هذه القصص صورة لسوريا التي اعتدنا العيش فيها.
لكن لو مضينا بسرعة إلى الأمام، إلى الزمن الراهن، سنرى نظام الأسد يستثمر في توسيع الطائفية والإرهاب المحلي. واستمر في ذلك إلى أن انفجر، بالطبع، كل ذلك في وجهه، ووجهنا.
خلال مسيرتي الدبلوماسية، كرست عملي لدبلوماسية الباب الخلفي، فيما يتعلق بعملية السلام مع إسرائيل، وعلاقات سوريا مع الولايات المتحدة. خلال ذلك، توصلت أيضاً إلى فهم عميق لدور روسيا في المنطقة، كرجل إطفاء يستثمر في إشعال الحرائق. والاستفادة من تأجيج جمر الصراعات التي طال أمدها.
في عام 2016، عندما ناشدنا إنقاذ حلب في اجتماعات مع مسؤولين أمريكيين بارزين، وجدنا أنهم واثقون من أن بوتين سيتجنب تدمير مدينتنا الفريدة. لقد كانوا مرتاحين جدا لمنطق “سلام بوتين” الدائم في سوريا. ولقد كانوا بالطبع مخطئين بمرارة.
تجدر الإشارة إلى القول، أنه في ذلك الحين، كانت تكلفة إيقاف “سلام بوتين” “Pax Putina” أقل خطورة وتكلفة. وعندما هاجم بشار، إلى جانب بوتين، حلب، خسرنا كل شيء. فقدت 62 من أقرب أفراد عائلتي وأصدقائي وكذلك معارفي.
والآن، وبعد أن أصبحت كييف على شفا الخراب، فإنها تناشد العالم ألا يتخلى عنها لتصبح حلب أخرى! ونحن كسوريين، نرى الآن أوكرانيا تجسيداً آخر لمأساتنا السورية وتفاقمها. هذه الذاكرة تعيش فينا مثل طرف وهمي مبتور. ولعل المجتمع الدولي يدرك بعض الحقائق البديهية متأخراً الآن، مع تحول الرئيس زيلينسكي إلى رمز وطني سوري ونتعرف فيه على أنفسنا، خاصة وأنه يواصل مناشداته ورجاءه للمجتمع الدولي.
ويستثمر الأسد وبوتين الآن، في الفقر والكراهية الطائفية من خلال تجنيد الشباب السوريين للقتال وتحقيق موت رخيص في أوكرانيا. إنه لعمل شرير بحق. إنهم يرسلون هؤلاء الشباب السوريين للقيام بالعمل القذر المنقطع النظير الذي يخططون له.
ويناشد بطريرك أوكرانيا للروم الأرثوذكس نظيره السوري، التدخل لمنع وقوع مجزرة جديدة بحق الشبان السوريين. ولكن من المؤسف أن تكلفة إيقاف بوتن الآن في أوكرانيا وأوروبا صارت باهظة. إنه يحاول بشراسة فرض “سلمه البوتيني” “باكس بوتينا” فهيا. ومع اختباره للفشل العسكري تلو الآخر، فقد بدأ يلوح بالجنون النووي.
•إذن، ما الذي يمكن عمله الآن؟
•إعادة تأسيس الدعم للمعارضة السورية المعتدلة
•انتزاع المساعدات الدولية من الابتزاز الروسي، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمس الحاجة إليها. الصراع حول هذه القضية قد بدأ بالفعل في الأمم المتحدة.
وأخيرا، يمكنني أن أؤكد لكم أن شعبي السوري، تماما مثل هؤلاء الأرمن اليتامى في سيرتي الشخصية، لن ينسى عزيمتكم الثابتة، وجهودكم في دعمهم.