لوس أنجليس – الناس نيوز ::
يجول آلاف المتطوّعين في شوارع لوس أنجليس المظلمة لإجراء إحصاء سنوي حول المشرّدين، إذ يمثّل التشرّد قضية رئيسية في المدينة حيث ارتفعت أعداد الأشخاص الذين تطالهم هذه الظاهرة خلال السنوات الفائتة.
ويتنقّل مايك موراسه (75 عاماً) مرتدياً سترة لامعة وحاملاً مصباحاً يدوياً بين شوارع المدينة التي أُسند العمل فيها مساءً إلى أعضاء فريقه.
وتمثل المنطقة الواقعة بين الشارعين السابع والثامن على حدود حي سكيد رو حيث تنتشر المستودعات والمخازن الكبرى والذي يضم أكبر تمركز لمخيمات المشردين في الولايات المتحدة منذ عقود.
ويعتبر مايك، وهو أخصائي اجتماعي سيتقاعد قريباً، أنّ “مشكلة التشرد هي الأهم للحملات الخاصة بالانتخابات البلدية المقبلة (في تشرين الثاني/نوفمبر)”، مضيفاً “أعتقد أنّ التشرّد ليس قضية وطنية فقط بل مشكلة أساسية لم تكن لدى القادة السياسيين رغبة في محاولة حلّها”.
ويمثل الإحصاء الذي يشارك فيه مايك جزءاً من شروط حددتها الحكومة الفدرالية للإفراج عن منح مقدمة للمنظمات المحلية التي تساعد المشردين.
وتشير أحدث أرقام متوفرة إلى أنّ عدد المشردين الذي أُحصي عام 2020 بلغ أكثر من 66 ألفا و400 في لوس أنجليس وحدها (من أصل نحو 10 ملايين نسمة)، ما يمثّل زيادة بنحو 13 في المئة مقارنةً بالعام السابق.
وتقول كيمبرلي بريغز (37 عاماً) لوكالة فرانس برس “أعيش في وسط المدينة منذ سبع أو ثماني سنوات ولطالما مثّل هذا الأمر مشكلة، وأريد المساعدة في حلّها لأنّ المعاناة في الشوارع كبيرة، والسكن هو واحد من حقوق الإنسان”.
– جرذان ونيران للتدفئة –
يتجوّل المتطوّعون في شوارع سيئة الإضاءة تفوح من مستودعاتها رائحة التوابل والماريجوانا وتبدو شبه فارغة في وقت مبكر من المساء.
وعند النظر من قرب، تُرصد مركبة تخييم متداعية بجانبها شخص مغطى بالكامل ببطانية ويستند على جدار، إضافة إلى أغطية بلاستيكية ممتدة بين عربات تسويق لتشكل ما يشبه خيمة بدائية… وتُدخل كيمبرلي المعطيات كلها مع الموقع الجغرافي الخاص بها عبر تطبيق مخصص حمّلته في هاتفها.
وفيما قلة من المشردين يظهرون بوضوح في الشوارع، تنتشر في كل مكان مؤشرات تدل على وجودهم.
ويُطلَب من المتطوعين التفاعل مع المشردين بأقل قدر ممكن. وباستثناء بعض التحيات السريعة، يتجاهل المشرّدون في أغلب الأحيان المتطوّعين، كما يفعل رجل يجلس على كرسي متحرك عند زاوية أحد الجدران وآخر يترنّح ناظرا إلى الفراغ.
ويشير مايك موراسه إلى “وجود أفكار خاطئة مفادها أنّ غالبية المشردين هم من المجرمين أو مدمني المخدرات أو يعانون أمراضاً عقلية”، مضيفاً “يعاني كثير منهم هذه الأنواع من المشاكل، ولكن من بين المشردين كذلك أسر وأطفال”.
ويقول “خسر عدد كبير من الأشخاص وظائفهم في ظل جائحة كوفيد-19 كما تعلمون! ووجد بعضهم نفسه عاجزاً عن دفع الإيجار لشهرين أو لثلاثة أشهر وطُردوا بالتالي من المساكن. ولعدم وجود عائلة تؤويهم، ينتهي بهم الأمر في الشوارع”.
ويُعتبر الارتفاع الكبير بأسعار الإيجارات والعقارات في كاليفورنيا أحد العوامل الرئيسية للتشرد. وأجرى الخبراء قبل الجائحة عملية حسابية أفادت بأنّ شخصاً يجني الحد الأدنى للأجور في لوس أنجليس ينبغي عليه العمل بمعدل ثمانين ساعة كل أسبوع ليتمكّن فقط من استئجار شقة صغيرة مؤلّفة من غرفتين.
وتنتشر في سكيد رو الخيم والمآوي المصنوعة من قماش قرب بعضها على الأرصفة، حيث يشعل المشردون في بعض الأماكن النيران للتدفئة باستخدام الألواح الخشبية والنفايات.
وتُظهر النيران أحياناً ظلال جرذان كبيرة تركض من مكان لتختبئ في آخر، بينما تضيء أبراج “المنطقة المركزية في لوس أنجليس” الفاخرة على بعد أقل من كيلومتر واحد.
ومن الجدير ذكره أن مدينة لوس أنجليس ، هي المدينة الوحيدة تقريباً في اميركا وربما العالم ، التي فيها قوانين تسمح ب ” مهنة التسول ” وحمايتهم ، وكذلك المشردين .
ويثير هذا المشهد تذمّر مايك من مطوري العقارات. ويقول “ما نحتاجه في هذه المدينة هو مزيد من المساكن بأسعار مقبولة، ومزيد من الخدمات، ولهذه الأهداف علينا إنفاق دولاراتنا”.
ويضيف “لنبدأ في معاملة الناس كالبشر”!
ومن المرتقب صدور نتائج الإحصاء هذا الصيف.