د . رضوان زيادة – الناس نيوز ::
ينص التعديل الثاني على دستور الولايات المتحدة، الذي تم تبنيه عام 1791 كجزء من قانون الحقوق، على الحق في حمل السلاح، وبموجب المادة الأولى القسم 8 لتنظيم وتسليح الميليشيات الفيدرالية.
ينص التعديل الثاني على ما يلي: “ميليشيا منظمة بشكل جيد، ضرورية لأمن دولة حرة، ولا يجوز انتهاك حق الناس في الاحتفاظ بالأسلحة وحملها”.
وهو ما يشار إليه في الإعلام الأمريكي اليوم بشكل متكرر على أنه حق الفرد في حمل واستخدام الأسلحة للدفاع عن النفس، وقد تم تصور التعديل الثاني من قبل واضعي الدستور بأنه “الانقلاب الأخير” الذي سيمكن الولايات من “إحباط ومعارضة الحكومة العامة”.
وكرّس المبدأ الدستوري الفلورنسي والروماني القديم للفضيلة المدنية والعسكرية بجعل كل مواطن جندياً وكل جندي مواطناً.
وتحول الحق في حمل السلاح جزء من القانون الأمريكي الذي تحميه المحكمة الدستورية العليا، كما أنه يمثل قضية سياسية دائمة يدافع عنها الحزب الجمهوري بكل ما أوتي من قوة مدعوما بلوبيات السلاح والجمعيات التي تدافع عمّا يسمى “التعديل الثاني”.
وفي كل مرة يحدث فيها إطلاق نار على مدرسة أو مسرح أو مركز تجاري في أمريكا، وآخرها إطلاق النار على مدرسة ابتدائية من قبل طفل بلغ الثامنة عشرة من عمره، فاشترى بندقيتين آليتيين في يوم ميلاده كي يرتكب مجزرة من أسوأ المجازر في تاريخ المدارس الابتدائية الأمريكية، منذ مذبحة مدرسة ساندي هوك عام 2012 التي قتلت 20 طفلاً في ولاية كونيتكت… .
مجزرة الثلاثاء أودت بحياة ما لا يقل عن 21 طفلاً وشخصين بالغين، إنها أعنف إطلاق نار في مدرسة في تاريخ تكساس الحديث، حيث حدث بعد أربع سنوات فقط من إطلاق مسلح النار على 10 أشخاص في مدرسة سانتا الثانوية جنوب هيوستن في ولاية تكساس، لقد كان هناك 26 حادث إطلاق نار في المدارس بالولايات المتحدة في عام 2022 وحده.
وللأسف وبسبب الانقسام السياسي الشديد حول هذه القضية لم يستطع الكونغرس الأمريكي أن يتقدم ولو خطوة باتجاه حل هذه المأساة.
حيث ينحاز الجمهوريون آلياً إلى ما يسمونه حق حمل السلاح وفق التعديل الثاني في الدستور الأمريكي، بينما يرعب الديمقراطيون في تطبيق منع بيع الأسلحة النارية بدون القيام بالمراجعة الجنائية والنفسية الضرورية لمن يرغب بشراء السلاح.
ومع كل إطلاق نار ومأساة يتمترس الفريقان حول رؤيتهما دون أن يحدث أي تقدم يذكر في الوصول إلى نقطة مشتركة تمنع تكرار هذه المآسي، وتحفظ حق حمل السلاح وفق التعديل الثاني من الدستور الأمريكي.
وحتى عندما وصل تأويل هذا التعديل إلى المحكمة الدستورية العليا، فإنها رأت أن التعديل الثاني منع الولايات من “حظر الناس من الاحتفاظ بالأسلحة وحملها، وذلك لحرمان الولايات المتحدة من موردهم الشرعي للحفاظ على الأمن العام”.
ثم وبعد أكثر من أربعة عقود، في قضية الولايات المتحدة ضد شويمر (1929)، استشهدت المحكمة العليا بالتعديل الثاني على أنه ينص على أن واجب الأفراد “الدفاع عن حكومتنا ضد جميع الأعداء كلما دعت الضرورة إلى مبدأ أساسي من مبادئ الدستور” واعتبر أن “الدفاع المشترك كان أحد الأغراض التي رسم الشعب الدستور من أجلها”.
في هذه الأثناء، في قضية الولايات المتحدة ضد ميلر (1939)، في دعوى قضائية بموجب قانون الأسلحة النارية الوطني (1934)، تجنبت المحكمة العليا معالجة النطاق الدستوري للتعديل الثاني من خلال مجرد التأكيد على أن “امتلاك أو استخدام بندقية بها سبطانة يقل طولها عن ثماني عشرة بوصة” لم يكن جزءاً من المعدات العسكرية العادية محمياً بالتعديل الثاني.
وعلى مدى أكثر من سبعة عقود بعد قرار الولايات المتحدة ضد ميللر، ما زال الحق في حمل السلاح الذي يحميه التعديل الثاني مضمونا، في مقاطعة كولومبيا ضد هيلر (2008)، حيث فحصت المحكمة العليا التعديل الثاني بالتفصيل الدقيق.
في أغلبية ضيقة من 5 إلى 4، قدمها أنتونين سكاليا، رأت المحكمة العليا أن الدفاع عن النفس كان “المكون المركزي” للتعديل وأن مقاطعة كولومبيا “تحظر جعل أي سلاح ناري قانوني في المنزل لهذا الغرض للدفاع الفوري عن النفس” لتكون غير دستورية.
كما أكدت المحكمة العليا الأحكام السابقة بأن التعديل الثاني كفل حق الأفراد في المشاركة في الدفاع عن حرياتهم من خلال حمل السلاح في ميليشيا منظمة.
وهكذا ثبتت على مدى عقود المحكمة الدستورية العليا التعديل الثاني وصار جزءاً من الحياة اليومية للأمريكيين سماع أخبار هذه المجازر، التي تتم في المدارس والمراكز التجارية والأماكن العامة بشكل أسبوعي تقريباً، دون أن يتمكن الكونغرس أو الرئيس من اتخاذ أي إجراءات تقدم الحماية للأمريكيين من هذا الاستخدام العشوائي للسلاح.