د . حسين عيسى – الناس نيوز ::
في المراهقة، كنا نقيس عضونا الذكري مرات ومرات، ونتظاهر بأننا أخطأنا في القياس، لعلنا نكسب، إذا أعدنا القياس، سنتمتر أو اثنين إضافيتين على طوله أو ثخانته.
نتمناه كبيراً ضخماً، لا لكي نمتع شريكتنا ونستمتع بها، فهو ليس مخصصاً لهذه المهمة، بل للفلع والتمزيق وخلع الخيمة الأنثوية من شروشها. هو عضو الثأر، عضو الانتقام، عضو إلحاق أكبر أذى بالأنثى، وكلما كان أكبر وألحق أذى أكبر، زادت متعتنا أكثر. وتوهمنا بلذة غامرة أننا الأكثر فحولة وفتكاً بين الرجال، والأكثر رجولة.
وليست ممارسة الجنس، في خيالاتنا، سوى اعتداء شرس على الأنثى وإهانة لها، نغمسها عميقاً في وحل مفعوليتها الذليلة، في ذلها، وفي إذلالها، مستخدمين عضونا الغاضب، الهائج، الفتاك، عضونا الذي نريده من أسلحة الدمار الشامل، وإذا كان محرماً دولياً، يكون أحسن، لتزداد لذتنا أكثر، حين نقصف به الأنثى في أكثر أعضائها حميمية…
وتكفي نظرة سريعة على اللغة العربية، لنجد أن أفعال الجنس فيها، مشبعة بتحقير الأنثى، وإهانتها، والاستمتاع بهذا التحقير، وهذا الأذى المتوهم. (بكّ، دكّ، وطء، فخت، فلخ، شق، طعز، معس، ناك، نكح الخ). كما أن شوارعنا وحاراتنا غاصة بالعبارات والشتائم الجنسية، التي تقطر إهانة وتحقيراً وتمزيقاَ للمرأة وفرج المرأة.
لكل رجل ثأر طويل مع المرأة!
ثأر كان قد أخذ بالتشكل، منذ أن كان رضيعاً، بأمس الحاجة إليها لإشباع حاجاته الحياتية الأساسية. ويدرك كم يعتمد عليها، على نحو مؤلم ومهين، وكم هي وحدها المستبد المتحكم بإشباع هذه الحاجات، (الرضاعة، التنظيف، تخليصه من الألم..الخ)، ويا لثارات كليب!
ثم ثأر آخر في الطفولة، عندما كانت المرأة الأم تخونه، مع رجل آخر، يسمى الأب، وتفضله عليه، فهي تترك الطفل وتتسلل خلسة الى ذاك الرجل، ليمارسا اعتداء صارخاً عليه ويذلانه إذلالاً شديداً، ويا لثارات كليب!
ثم ثأر المراهقة، عندما تتفجر في دمه شهواته للأنثى، ولا تأتي الأنثى لنجدته، بل تصدّه، (هكذا يتوهم)، وتتركه يتخبط وحيداً متألماً، في نيرانه، فيمتلئ عليها حقداً، أشعلت النار فيه، وامتنعت وتمنعت عن إطفائها! مرة ثانية يدرك كم يعتمد على المرأة، على نحو مؤلم ومهين، وكم تتحكم هذه المرأة بلذته وألمه، وكم تستبد به. ويا لثارات كليب!
حقد وضغينة، وطلب للثأر من المرأة. احتقار مؤلم للشهوة ككل لأنها تفضح نقصه واعتماده على كائن آخر، يتحكم به. المراهق، يحافظ على حبه طاهراً عفيفاً، لا يدنسه شهوة، لأن الشهوة الحقيرة، كما يتوهم، ستحرك عنده عضو الانتقام الغاضب، وهو لا يريد أن يؤذي حبيبته، ولا أن يمرغها بوحل شهوته المدنسة! كما أن هذا التصور، سبب الخجل عند المراهقين، فهم يتعاملون بلطف ظاهري مع الصبايا، بينما يضمرون لهن(الشر) والأذى، باشتهائهم لهن!
والمعذب أكثر، أن الرجل كلما استخدم عضو الانتقام الغاضب، يتمنى أن نسمع علامات التألم عند المرأة، كي يتلذذ بانتقامه، وليبادر بعدها برفع شارات النصر، بإظهار تعاطفه المتلذذ الظافر مع المرأة المهزومة. المعذب أن هذا لا يحدث، يزيد من قوة الدفع والسحق والطعن، فلا يحدث إلا العكس، وفي النهاية، ويا للخيبة، ينهار عضو الانتقام ويخرج مهزوماً ذليلاً، وهذا يزيد من ألم الرجل، وإساسة بمرارة الهزيمة، ويوغر صدره أكثر على المرأة. وإلى جولة انتقام ثانية، وهزيمة مرة أخرى. نعم يحمل الرجل المرأة، مسؤوليه عطبه الوجودي وهشاشة تكوينه، (وربما هذا سبب خفي لاضطهاد المرأة تاريخياً). ومع الزمن، ربما، قد يدرك ذلك أن عطبه الوجودي لا ذنب للمرأة فيه، عندها فقط تغدو المرأة نظيره في الخلق، الحبيبة الشهية، التي يتقاسم معها متعة اتحادهما وتكاملهما الرائع..