دمشق – اللاذقية – سهام الجمال – الناس نيوز :
أطلق عليه السوريون أيلول الأسود، بعضهم الآخر أسموه أيلول الناري، إنه الشهر الذي أشعل النيران في غابات اللاذقية، لتمتد إلى غابات حمص وحماة على مدار 10 أيام من 1 ولغاية 10 أيلول سبتمبر ، وكما يقول المثل الشائع ” فوق الموت غصة وغصة ” أفلا يكفي السوريين كل أنواع الحروب في السنوات العشر الماضية حتى تستكمل بألسنة اللهب ضد طبيعتنا الخضراء ومواسمنا من أقصى شمال سوريا بقمحها وقطنها وصولا لخضار وفاكهة الجبل والسهل والساحل، ناهيك عن زيتون الغاب وإدلب وباقي محاصيلنا السورية.
موسم الحرائق يتكرر
في مثل هذا الشهر من كل عام تشتعل الغابات في سوريا، ( يا لغرابة هذه المصادفة التي تبقى بلا معالجة توقف أسبابها ) لكن هذا العام يبدو المشهد أكثر إيلاماً، بعد أن وصلت ألسنة النيران إلى محمية الشوح والأرز في ناحية صلنفة في ريف اللاذقية، قتلت الحيوانات وأحرقت نباتات الشوح والأرز داخل المحمية.
وداعاً للغزلان البرية
سامح إبراهيم أحد الشبان الذين شاركوا عناصر الإطفاء في إخماد حريق محمية الشوح والأرز يقول لجريدة “الناس نيوز ” الأسترالية الإلكترونية : رأينا السناجب والأرانب والغزلان البرية متفحمة بالقرب من موئلها، كان مشهداً حزيناً حقاً.
محمية الشوح والأرز المنطقة الجبلية التي تتوزع على عدة جبال وهضاب وتلال، تبلغ مساحتها الإجمالية 1350 هكتارا ممتدة على غابات الشوح والأرز، تحوي أنواعا جديدة من النباتات لم تكن معروفة سابقاً، كاللوز الشائع والخوخ الزاحف والسنديان الأرزي والسوسن ذي الحلة الزرقاء، كان الهدف من افتتاحها في العام 1996 الحفاظ على الأنواع الحية الرئيسية من النبات والحيوان.
من المسؤول؟
إلا أن النيران التي أحرقت السوسن، وأشعلت موئل الغزلان الجبلية والقنافذ والأيل الأسمر وغيرها، حالت دون الحفاظ على هذه النباتات والحيوانات، فأحرقت 2 هكتار من المحمية، لأسباب مفتعلة كما يقول سامح، بينما يحمّل البعض الآخر درجات الحرارة التهمة.
غاباتنا السورية أصبحت صحراء .
50 حريقاً في غابات اللاذقية خلال أربعة أيام، حوّلت الغابات إلى ما يشبه الصحراء، خاصة في صلنفة و رأس البسيط، ( على الساحل السوري ) هذه المناطق السياحية التي كانت مقصداً لكل العائلات ليتنزهوا بداخلها مجاناً في ظل ارتفاع الأسعار في كل المناطق السياحية فما كان منهم سوى أن قرروا المشاركة في الحملات التي بدأ الاعلان عنها عقب الحرائق لإعادة تشجير الغابات.
IGreen
اي غرين مشروع أطلقته الغرفة الفتية الدولية في الشرق الأوسط وأفريقيا لتشجيع الشباب على مكافحة تغير المناخ، وفي اللاذقية بالتعاون مع مديرية الزراعة في المدينة شارك عدد من الشبان في هذا المشروع ليبدؤوا بتشجير الغابات مطلع شهر تشرين الثاني نوفمبر القادم.
بدنا نشجرها
مجموعة من المتطوعين في سهل الغاب (المنطقة الوسطى في سوريا) بالتعاون مع المجلس البلدي لمنطقة عين الكروم، و مديرية الزراعة في حماة ودائرة الحراج، أطلقوا حملة بدنا نشجرها. تهدف الحملة بحسب محمود الموسى أحد الشبان المتطوعين إلى إعادة تشجير الغابات التي أحرقتها النيران مطلع شهر أيلول الحالي، والممتدة بين مناطق شطحة وعين الكروم وجورين ومصياف.
منظر النيران كارثي
السنديان والبلوط والقطلب والغار هذه الأشجار التي سيتم زراعتها بمساعدة المتطوعين في عيد الشجرة القادم، بعد أن التهمت النيران مساحات واسعة من الأراضي الحراجية والزراعية في منطقة سهل الغاب.
وعن سبب تطوعه في حمله “بدنا نشجرها” يقول محمود للناس نيوز : منظر الحرائق كان كارثياً خاصة علينا نحن الشباب الذين نتردد إلى هذه الغابات ونتنزه بداخلها و نجلس بظل أشجارها، شاركت في إخماد الحرائق وسأشارك أيضاً في إعادة التشجير.
لماذا نقتل الحيوانات بدلا من حمايتها؟
رأيت السناجب والأرانب والغزلان والخنازير البرية تهرب إلى الجبال الموازية، أما الطيور بعضها استطاع الطيران، وبعضها الآخر التهمت النيران جناحيه وحولته إلى رماد، إنها كارثة حقاً لا نعرف سببها إلى الآن، هذه الحيوانات علينا المحافظة عليها لا قتلها ، السنجاب البري كمثال يعيش في مختلف غابات وجبال سوريا يضيف محمود.
هذه ليس المرة الأولى التي تحترق فيها الغابات، وتموت الحيوانات، وتهاجر الطيور، كل عام نشهد هذه الحرائق، دون أن نجد حلولاً لحماية هذه الحيوانات فهي إما أن تموت من خلال الصيد الجائر أو من خلال الحرائق، يختم محمود حديثه.
ولا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد أو أنواع الحيوانات التي تضررت نتيجة الحرائق التي شهدتها الغابات، كما لا توجد جهة رسمية مهتمة بحماية الحيوانات في سوريا، لربما يكون التشجير حلاً جزئياً لإعادة الخضار إلى الغابات المحترقة، لكن ما هي الطرق لحماية الحيوانات في موسم الحرائق السنوي؟.
الكلاب المدربة هي الحل، لكن ليس في سوريا بل في أستراليا، حيث استعان علماء أستراليون بكلاب مدربة لإنقاذ دببة الكوالا، التي تكافح للنجاة من حرائق الغابات المدمرة، في محاولة لتفادي تكرار ما حدث العام الماضي من نفوق عدد كبير من تلك الحيوانات في موطنها الأصلي.
وبحسب رويترز، فإن بير هو كلب هجين من سلالتي بوردر كولي وكلاب المراعي الأسترالية، أنقذت منظمة (ديتيكشن دوجز فور كونسيرفيشن) أكثر من 100 كوالا خلال الحرائق التي استمرت من أواخر 2019 حتى أوائل 2020. ونفق نحو 6000 من دببة الكوالا ودُمرت آلاف الأفدنة من بيئتها الطبيعية خلالها.