حسين الضاهر- الناس نيوز :
كان قرار إبراهيم الحسون واضحاً منذ البداية أنه سيكون صديقاً مخلصاً للفن حين كان يقتطع من مصروفه اليومي ليشتري الألوان علناً حيناً وأحياناً أخرى سراً عن عائلته التي عارضت ابتعاده عن دروسه وانشغاله بالرسم، إلى أن حصل على الشهادة الثانوية فاختار المشي خلف شغفه ودخل كلية الفنون الجميلة، وأتم الدبلوم في اختصاص ( التصوير الزيتي ) وهنا كانت انطلاقته عندما حصل على جائزة نقابة المعلمين وجائزة تقديرية بمعرض الشباب،لكن حال الفن في سوريا مزرية حيث يبقى الفنان مهمشاً إلا إذا كان مقرباً من السلطة.
رحلة إثبات الذات في تركيا :
في الفترة الأولى من إقامته في تركيا شارك الحسون في معرض برفقة فنانين أتراك وفنانين من دول أخرى فكانت بداية جديدة في مناخ ” أكثر حرية وأماناً” على حد تعبيره، ولم ينكر أنه واجه بعض العقبات تمثلت في عدم تقبل وفهم المتلقي التركي لفكرة الفنان السوري بالرغم من أن الفن لغة عالمية، لكن هذه العقبات التي تناثرت في دربه لم تكن لتشكل عائقاً أمام إصراره على استكمال مسيرته الفنية وتحقيق طموحه في تقديم الصورة المثلى والوجه الإيجابي عن الإنسان السوري، فواصل البحث عن نفسه إلى أن استقر في إسطنبول التي أضافت لوناً زاهياً إلى حاضنة ألوانه.
بالإضافة إلى حالة القلق التي ترافق الفنان أو حتى الإنسان السوري العادي كظله يقول: في الألوان لم أتتلمذ على يد أحد بل كبرت الريشة في يدي كأنها إصبع سادسة تلازمني رغماً عني ثم صارت نافذة أتسلل منها إلى عوالمي الخاصة لأتنفس هواء أعرفه ويعرفني .
وفي فترة الحرب والتي أخذت حلب نصيباً كبيراً منها دماراً وفوضى حاول الحسون التمسك بمكانه الذي عنى له الكثير إلا أنه غادر حلب في النهاية مرغماً تاركاً مرسماً مدمراً، حاله حال كل حجارة وذكريات الوطن سوريا، وعبر الحدود إلى تركيا، باحثاً عن زاوية هادئة ليفرغ فيها الدم الذي حمله من ساحة المعركة والذي صار حاضراً في كل لوحاته وأعماله. فغالباً ما تجد تلك البقعة الحمراء تلطخ معظم رسوماته كأنها لعنة الموتى الذين لم يمتلك الوقت لإلقاء تحية الوداع عليهم.
عن ذلك يقول : “في معرضي الأول بتركيا شعرت أن هناك مفارقة مضحكة مبكية أن تخرج من تحت القصف والركام لتجد نفسك في معرض سبع نجوم.” ورغم كل العقبات التي اعترضت طريقه في تركيا إلا أن إيجابيات قابلها وجدت مكاناً لها في نفسه كالعادات التركية التي لم تشعره بغربة كبيرة عن وطنه ونسبة تشابهها بعادات أرياف سورية، وهذا ما جعل من تركيا نقطة إقامة لهذا الفنان.
من أرضية الغرفة إلى سماء الشهرة:
على أرضية غرفته التي اتخذها مشغلاً للرسم، يلطخ الحسون الفراغ الأبيض بخطوط تجسد طريق العودة المقطوع بالحواجز والدمع والدم ليخرج بتشكيل فني جديد يعتبر بصمة خاصة لا ينازعه عليها أحد ولم يسبقه عليها أحد، فالمتمعن في لوحاته سيدرك كم هو حريص على ترك شيء من روحه فيها .
شارك الحسون في أكثر من عشرين معرضاً فرديّاً والعديد من المعارض المشتركة على مستوى تركيا والعالم، بالإضافة لحصوله على جائزة البردة في الرسم لمرتين كان آخرها عام 2017 ،وفي كل مشاركة له يحاول إبراز صورة الفنان السوري القادر على صنع فن جميل.
- السوري الذي يستحق الحياة الكريمة دون أن يطرح نفسه لاجئاً مشرداً مستجدياً العطف والشفقة. معرض جنيف محطة مفصلية:
- شارك إبراهيم الحسون في معرض بمدينة جنيف السويسرية، وكان هذا المعرض على هامش مؤتمر جنيف للاجئين السوريين وأحدث صدى كبيراً على مستوى دولي، وكان نقطة إيجابية فاجأت الحكومة والمؤسسات الرسمية التركية بالسوية الفنية العالية للفنانين السوريين المقيمين على أراضيها وتم إقامة معرض تكريمي لهم في تركيا.
الآن يعتبر نفسه ما زال في حالة بحث عن لوحته وما يدفعه إلى البحث هي حالة عدم الاستقرار التي يعيشها مثله مثل أي سوري رمته رياح الحرب على قارعة المنفى.
عن طموحاته يقول الحسون : طموحاتي بسيطة جداً لا أرغب بأكثر من استمراري بالرسم فهو يشكل لي حالة من التوازن، وأن أكون عوناً لعائلتي فأنا ما زلت أعتاش من ريشتي كما كنت دائماً.
•إبراهيم الحسون: فنان تشكيلي سوري من مواليد ريف حلب ( 1972) مقيم في تركيا.