تل أبيب وكالات – الناس نيوز ::
عبر باب حديدي مصفح تدخل ياردن غيل روضة الأطفال التي تعمل بها في شمال إسرائيل وتستخدم أيضا كملجأ تحت الأرض للاحتماء من الصواريخ القادمة من لبنان.
وغيل واحدة من بين عشرات آلاف الأشخاص الذين فروا من المنطقة الحدودية بسبب التهديد المتواصل من حزب الله اللبناني والخوف المتزايد من حرب شاملة ضد الحزب الذي تدعمه إيران.
غادرت غيل (36 عاما) وعائلتها منزلهم في قرية “يفتاح” التعاونية على بعد بضع مئات من الأمتار من الحدود مع لبنان.
وتشرح كيف أنهم كانوا يسمعون أصوات الصواريخ القادمة من لبنان قبل إطلاق صفارات الإنذار، نظراً لقربهم الشديد من الحدود. وفق فرانس برس .
أما اليوم فتنزل العائلة في غرفة في فندق يقع على بعد 50 كيلومترا إلى الجنوب قرب بحيرة طبريا.
وتقول غيل “لا نحظى باستقلالية هنا” متهمة الحكومة الإسرائيلية بأنها “لا تفعل ما يكفي حتى نتمكن من العودة إلى منزلنا ونكون آمنين”.
أقفرت عشرات التجمعات السكنية في شمال إسرائيل جراء تبادل إطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني بشكل شبه يومي، بعد فترة من الهدوء النسبي استمرت منذ حرب 2006.
وأدى تصاعد العنف جراء الحرب المستمرة في قطاع غزة إلى زيادة المخاوف من نشوب حرب أوسع نطاقا بين إسرائيل وحزب الله حليف حركة حماس الإسلامية.
وأسفر التصعيد عن مقتل 479 شخصا على الأقل في لبنان بينهم 313 مقاتلا على الأقلّ من حزب الله و93 مدنيا على الأقل، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات الحزب ومصادر رسمية لبنانية.
وأعلن الجانب الإسرائيلي من جهته مقتل 15 عسكريا و11 مدنيا.
– “عدم الاستقرار” –
مطلع الأسبوع الماضي، قالت إسرائيل إنها وافقت على خطط عسكرية لشن هجوم على جنوب لبنان.
ورد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بتحذير من أنه لن يكون هناك مكان آمن في إسرائيل في حالة اندلعت الحرب.
ومع تركيز إسرائيل على حرب غزة بعد هجوم حماس الذي شنته في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، فإن العودة إلى منازلهم هو جُل ما يشغل تفكير من تم إجلاؤهم من الحدود الشمالية إلى فنادق تمولها الدولة.
ومددت السلطات الإسرائيلية مرارا حجوزات تلك العائلات وآخرها حتى آب/أغسطس المقبل.
وفيما انتقل البعض إلى فنادق، فضل آخرون الذهاب إلى أماكن أخرى أو السفر إلى الخارج.
وتقول إيريس أمسالم (33 عاما) من تجمع “شوميرا” الحدودي “هذا هو واقعنا الجديد، عدم الاستقرار”.
وتضيف أمسالم الأم لطفلين “نريد السلام، نريد الأمن”.
ولم يبق سوى عدد قليل من الإسرائيليين على الحدود توفر لهم الحماية وحدات مدنية وقوات عسكرية.
أما المتقاعدة ديبورا فريديريكس (80 عاما) فتقيم في فندق خمس نجوم مع مئات الأشخاص الآخرين ممن تم إجلاؤهم.
وتقول “إنه لأمر مضحك حقا لأننا في وسط الحرب وأنا في إجازة …
أريد أن أعود لكن ذلك لن يحدث في الوقت الحالي … لا يمكن أن نفعل أي شيء حيال ذلك”.
– مسألة وقت –
ويشعر آخرون بالإحباط ويقولون إن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو تخلت عنهم وإنها تعطي أولوية للحرب في قطاع غزة.
تقول ليلي دهّان من تجمع كريات شمونة الحدودي “لا أحد يتواصل معنا، لا أحد، لم يأت أحد لرؤيتنا”.
وتقول غيل إن الأهالي اضطروا إلى إقامة مدارس خاصة بهم لتعليم أطفالهم بعد النزوح من التجمعات السكانية التي تعرضت لأضرار كبيرة بسبب الصواريخ والحرائق الناجمة عن إطلاق النار.
وتضيف “الحكومة مسؤولة عن أمننا وأتوقع منهم أن يهتموا أكثر بما حدث لنا”، وتشير إلى أن بعض زملائها في التجمعات السكانية انتقلوا للعيش في الخارج في كندا وتايلاند على سبيل المثال.
وكان نتانياهو تعهد بإعادة الأمن إلى الشمال.
ورأى بعض الذين تم إجلاؤهم أن الحرب ضد حزب الله مسألة وقت ليس إلا.
وتقول ساريت زهافي وهي مسؤولة سابقة في مخابرات الجيش الإسرائيلي تعيش قرب الحدود، إن خوفها الأكبر يتمثل في أن يسمح وقف إطلاق النار المحتمل لحزب الله “بالحفاظ على قدراته وشن المجزرة التالية” كما فعلت حماس.
ويقول إدوارد زوج غيل إنه يخشى هجوما مماثلا لهجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ويضيف إدوارد (39 عاما) “لقد حدث ذلك في الجنوب … من يؤكد لي أن هذا لن يحدث الآن في الشمال”.
تعيش هيلين أبيرغيل (49 عاما) من كريات شمونة في أحد فنادق تل أبيب الساحلية.
وتقول “يجب أن تقع الحرب لإبعاد حزب الله عن الحدود”.
ورغم كل شيء، قالت غيل بلهجة متحدية “يمكنهم تدمير منازلنا، يمكنهم حرق حقولنا، لكنهم لا يستطيعون قتل أرواحنا”.