ليماسول وكالات – الناس نيوز ::
يردد شباب إسرائيليون أغاني وضحكات في أجواء مرحة وسط غابة في غرب قبرص، حيث جاؤوا في رحلة علاجية لتجاوز صدمة الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، لكنهم يؤكدون أن هذا الفرح الظاهر لا يعكس حقيقة ما في دواخلهم.
وتقول تامار (23 عاما) “نبدو سعداء، لكننا لسنا كذلك في دواخلنا”.
وهذه الشابة هي ضمن مجموعة أشخاص يستقبلهم مالك المجمع الفندقي “سكريت فورست” يوني كهانا في منطقة بافوس السياحية في غرب الجزيرة المتوسطية.وقد وضع لفائدتهم برنامجا علاجيا مجانيا بمساعدة من الجمعية الإسرائيلية “إسرا آيد”. وفق فرانس برس .
يهدف البرنامج إلى مساعدة هؤلاء الناجين على تجاوز الصدمة التي أصابتهم بعدما هاجمهم مقاتلون من حماس في وقت مبكر صباح السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر، بينما كانوا في حفل موسيقي بجنوب إسرائيل قرب الحدود مع القطاع المحاصر.
خلف الهجوم غير المسبوق على أراضي الدولة العبرية مقتل زهاء 1200 شخص في إسرائيل معظمهم من المدنيين، وغالبيتهم قضوا في اليوم الأول منه، بحسب السلطات الإسرائيلية. ومن بين الضحايا 270 من جمهور الحفل الموسيقي، الذي كان يحضره نحو 3500 شخص.
وأطلق الهجوم شرارة حرب دامية في غزة، حيث تقصف إسرائيل مذاك القطاع بلا هوادة وتفرض عليه “حصاراً كاملاً”، وبدأت عمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر، وهو ما أدى إلى مقتل أكثر من 11500 شخص، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
– “علاج” –
على بعد نحو 400 كيلومتر فقط من ساحة الحرب، يسود الهدوء والسكينة أجواء الغابة حيث يسترخي الناجون.
ويقول تال نهوشتاي (29عاما) إن “الصمت هو الميزة الأكبر لهذا المكان.. لا أحد هنا يتكلم عن الحرب”، معتبرا ذلك “علاجا من أرفع مستوى”.
أما تامار، التي تعمل في مجال التسويق، فتعاني لسرد ما جرى يوم الهجوم “لأن الآخرين لا يستطيعون أن يفهموا”.
يستقبل منتجع “سكريت فورست” نحو 50 ناجيا من جمهور الحفل الموسيقي كل أسبوع لتمضية خمسة أيام ضمن البرنامج العلاجي الذي سجل 1400 شخص للاستفادة منه، بحسب كهانا.
ويستفيدون من أنشطة فنية وحصص علاج فردية وأخرى للتأمل مستوحاة من التقاليد اليهودية، أو تمارين يوغا، أو حتى الاستمتاع بالسباحة جماعة.
مساء الاثنين نظمت مجموعة منهم حفلا في الطبقة السفلية من المنتجع ورقصوا حتى الصباح، في محاكاة لحفل السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
يقول ليور أوفغانغ (26 عاما) الذي تغطي محياه لحية حمراء “نحب أن نرقص (…) لنشعر بالرخاء والحب والسعادة ولنحتفل بالحياة”.
ويستطرد “نحن بحاجة” لاستئناف الاحتفال الذي “توقف” يوم الهجوم.
يومها، قضى أوفغانغ الذي سبق أن عمل ممرضا في الجيش الإسرائيلي، ساعتين للمساعدة في إسعاف الجرحى، كما يقول.
ثم هرب إلى غابة مجاورة حيث ظل مختبئا لنحو سبع ساعات وأرسل خلالها رسالة وداع لوالدته، كما يضيف، مشيرا إلى أن اثنين من أصدقائه قتلا واختطف اثنان آخران.
– “معجزة” –
بدوره لجأ نهوشتاي برفقة أصدقاء إلى بستان صغير لأشجار البرتقال بعد سباق مع الوقت لتجنب طلقات مقاتلي حماس، كما يقول.
بقي الشاب مختبئا مع رفاقه هناك لنحو ست ساعات عصيبة فقدوا خلالها الأمل بالنجاة، وكانوا واثقين بأن مطارديهم سيعثرون عليهم ويقتلونهم، كما يقول.
ويتابع “رأينا أرجلهم ووجوههم، لو حركت رأسي لقتلوني.. بقيت أتابعهم بعينيي فقط”، معتبرا أن نجاته “أكبر معجزة”.
على الرغم من هول التجربة اختار ناجون آخرون محاولة استعادة حياتهم الطبيعية، كما فعلت تامار.
وبعدما بقيت أسبوعا لا تغادر بيتها، غير قادرة على الأكل ولا النوم، التحقت باحتياط الدفاع الجوي الإسرائيلي، ما ساعدها على استعادة معنوياتها، كما تقول.
لكن دوي الانفجارات يسبب لها نوبات قلق.
والحصص العلاجية في قبرص ليست سوى مرحلة أولى للبرنامج العلاجي الطويل والمعقد، لكن أوفغانغ يشعر الآن بالتحسن.
ويتذكر أن “اليوم الأول كان صعبا بعض الشيء، حيث كنت أشعر بالانطواء (…) لكنني أشعر الآن برابط يجمعنا هنا”.