تل أبيب – الناس نيوز ::
كثّف الجيش الإسرائيلي الخميس غاراته وعملياته البرية في وسط وجنوب غزة، مع تواصل التحذيرات الدولية من “خطر جسيم” يطال المدنيين في القطاع حيث تجاوزت حصيلة القتلى 21 ألف شخص بحسب أرقام حماس.
وفي ظل الخشية من اتساع نطاق النزاع في الأراضي الفلسطينية وجبهات أخرى، اقتحمت القوات الإسرائيلية فجر الخميس مناطق في الضفة الغربية المحتلة، وفق وكالة “وفا” الرسمية، في وقت أكد رئيس الأركان الإسرائيلي مستوى الجاهزية “العالي” للجيش بما يشمل الجبهة الشمالية ضد حزب الله اللبناني.
وأشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري ليل الأربعاء الى أن قواته تواصل لليوم الثالث تواليا شنّ غارات مكثفة على مخيمات وسط القطاع، ودفعت بقوات إضافية الى خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع والتي تشكّل منذ مدة محور العمليات البرية.
وألمح هاغاري كذلك الى احتمال “توسيع القتال في الشمال” على الحدود مع لبنان، حيث تتبادل الدولة العبرية وحزب الله القصف بشكل يومي منذ اندلاع الحرب في غزة في تشرين الأول/أكتوبر.
وأتت تصريحات هاغاري بعد ساعات من زيارة قام بها رئيس الأركان هرتسي هاليفي الى مقر قيادة المنطقة الشمالية حيث أكد وفق بيان للجيش، أن الأخير في “مستوى جاهزية عالٍ للغاية”.
وأضاف “لقد صادقنا اليوم على خطط مختلفة للمراحل اللاحقة، حيث يتعين علينا أن نكون جاهزين للهجوم إذا لزم الأمر”، متابعا “حتى الآن تدار المعركة هنا بشكل صحيح ورزين وهكذا يجب أن يستمر الوضع. لن نعيد السكان دون إتاحة الأمان وقبل أن يشعروا بالأمان”.
وتوازيا مع الحرب في غزة بالجنوب، تشهد مناطق الشمال الإسرائيلي تبادلا للقصف مع حزب الله الذي يعلن استهداف مواقع ونقاط عسكرية للجيش “إسنادا” للفلسطينيين، بينما يردّ الجيش بغارات جوية وقصف مدفعي على جنوب لبنان، معلنا استهداف “بنى تحتية” للحزب.
وأسفر التصعيد على الحدود بين البلدين عن مقتل نحو 160 شخصا على الأقل في لبنان بينهم أكثر من 110 مقاتلين من حزب الله و17 مدنيا على الأقل بينهم ثلاثة صحافيين وفقا لحصيلة فرانس برس. وفي الجانب الاسرائيلي قتل 13 شخصا على الأقل بينهم تسعة جنود.
– “خطر جسيم” –
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على جنوب إسرائيل.
وأدى الهجوم الى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد لفرانس برس استنادا الى آخر الأرقام الرسمية الإسرائيلية. كما جرى خلال الهجوم أخذ نحو 250 رهينة لا يزال 129 منهم محتجزين في غزة، وفق إسرائيل.
وتشنّ إسرائيل قصفا مكثفا للقطاع المحاصر، وبدأت بعمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر، أدت الى مقتل 21110 شخصا بينهم أكثر من ثمانية آلاف طفل وستة آلاف امرأة، وفق آخر الأرقام الصادرة عن حكومة حماس.
ومع تواصل العمليات على الأرض، أعلن الجيش الإسرائيلي صباح الخميس مقتل ثلاثة جنود، ما يرفع حصيلة خسائره منذ بداية القتال البري الى 167.
وأعربت مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان الأربعاء عن “قلق بالغ حيال قصف القوات الإسرائيلية المتواصل لوسط غزة” مؤكدة “على كل الهجمات أن تمتثل بشكل صارم إلى مبادئ القانون الإنساني الدولي بما في ذلك التمييز والتناسب وأخذ الاحتياطات”.
توازيا، تواصلت التحذيرات من الكلفة الباهظة لاستمرار النزاع.
جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الدعوة إلى “وقف إطلاق نار مستدام” في غزة، مشددا على “ضرورة العمل من أجل وقف إطلاق نار مستدام، بمساعدة جميع الشركاء الإقليميين والدوليين”.
ووفق الإليزيه، أعرب ماكرون لنتانياهو عن “قلقه العميق إزاء الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين وحالة الطوارئ الإنسانية المطلقة التي يواجهها السكان المدنيون في غزة”.
بدوره، حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الأربعاء من “خطر جسيم” يواجهه سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
ودعا تيدروس المجتمع الدولي لاتخاذ “خطوات عاجلة للتخفيف من الخطر الجسيم الذي يواجه سكان غزة ويقوض قدرة العاملين في المجال الإنساني على مساعدة الأشخاص الذين يعانون من إصابات فظيعة ومن الجوع الحاد، والمعرضين لخطر شديد للإصابة بالأمراض”.
وتؤكد المنظمة أن 21 من أصل 36 مستشفى في القطاع توقفت عن العمل.
– “لا منطقة آمنة” –
وبحسب أرقام الأمم المتحدة، أرغم 1,9 مليون شخص يمثلون 85 % من سكان القطاع، على النزوح من منازلهم بسبب المعارك، فيما يخيم شبح المجاعة على القطاع الذي يواجه أزمة انسانية متعاظمة في ظل الحصار الإسرائيلي وشحّ المساعدات الإنسانية التي تدخل إليه منذ بدء الحرب.
ومن النازحين إيمان المصري (29 عاما) التي أنجبت أربعة توائم في عملية قيصرية إثر نزوحها مشيا على الأقدام.
ووضعت المصري أولادها ياسر وتيا ولين على فرشة بجوارها داخل فصل في مدرسة بغرب مدينة دير البلح (جنوب وسط) بينما يرقد مولودها الرابع محمد في قسم الحضانة في مستشفى بمخيم النصيرات.
وغادرت الأم منزلها في بيت حانون (شمال) على عجل في اليوم الخامس من حرب ظنّت أنها لن تطول. وقالت لفرانس برس “أخذت معي فقط بعض الملابس الصيفية لأطفالي، اعتقدت أن الحرب لن تتجاوز أسبوعا أو اثنين وسنعود للمنزل”.
سارت إيمان وهي حامل في شهرها السادس مع أطفالها الثلاثة الصغار مسافة خمسة كيلومترات من منزلها إلى مخيم جباليا، حيث وجدت مركبة تنقلهم إلى دير البلح. وشرحت “المسافة التي قطعتها من بيت حانون لمعسكر جباليا أتعبتني كثيرا وأثرت على حملي… ذهبت للطبيب وأخبرني أن لدي أعراض ولادة مبكرة وأني سألد بشكل مبكر، قاموا بإعطائي إبرا لتثبيت الحمل”.
في الشهر الثامن من الحمل، قرر الأطباء تحفيز المخاض، وولدت أربعة توائم في 18 كانون الأول/ديسمبر.
وغير بعيد من دير البلح، طال قصف إسرائيلي مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تؤوي آلاف النازحين ليل الثلاثاء الأربعاء في مخيم المغازي للاجئين.
وأظهر فيديو لفرانس برس، آثار دماء على الأرض، بينما عمل البعض على تنظيف البطانيات والفرش من آثار القصف الذي تسبب بحفرة في جدار غرفتهم.
وقال أحد النازحين الذي طلب عدم كشف اسمه “لا توجد منطقة آمنة في غزة”.
– “انتقام” إيراني –
ومنذ اندلاع الحرب في غزة، زادت حدة التوترات في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
وفجر الأربعاء، أسفرت عملية للجيش الإسرائيلي في طولكرم بشمال الضفة عن ستة قتلى وعدد من الجرحى، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية.
وقُتل أكثر من 310 فلسطينيين في الضفّة الغربية المحتلّة على أيدي القوات الإسرائيلية، وفي بعض الحالات على أيدي مستوطنين إسرائيليين، منذ بدأت الحرب في قطاع غزة، بحسب حصيلة لوزارة الصحة الفلسطينية.
ولا تزال المخاوف من توسع الحرب في المنطقة قائمة، خصوصا مع تبادل القصف على الحدود الإسرائيلية اللبنانية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، والهجمات التي يشنها الحوثيون في اليمن على سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وبحر العرب.
وهدد المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني رمضان شريف الأربعاء إسرائيل بـ”أعمال مباشرة وأعمال تقوم بها جبهة المقاومة” ردا على مقتل القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي الإثنين بضربة إسرائيلية في سوريا.