طهران – ميديا – الناس نيوز ::
جنوبية – بعد مرور أكثر من أسبوع على اغتياله، ما زالت تتوارد الروايات حول ظروف قتل الرئيس السابق لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران، وجديدها رواية مزعومة، تكشف عن تفاصيل لم تعلن في السابق، وطريقة تنفيذ «موسادية» بامتياز.
هذه الرواية الجديدة، التي نقلتها صحيفة «Jewish Chronicle»، تدعم فرضية الجهاز المتفجّر في غرفة هنية، لكن لحظة وضع هذا الجهاز والأشخاص الذين وضعوه، كانت مفاجأة كبيرة للسلطات الإيرانية، لدرجة إنها لا تتوافق تماما مع روايات غربية أخرى.
إيرانيان دخلا غرفته.. بمفتاحها
وقال تقرير الصحيفة المذكورة أن «العبوة الناسفة الموضوعة تحت سريره زرعها إيرانيان جندهما الموساد من وحدة أنصار المهدي الأمنية التابعة للحرس الثوري، وهما نفس الأشخاص الذين كان من المفترض أن يقوموا بتأمين حماية المبنى وضيوفه».
أما كيف عرفت السلطات الإيرانية بالأمر فتروي الصحيفة أن هذين الحارسين شوهدا «في لقطات كاميرات المراقبة يوم الاغتيال وهم يتحركان خلسة في الردهة باتجاه الغرفة التي كان هنية يعتزم الإقامة فيها، وفتحوا الباب بالمفتاح ودخلوا الغرفة».
وبعد ثلاث دقائق، شوهد الحارسان وهما يغادران الغرفة بهدوء. نزلا الدرج باتجاه المدخل الرئيسي للمبنى. تعرّف عليهما الحارس عند نقطة تفتيش موقف السيارات وفتح البوابة دون طرح أي أسئلة، كونه يعرف إنهما من وحدة «أنصار المهدي».
غادرا المكان عبر سيارة سوداء ثم تم تهريبهما بواسطة الموساد. وقالت الصحيفة أن أجر العملية تخطى الأرقام الستة (دون ذكر العملة) إضافة إلى عرض قضى بأن يُنقلا فورا إلى إحدى دول شمال أوروبا.
دور الوحدة 8200
بعد اتخاذ القرار باغتيال هنية، بدأ الموساد بالبحث عن فرصة مناسبة لتنفيذ جريمته. وسرعان ما أتت الفرصة عندما دُعي هنية إلى طهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بيزشكيان.
تقول الصحيفة المذكورة أن «الموساد، بمساعدة وحدة الاستخبارات 8200 (وحدة الجيش الإسرائيلي المسؤولة عن العمليات السرية)، اعترض مكالمات هاتفية بين منظمي حفل التنصيب والضيوف المدعوين. وعندما أكد هنية وصوله، بدأ الموساد بتنفيذ الخطة».
وكانت الخطة بوضوح هي: «تصفية هنية في بيت الضيافة الذي كان يقيم فيه عادة خلال زياراته إلى طهران».
كيف تم تنفيذ العملية؟
بعدما كانت صحف أجنبية بينها «نيويورك تايمز» تفيد أن العبوة وضعت في غرفة هنية قبل أسابيع أو أشهر من الانفجار، قال التقرير الجديد أن هذه المعلومات «خاطئة».
وتابع «تظهر الكاميرات الأمنية أنه تم وضع العبوة يوم الانفجار، الساعة 4:23 مساءً، قبل حوالي تسع ساعات من تفعيله عندما دخل هنية غرفته».
ولمنع أن يكتشف أي أحد القنبلة، وضع العميلان الإيران عبوة ناسفة «من الطوب المسطح»، بعرض 3 إنش وطول 6 إنش، وتم تثبيتها في أسفل السرير. وبقي مرحلة تفجير العبوة.
عملاء «الأشجار والتلال»
لهذا الغرض، وقبل التنفيذ التام، أرسل الموساد عملاء آخرين لزيارة المنطقة بانتظام لتوفير الخدمات اللوجستية العملياتية، ورسم خريطة لكل شارع وزقاق، وتحديد طرق الهروب المحتملة والتحقق من الإجراءات الأمنية للمبنى.
لكن العملاء واجهوا صعوبات عند وصولهم إلى المنطقة. كان المقر الذي سيسكن فيه هنية يقع على تلة وتحيط به غابة من الأشجار الشاهقة، مما جعل من الصعب للغاية مراقبة المبنى بوضوح، فما كان من خمسة عملاء إلا أن ارتدوا ملابس خضراء وتسلقوا ببساطة الأشجار الأقرب إلى المبنى وهم مموهون باللون الأخضر. وكان دورهم هو الإبلاغ فور وصول هنية إلى المبنى، بعد أن حفظوا لون سيارته ورقم لوحة ترخيصها.
وفي غياب مصدر داخل المبنى يستطيع إبلاغهم بدخول هنية غرفته، تسلقت فرقة أخرى من الموساد، ترتدي هي الأخرى ملابس خضراء، بين أغصان الأشجار وراقبت المبنى من زاوية تطل على نافذة غرفة هنية. وكان دورهم هو إخطار مفجّر القنبلة فور انطفاء الضوء في غرفة هنية.
في الساعة 01:20 فجرًا، وصل جميع الضيوف المدعوين إلى بيت الضيافة. ودخل هنية غرفته بعد أن تبادل العناق والمصافحات معهم، بينما وقف حارسه الشخصي خارج باب منزله لحمايته. وبعد حوالي 10 دقائق، أُطفئ النور، وساد صمت تام.
في تمام الساعة 01:37 صباحًا بالتوقيت المحلي الإيراني، تم تفجير العبوة. سمع «انفجار هزّ المبنى بأكمله وقتل هنية على الفور»، تابعت الصحيفة.
وأضافت «أصيب حارسه الشخصي، وسيم أبو شعبان، بجروح خطيرة وتوفي بعد ذلك إثر نزيف حاد».
وتزعم الصحيفة إنه بعد تنفيذ العملية دهمت السلطات الأمنية الإيرانية مجمع دار الضيافة واعتقلت 28 من كبار المسؤولين العسكريين وموظفي المقر الذين كانوا حاضرين «وتمت مصادرة جميع أجهزتهم الإلكترونية لتفتيش هواتفهم».
وأشارت إلى أن أفراد الأمن الإيرانيين قاموا «بمسح المنشأة في كل إنش منها وقاموا بتحليل الكاميرات الأمنية إطارًا تلو الآخر» وعندها اكتشفوا تورط أعضاء في الحرس الثوري الإيراني ما أثار الإحراج الكبير في صفوفهم. وتقول الصحيفة هنا «وفي اليوم التالي، عندما هددوا (الإيرانيون) بإنزال عقاب أليم بإسرائيل كان ذلك بسبب الإذلال بقدر ما كان بسبب وفاة مسؤول كبير في حماس كانوا يستضيفونه».
يذكر أن إيرا ن نفت في بيان رسمي لحرسها الثوري إدعاءات العبوة الناسفة في غرفة هنية. وقال البيان المقتضب إنه «بحسب التحقيقات فإن هذه العملية الإرهابية تمت عبر إطلاق مقذوف قصير المدى برأس حربي زنة نحو 7 كيلوغرامات، مصحوباً بانفجار قوي، من خارج منطقة سكن الضيوف».
وحتى الساعة، لم تعلن طهران عن تفاصيل إضافية في التحقيقات.