واشنطن – الناس نيوز ::
خلصت معلومات استخبارية حديثة اطلعت عليها وكالات أمنية أميركية وغربية أخرى بأن موسكو توصلت إلى اتفاق مع طهران لبدء تصنيع مئات الطائرات المسيرة على الأراضي الروسية، وفقا لما أوردته صحيفة “واشنطن بوست”.
ونقلت الصحيفة عن ثلاثة مسؤولين مطلعين القول إن المسؤولين الروس والإيرانيين وضعوا اللمسات الأخيرة على الصفقة خلال اجتماع جرى في إيران في أوائل الشهر الجاري، مضيفين أن البلدين يتحركان بسرعة لنقل التصاميم والمكونات الرئيسية للطائرات من أجل بدء الإنتاج في غضون أشهر.
وأكد المسؤولون إن الاتفاق، إذا تحقق بالكامل، فإنه سيمثل تعميقا إضافيًا للتحالف الروسي الإيراني الذي قدم بالفعل دعما حاسما لحملة موسكو العسكرية المتعثرة في أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحصول على خط التجميع الخاص بها، سيمكن روسيا من تحقيق زيادة كبيرة في مخزونها من أنظمة الأسلحة غير المكلفة نسبيا، ولكنها شديدة التدمير والتي غيرت في الأسابيع الأخيرة طابع الصراع الأوكراني المستمر منذ تسعة أشهر.
ويقول مسؤولون استخباراتيون إن روسيا استخدمت أكثر من 400 طائرة مسيرة هجومية إيرانية الصنع ضد أوكرانيا منذ أغسطس الماضي، العديد منها استهدفت مواقع بنية تحتية مدنية مثل محطات الطاقة.
بالنسبة لموسكو، يمكن للاتفاقية أن تسد حاجتها الماسة للذخائر دقيقة التوجيه، التي عانت من نقص فيها تسعة أشهر من القتال، وفقا للصحيفة.
ويقول المسؤولون إن الاتفاق يوفر أيضا فوائد اقتصادية وسياسية كبيرة لإيران، التي سعت لتصوير نفسها على أنها محايدة في الصراع الأوكراني.
وهددت دول غربية بفرض عقوبات على طهران بعد ورود تقارير بشأن استخدام موسكو للطائرات الإيرانية المسيرة فوق المدن الأوكرانية.
ويؤكد المسؤولون أن قادة إيران يعتقدون أن بإمكانهم تجنب عقوبات جديدة إذا تم تجميع الطائرات في روسيا.
وذكر مسؤولون أمنيون من دولتين راقبتا التطورات أنه تم الانتهاء من تفاصيل الصفقة الإيرانية الروسية في اجتماع أوائل نوفمبر، والذي شارك فيه فريق من مفاوضي صناعة الدفاع الروسية سافروا إلى طهران للعمل على المسائل اللوجستية.
وقالت الصحيفة أن المسؤولين وافقوا على ذكر هذه التفاصيل بشرط عدم الكشف عن هوياتهم وجنسياتهم، مشيرين إلى ضرورة حماية الجهود المستمرة لجمع المعلومات الحساسة.
وأفادت وسائل إعلام روسية وإيرانية حكومية بأن وفد منفصل برئاسة أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف سافر إلى طهران في 9 نوفمبر لمناقشة مسألة العقوبات الاقتصادية وغيرها من “التدخلات الغربية” في شؤون حكوماتهم، إلى جانب مواضيع أخرى.
وتحدث أحد المسؤولين المطلعين على الاتفاق السري عن المحاولات الحثيثة التي قام بها كلا البلدين لتسهيل إنتاج الطائرات المسيرة الإيرانية داخل روسيا.
وقال المسؤول “إنها تمضي بسرعة من اتخاذ القرار إلى التنفيذ وتتحرك بسرعة ولديها الكثير من القوة”.
وقال المسؤولون إنه لم يتضح بعد نوع المساعدة التي تطلبها طهران من موسكو في المقابل، إلى جانب الأموال والمزايا التي ستتحصل عليها من التحالف الوثيق مع جارتها الشمالية القوية.
تقول الصحيفة إن روسيا زودت إيران في السابق بقمر صناعي للمراقبة للسماح لها بالتجسس على جيرانها، بالإضافة إلى مكونات رئيسية لمحطة بوشهر للطاقة النووية.
وأفادت وسائل الإعلام الغربية أن إيران ربما تسعى للحصول على مساعدة نووية إضافية مقابل جهودها في الحملة العسكرية الروسية.
وبينت الصحيفة أن العديد من الدول الأعضاء في حلف الناتو، في ذلك الولايات المتحدة، اطلعت على المعلومات الاستخباراتية، لكن المسؤولين الحكوميين رفضوا مناقشة التفاصيل.
ورفض البيت الأبيض التعليق على أي تقرير بشأن التعاون الروسي الإيراني.
لكن المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون قالت في بيان ارسلته للصحيفة إنه “يمكن لإيران وروسيا أن تكذبان على العالم، لكن لا يمكنهما إخفاء الحقائق: طهران تساعد في قتل المدنيين الأوكرانيين من خلال توفير الأسلحة ومساعدة روسيا في عملياتها”.
وأضافت أن “الولايات المتحدة، مع حلفائها وشركائها، تسعى بكل الوسائل لفضح وردع ومواجهة توفير إيران لهذه الذخائر واستخدام روسيا لها ضد الشعب الأوكراني”.
وأحال متحدث باسم السفارة الروسية في واشنطن طلب التعليق إلى وزارة الدفاع الروسية التي لم ترد.
كذلك رفضت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة في نيويورك الرد على أسئلة حول ما ورد من معلومات في التقرير الاستخباري.
لكن متحدثا إيرانيا أبلغ الصحيفة أن طهران وموسكو “حافظتا على تعاون دفاعي وعلمي وبحثي ثنائي، يسبق بداية الصراع الأوكراني”.
واستخدمت روسيا مؤخرا عشرات الطائرات المسيرة “الانتحارية” في هجمات على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. وتقول أوكرانيا إنها طائرات مسيرة إيرانية الصنع من طراز شاهد-136 ومهاجر-6.
وأكد سلاح الجو الأوكراني أنه دمر عشرات الطائرات المسيرة إيرانية الصنع منذ منتصف سبتمبر.
وعلى عكس الطائرات المسيرة الأكبر، التي يمكن إعادة استخدامها وتطلق الصواريخ وتعود إلى القاعدة، فإن الطائرات الإيرانية تحلق على ارتفاع منخفض بشكل بطيء.
ويقول محللون إن الطائرات المسيرة الإيرانية تشكل مشكلة كبيرة، لإن العديد من الأنظمة الدفاعية القادرة على اسقاطها مكلفة جدا، وهي مصممة في الغالب لمواجهة تهديدات أكبر مثل الطائرات والمروحيات، وكذلك يستغرق إنتاجها شهورا عدة وربما سنوات.