أنقرة ميديا – الناس نيوز ::
تركيا وإيران مختلفتان حول «عملية حلب» متفقتان ضد القوات الكردية
الشرق الأوسط – تباين موقفا تركيا وإيران بشأن التطورات في سوريا والهجوم الذي شنته الفصائل المسلحة وقاد إلى سيطرتها على حلب ثاني كبرى المدن السورية. فيما اعتبر رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في سوريا، هادي البحرة، أن الحل السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة، لا يزال «الوحيد القابل للتطبيق والاستدامة» للصراع في البلاد.
وعبر وزيرا خارجية تركيا، هاكان فيدان، وإيران، عباس عراقجي، عن هذا التباين في تفسيرهما لأسباب تحرك «هيئة تحرير الشام» والفصائل الأخرى ضد القوات السورية، وبينما عد فيدان أن تفسير هذا التطور من خلال التدخل الخارجي يشكل خطأ كبيراً، تمسك عراقجي بأن الأحداث الأخيرة جاءت بدفع من أميركا وإسرائيل.
واتفق الوزيران على عقد اجتماع عاجل في إطار مسار أستانة على مستوى وزراء خارجية الدول الثلاث الضامنة (روسيا وتركيا وإيران) لبحث الأحداث الأخيرة في شمال سوريا.
وبالتزامن أعلنت موسكو أنه يجري التشاور مع تركيا وإيران لعقد اجتماع لوزراء الخارجية.
تركيا: لا تدخلات خارجية
وأكد فيدان، في مؤتمر صحافي مشترك مع عراقجي عقب مباحثاتهما في أنقرة الاثنين، أن تركيا لا تريد للحرب الداخلية في سوريا أن تتصاعد أكثر، لافتاً إلى أنه «من الخطأ في هذه المرحلة محاولة تفسير الأحداث في سوريا بوجود تدخل خارجي».
وأرجع فيدان التحرك الأخير للفصائل المسلحة إلى رفض الحكومة السورية الحوار ، قائلاً: «التطورات الأخيرة تظهر مرة أخرى أن دمشق يجب أن تتوصل إلى تسوية مع شعبها ومع المعارضة».
وأضاف فيدان أنه تبادل الآراء مع نظيره الإيراني حول التطورات الأخيرة في سوريا وأكد أن محاولة شرح ما يجري في سوريا من خلال التدخلات الخارجية سيكون خطأ، وأن من يتحدثون عن التدخل الخارجي لا يفهمون ما يجري في سوريا أو لا يريدون أن يفهموا.
وتابع وزير الخارجية التركي: «لقد استهدفنا تحقيق التواصل بين الأطراف في سوريا من خلال مسار أستانة، هذه المشكلة لم يتم حلها منذ ما يزيد على 13 عاماً، التغاضي عن الحقوق المشروعة للمعارضة وعدم قيام النظام بخطوات إيجابية في هذا الإطار أديا إلى اشتعال نار الحرب في سوريا مرة أخرى، لقد حذرت تركيا وقامت بالإخطارات اللازمة لجميع الأطراف المعنية قبل اندلاع هذه الأحداث».
حوار وطني ضروري
وقال إن «التطورات أظهرت مرة أخرى أن على النظام أن يقوم بالمصالحة الوطنية مع المعارضة، وتركيا مستعدة للقيام بكل مساهمة في هذا الصدد».
وأضاف أنه «ضمن مراحل مسار أستانة قمنا بتنسيق مع إيران وسنواصل هذا، نحن دائماً دعمنا وحدة الأراضي السورية وسندعمها بعد ذلك أيضاً، وهناك أمر آخر أريد أن أؤكد عليه بشكل واضح وصريح، وهو أن تركيا لن تتغاضي أبداً عن كل من يحاول استغلال ما يجري حالياً، وأننا سنقضي على أي تهديد إرهابي على بلدنا في مصدره».
وتابع فيدان أن تركيا وإيران ستواصلان التعاون في مكافحة الإرهاب وعلينا أن نبذل كفاحاً مشتركاً ضد هذا العدو المشترك، المتمثل في حزب «العمال» الكردستاني وذراعه في سوريا (وحدات حماية الشعب الكردية)، ويجب أن تكون هناك سياسات ومساعٍ واضحة ضدهما.
وأكد التطابق في المواقف بين تركيا وإيران فيما يخص تصفية هذه المنظمة (العمال الكردستاني) وأذرعها في المنطقة، ولا نود أن نخسر مزيداً من الوقت لتحويل هذا إلى واقع على الأرض.
وقال فيدان إننا نواصل تعاوننا مع إيران ومشاوراتنا حول مختلف القضايا في المنطقة وحول التطورات في سوريا.
وأضاف: «مؤسساتنا المعنية كلها في عمل مشترك ليل نهار لمتابعة التطورات في سوريا ويتم اتخاذ التدابير اللازمة بحسب التطورات».
ولفت وزير الخارجية التركي إلى أن الحرب الداخلية في سوريا أمكن إيقافها عند نقطة معينة وكان هذا نجاحاً مهماً للغاية وكان لتركيا وروسيا وإيران (الدول الضامنة لمسار أستانة) دور مع الحكومة والفصائل لوضع إطار وصل إلى تحقيق مرحلة من الاستقرار على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وأضاف: «رئيس جمهوريتنا (رجب طيب إردوغان) مد يد الصداقة على أعلى مستوى إلى الرئيس السوري بشار الأسد، لأن المشكلات التي يتم التعامل معها كانت تخرج عن السيطرة ونصف سكان سوريا، أي 10 ملايين إنسان تقريباً، ابتعدوا عن مساكنهم الأصلية، كما أن التنظيمات الإرهابية والأوضاع في المنطقة كانت تحيل المسألة إلى وضع أصعب من حيث إدارته وإيصاله إلى الحل».
وتابع فيدان: «لدينا تواصل مكثف في المنطقة بشأن سوريا مع إيران ونرى أن التعبير عن المواقف بوضوح أمر مهم، ونقيم مسار أستانة أيضاً مع روسيا، وأجرينا اتصالات مع السعودية والولايات المتحدة وقطر، وأبلغنا الأمم المتحدة قبل الأحداث الأخيرة بالمعلومات من منظور تركيا وكان هذا أمراً مهماً للغاية».
وشدد فيدان على أن بلاده لا تريد أن ترى ما جرى من أحداث مؤلمة في الماضي في سوريا يتكرر مرة أخرى، ولا تريد أن يقتل المدنيون أو أن تدمر البنى التحتية وأن يهجر الناس من مساكنهم، بل على العكس من ذلك تريد عودة اللاجئين إلى بلادهم.
وأضاف: «موقفنا من الإرهاب مستمر، ويجب ألا يكسب الإرهاب أرضاً جديدة باستغلال ما يحدث الآن في سوريا، وما يجب القيام به هو فتح قنوات الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة وما يجب أن تقوم به إيران ومختلف دول المنطقة هو العمل على تحقيق ذلك».
تفسير إيراني مختلف
بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إننا بحثنا المخاوف المشتركة بشأن التطورات في سوريا ومن الطبيعي أن تكون هناك اختلافات أو تباين في الآراء، وهذا أمر طبيعي.
ووصف المباحثات مع نظيره التركي بأنها كانت «سريعة ومباشرة وودية وبناءة ومثمرة».
وفي تباين واضح مع رفض وزير الخارجية التركي النظر إلى الأحداث الأخيرة في سوريا من منظور التدخل الخارجي، وهو ما تتبناه إيران، قال عراقجي: «بحسب ما اتضح لدينا فإن الجماعات (الإرهابية والتكفيرية) في سوريا لديها تنسيق واضح مع أميركا وإسرائيل، وهذه المجموعات تحاول أن تحول الانتباه عما تقوم به إسرائيل في فلسطين ولبنان، وتخلق بيئة من عدم الأمن في سوريا لهذا السبب».
وأضاف أن عودة نشاط ما سماه بـ«الجماعات التكفيرية» في شمال سوريا ومهاجمتها حلب، على وجه الخصوص، هو أمر مقلق ويشكل خطراً علن أمن واستقرار سوريا، ولا شك في أن جميع دول المنطقة، ولا سيما جيران سوريا، سيتأثرون بهذا الوضع الخطير، مشدداً على أن «التغاضي عن دور النظام الصهيوني في تصعيد التوتر في المنطقة سيكون خطأ كبيراً».
وقال إنه ناقش مع نظيره التركي سبل تحقيق الاستقرار والأمن في سوريا والعودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم، مضيفاً أن مواقفهما تطابقت بشأن الحفاظ على المكاسب التي تحققت من خلال مسار أستانة وأنهما قررا أن يعقد الاجتماع المقبل لمسار أستانة على نحو عاجل على مستوى وزراء الخارجية، وأنه يجب منع وصول هذا المسار إلى طريق مسدود.
دعم لدمشق
وأضاف أن تحول سوريا إلى عدم الاستقرار سيكون ضربة لأمن المنطقة، وأن قتل المدنيين السوريين سيكون ضربة للاقتصاد السوري أيضاً، وبالنسبة للجميع يجب ألا تكون سوريا مركزاً للإرهاب، وموقفنا مع تركيا متطابق في هذا الإطار.
وتابع أن «سوريا يجب ألا تكون مركزاً للتنظيمات والجماعات الإرهابية (التكفيرية وغير التكفيرية) وإن مشروع تحويلها إلى منطقة غير مستقرة لهو مشروع صهيوني ويجب ألا يتغاضى أحد عن دور الصهاينة هنا، ونحن كدولتين شقيتين (تركيا وإيران) علينا أن نقوم بدورنا وأن نقوم بتدخلات سريعة مؤثرة لتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا».
وأكد عراقجي أن إيران تعلن دعمها الكامل للحكومة السورية والشعب السوري كما كنا حتى اليوم، وستواصل الوقوف إلى جانب الحكومة والجيش السوري لحماية الأمن والاستقرار في سوريا، وهو أمر مهم لصالح استقرار وأمن المنطقة.
وقال إن إيران تواصل اتصالاتها ومشاوراتها مع تركيا والعراق والسعودية ومصر وغيرها من دول المنطقة، ونثق بأن هذه المشاورات الإقليمية سيكون لها دور مهم في إيقاف تدهور الوضع في سوريا
وتقف تركيا وإيران على طرفي نقيض في الأزمة السورية، حيث تدعم تركيا المعارضة السورية، فيما تقدم إيران دعمها لدمشق، ورغم ذلك فإنهما تعملان معاً من خلال مسار أستانة مع روسيا والأطراف السورية من أجل التوصل إلى حل سياسي.
وأكدت إيران أنها تعتزم الإبقاء على وجود «المستشارين العسكريين» الإيرانيين في سوريا لمساندة جيشها في مواجهة الهجوم الواسع الذي تشنّه «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها في شمال البلاد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي بالتزامن مع زيارة عراقجي لأنقرة إن «وجود المستشارين الإيرانيين ليس أمراً جديداً، بل كان قائماً في الماضي وسيستمر في المستقبل بالتأكيد، بحسب رغبة الحكومة السورية».
كما أعلنت موسكو أنها على اتصال وثيق مع تركيا وإيران بشأن الوضع في سوريا، ولم تستبعد إمكانية عقد اجتماع ثلاثي لوزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا بشأن سوريا.
الفصائل والحل السياسي
في السياق، أكد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في سوريا، هادي البحرة، أن الحل السياسي وفق قرارات الأمم المتحدة هو «الوحيد القابل للتطبيق والاستدامة» للصراع في البلاد.
وأضاف، في مؤتمر صحافي الاثنين، أن «من حقنا استخدام كل السبل الممكنة للدفع نحو تحقيق الحل السياسي»، مشدداً على أن المعارضة لا تسعى «لعمل عسكري دون أهداف سياسية».
وأوضح أن العملية العسكرية التي بدأتها فصائل مسلحة قبل عدة أيام في شمال غربي سوريا «مستمرة حتى انخراط الحكومة في العملية السياسية كاملة وصولاً لتحقيق الانتقال السياسي».
وأعلن الائتلاف الوطني، الأحد، تأييده للعملية العسكرية الجديدة (فجر الحرية) التي أعلنتها الفصائل السورية الموالية لتركيا في شمال غربي سوريا ضد تنظيمات مسلحة كردية والقوات السورية.
وجاء في بيان لـ«الحكومة السورية المؤقتة» أنها أطلقت عملية «فجر الحرية» بهدف «تحرير المناطق المغتصبة من قبل قوات الأسد ومسلحي حزب العمال الكردستاني».