طهران – الناس نيوز ::
دخلت الاحتجاجات في إيران أسبوعها الرابع، مع مزيد من التقارير عن حملات قمع عنيفة تقودها القوات الأمنية ضد المتظاهرين، ما يشكل مزيداً من الضغوط على الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لاحتواء السخط الشعبي.
وتحوَّلت التظاهرات التي اندلعت في 17 سبتمبر الماضي، يوم جنازة الشابة مهسا أميني (22 عاماً)، والتي توفيت بعد احتجازها لدى شرطة الأخلاق، إلى أكبر تحد للمؤسسة الدينية الحاكمة في إيران منذ سنوات، مع دعوة المتظاهرين إلى إسقاط الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي.
وأفادت “بلومبرغ” في تقرير، الأحد، إلى أن الضغوط تزداد على رئيسي، مع ارتفاع أعداد الضحايا في إيران، كان آخرها سقوط أربعة أشخاص على الأقل على أيدي قوات الأمن في نهاية الأسبوع، في المدن الكردية غربي إيران.
وذكرت منظمة “هنجاو” لحقوق الإنسان الإيرانية، أنَّ قوات الأمن أطلقت أيضاً النار على رجل من مسافة قريبة بينما كان يطلق بوق سيارته تضامناً مع المتظاهرين. لكن مسؤولاً أمنياً في إقليم كردستان ادَّعى أنَّ “عناصر مناهضة للثورة” قتلت الرجل، وأنَّ الشرطة أو قوات الأمن لم تكن في المنطقة.
وظهرت التقارير الأخيرة عن الوفيات، بعدما خاطب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي طلاباً موالين للحكومة في جامعة بارزة للنساء فقط، حيث تعهَّد بتقديم دعمه الكامل لقوات الأمن، وقال إنَّ المتظاهرين “أعداء”، مستخدماً بيتاً من الشعر الفارسي لتشبيههم بالذباب.
لكن هذا الظهور سريعاً ما غطَّت عليه الفيديوهات والصور التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أظهرت طالبات في جامعة الزهراء يهتفن ضد الحكومة خلال إلقاء الرئيس الإيراني كلمته، بحسب “بلومبرغ”.
وجاءت موجة الاضطرابات الجديدة بعد ظهور مزيد من التفاصيل حول وفاة فتاة مراهقة أخرى كانت قد شاركت في الاحتجاجات.
ووفقاً لـ”منظمة العفو الدولية” التي تتخذ من لندن مقراً لها، تعرضت سارينا إسماعيل زاده، البالغة من العمر 16 عاماً، للضرب على أيدي قوات الأمن، ما أدى إلى وفاتها.
لكن مسؤولاً محلياً زعم أنَّ الفتاة سقطت من سطح منزل، وأنَّ لديها تاريخاً من محاولات الانتحار، بحسب ما نقلته وكالة أنباء إيران الرسمية (إرنا).
هذه الرواية الرسمية مشابهة للرواية المقدمة لنيكا شكارامي، وهي فتاة أخرى تبلغ من العمر 16 عاماً، تقول عائلتها وجماعات حقوقية إن قوات الأمن قتلتها، ليرد مكتب المدعي العام في طهران بأنَّ شكارامي ألقيت من أعلى مبنى خلال حادث “لا علاقة له بأعمال الشغب الأخيرة”.
ارتفاع حصيلة الضحايا
وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران، ومقرها النرويج، في بيان السبت، إن “185 على الأقل، بينهم ما لا يقل عن 19 طفلاً، سقطوا في الاحتجاجات على مستوى البلاد. ووقع أكبر عدد من عمليات القتل في إقليم سيستان وبلوخستان، حيث سقط نصف العدد المسجل”.
وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي تواصل الاحتجاجات في عشرات المدن في أنحاء إيران في ساعة مبكرة من صباح الأحد، مع مشاركة مئات من طالبات المدارس الثانوية وطلاب الجامعات.
وقالت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان إن الاحتجاجات تواصلت على الرغم من استخدام قوات الأمن للغاز المسيل للدموع والهراوات والذخيرة الحية في كثير من الحالات. وتنفي السلطات الإيرانية استخدام الرصاص الحي.
وأعلن علي رضا نادالي، المتحدث باسم مجلس مدينة طهران، سقوط عنصر من الباسيج التابع للحرس الثوري، يدعى سلمان أمير أحمدي، في الحي السابع عشر بطهران، خلال الاحتجاجات مساء السبت، بحسب ما ذكره موقع “إيران إنترناشيونال”.
كما ظهر مقطع فيديو لمحتج وهو يضرم النار في صورة زعيم فيلق القدس السابق قاسم سليماني بمدينة “بندر عباس”.
#احتجاجات_إيران: إضرام النار في صورة قاسم سليماني بمدينة "بندر عباس" pic.twitter.com/xVKCR03Hby
— إيران إنترناشيونال-عربي (@IranIntl_Ar) October 9, 2022
“عقوبات رادعة”
وقال مساعد وزير الداخلية الإيراني للشؤون الأمنية، مجيد مير أحمدي، إنه “من الآن فصاعداً لن يتم الإفراج عن المعتقلين حتى تتم محاكمتهم، وستتم المحاكمات بسرعة، وستصدر بحقهم أحكام حازمة ورادعة”، بحسب ما أوردت “بلومبرغ”.
وفي سياق متصل، ظهر المغني الإيراني شروين حاجي بور، الأحد، في شريط فيديو على انستجرام، للمرة الأولى منذ الإفراج المشروط عنه بعد توقيفه في أعقاب نشره أغنية داعمة للاحتجاجات التي تشهدها البلاد على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني.
واكتسب حاجي بور، البالغ 25 عاماً، والذي عرف بموسيقى البوب وكتابة الأغاني، شهرة واسعة جراء أغنية “برايِ” (“من أجل” بالفارسية). وكانت كلمات الأغنية مستقاة من تغريدات يتحدث فيها مستخدمو تويتر عن الأسباب التي تدفعهم الى الاحتجاج.
وبعدما أفادت منظمات حقوقية خارج إيران عن توقيفه بعد انتشار الأغنية، نقل الإعلام الرسمي الثلاثاء عن مسؤول قضائي نبأ الافراج عنه بكفالة.
وأثار الرد الإيراني على الاحتجاجات تنديداً غربياً، وبينما فرضت الولايات المتحدة وكندا بالفعل عقوبات على السلطات الإيرانية، يبحث الاتحاد الأوروبي تجميد أرصدة مسؤولين إيرانيين ومنعهم من السفر.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك لصحيفة “فيلت أم زونتاج”، الأحد “أولئك الذين يضربون النساء والفتيات في الشوارع ويخطفون ويسجنون تعسفياً، ويحكمون بالإعدام على من لا يريدون أي شيء سوى العيش بحرية، يقفون على الجانب الخطأ من التاريخ”.
بدورها، وصفت السلطات الإيرانية الاحتجاجات بأنها “مؤامرة من أعداء البلاد”، بما في ذلك الولايات المتحدة، واتهمت معارضين مسلحين وآخرين بارتكاب أعمال عنف، قيل إنَّ ما لا يقل عن 20 من أفراد قوات الأمن سقطوا فيها.