بيروت – الناس نيوز
ازدادت في بعض البلدان العربية حالات الطلاق والعنف الزوجي أثناء اضطرار الأزواج للبقاء في البيت نتيجة لحالات الحجر الصحي ومنع التجول.
ففي سوريا، كانت الأرقام صادمة فيما يتعلق بارتفاع معدل حالات الطلاق تقديرياً في مختلف المحافظات السورية، خلال الفترة القليلة الماضية، وتضاعفها حمس مرات عن معدلاتها سابقاً.
وكشف مستشار وزير الأوقاف “حسان عوض” لمحطة إذاعة سورية محلية أنه كان يبحث في حالة طلاق واحدة يومياً من قبل، ولكن معدل الحالات التي ترد إليه منذ منتصف الشهر الفائت، ارتفعت إلى 5 حالات يومياً.
وأشار “عوض” أن الوزارة تُعالج حالات الطلاق الواردة عبر الهاتف، على الرغم من أن حضور الزوجين أمام القاضي كان واجباً في الحالة الطبيعية، بحسب إذاعة “المدينة إف إم” المحلية.
وارجع مستشار وزير الأوقاف سبب ارتفاع حالات الطلاق إلى التماس المباشر بين الزوجين، والواقع السيء الموجود في بعض العلاقات الزوجية، والذي لم يكن ملحوظاً في السابق، مستنداً إلى حظر التجوال الذي أجبر الزوجين على قضاء فترات طويلة في المنزل، متجاهلاً الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية التي يعيشها السوريون، وارتفاع الأسعار الذي شكّل أعباءً إضافية عليهم.
موت طفلة
وفي مدينة طرابلس بلبنان، وصلت مهى، ابنة الخمس سنوات، جثة هامدة إلى المستشفى الإسلامي في المدينة، بعدما اعتدى عليها أبوها بالضرب وألحق كامل جسمها بكدماتٍ وكسور.
ووفق موقع درج اللبناني فإن قصة هذه الطفلة، بحسب تقرير الطبيب الشرعي، هي واحدة من مئات قصص التعنيف المنزلي لا سيما في فترة الحجر الصحي هذه. وقد استهدفت قصص العنف هذه الكثير من الزوجات والبنات والأخوات، ليتحوّل البيت من فضاء آمن إلى مساحة تفيض بالأخطار، خلال هذه الفترة. فقد تختبئ إحداهن في منزلها خوفاً من الموت بفايروس “كورونا”، وتموت قتلاً على أيدي من يشاركها السكن، وهذا ما حصل مع الطفلة مهى.
وقالت كاتبة التقرير مريام سويدان إنه منذ انتشار “كورونا” والتزام البقاء في البيت، تتفاقم الخشية على النساء والأطفال العالقين في بقعة واحدة مع معنِّف او أكثر. فالبيت يُعتبر أصلاً من أكثر الأماكن التي سُجّلت فيها جرائم قتل النساء بحسب تقرير للأمم المتّحدة. فكيف إذا لم يعد الخروج متاحاً، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي تفاقمت بسبب الوضع الصحي المستجد، والتي بدورها تزيد الضغط والتوتر، وبالتالي يمكن أن ترتفع احتمالات العنف الموجّه إلى الفئات المستضعفة.
العنف يزيد ومراكز الإيواء غير متوفرة
واستقبلت منظمة “كفى عنف واستغلال” في شهر الحجر المنزلي 75 اتصالاً لنساء يتصّلن للمرة الأولى بالجمعية، وهو عدد لا يتجاوز عدد الاتصالات التي تلقّتها “كفى” في شهر آذار/ مارس من السنة الماضية. أما عدد النساء اللواتي اتّصلن بالمساعدات الاجتماعيات للمتابعة فهو 55.
وفسّرت “كفى” استقرار الأرقام على الوتيرة نفسها، بخوف النساء من اللجوء إلى مساعدة المراكز الاجتماعية بسبب وجود المعنّف في البيت. فالمفارقة، كانت زيادة تلقي المؤسسة الرسائل المكتوبة والنصوص، التي لا تشكّل خطراً كبيراً عليهن.
في المقابل، أفادت قوى الأمن الداخلي بأن الخط الساخن 1745 المخصّص لشكاوى العنف الأسري، شهد ارتفاعاً بنسبة 100 ف المئة في عدد التبليغات التي وصلته، مقارنة بعدد الحالات التي تلقّاها في آذار 2019.
ووفقاً لتقرير “كفى” لشهر آذار، فإن دائرة العنف خلال فترة الحجر توسّعت لتشمل إضافة إلى الزوج، الأب والأخ والخال في لبنان. كما أن 70 في المئة من الاتصالات التي كانت ترد إلى مركز الدعم في البقاع هي من لبنانيات، مقابل 30 في المئة للاجئات سوريات، بينما كانت النسبة في الأشهر السابقة 55 في المئة لبنانيات، 45 في المئة سوريات.
أما في مضمون الاتصالات، فأغلبها كان لاستشاراتٍ قانونية متعلّقة بقضايا الضرب والإيذاء، مشاهدة أو استلام أطفال وقضايا النفقة. وهناك شكاوى تتعلّق بالأوضاع الاقتصادية وطلب مساعدات عينية وغذائية.
وفي العالم أيضا
كشفت فترة العزلة مدى هشاشة علاقة الرجل بشريكته. فنسبة تعرّض النساء للعنف اللفظي كما الجسدي، سجّلت ارتفاعاً ملحوظاً في معظم دول العالم، حتى تلك التي وعدت بخفض نسبة العنف ضد النساء إلى الصفر، وليس في الدول العربية حصراً.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، دعا إلى حماية النساء والفتيات من العنف الأسري خلال فترة الحجر المنزلي، بجعل “منع العنف ضدّ المرأة وجبر الضّرر الواقع من جرّاء هذا العنف جزءاً رئيساً من خطط الحكومات الوطنية للتصدي لكوفيد-19”.
ففي فرنسا مثلاً، سجّلت السلطات زيادة كبيرة في حوادث العنف المنزلي، إذ ارتفعت بنسبة 32 في المئة في مناطق، و36 في المئة في مناطق أخرى في الأسبوع الأول فقط.
وأشارت صحيفة ديلي ميل البريطانية إلى وقوع 12 جريمة قتل في 5 أيام فقط في بريطانيا! وكذلك الصين، التي سجّلت ارتفاعاً مهولاً في نسبة الاعتداءات على النساء، وصل إلى ثلاث مرات أكثر مما كان عليه في الفترة نفسها من العام الماضي، في مقاطعة هوباي.
في المقابل، هناك دول اتخذت تدابير جدية لمناهضة العنف الأسري، منها إسبانيا، التي طرحت خدمة الرسائل الفورية مع تحديد الموقع الجغرافي، وكذلك خدمة الدردشة الفورية مع فرق الدعم النفسي… إلا أن الخوف الحقيقي هو اتخاذ العنف ضد النساء انعطافاً أكثر تعقيداً، كطرد النساء من بيوتهن من دون أن يكون لهن مكان آخر يتوجهن إليه في أزمة “كورونا”.
وفي سوريا
وأصدرت رئاسة مجلس الوزراء، الثلاثاء 24 آذار، قراراً يقضي بحظر تجول جزئي، بدءً من يوم الأربعاء 25 آذار، وحتى إشعار آخر، حيث كُلفت وزارة الداخلية باتخاذ كافة الإجراءات لتنفيذ الحظر، وفق المدة المقررة، على أن يكون المحافظ وقائد الشرطة في كل محافظة معنيين بالتنفيذ على أرض الواقع واتخاذ العقوبات بحق المخالفين، إضافة لتكليف وزارتي التجارة الداخلية والإدارة المحلية بتأمين الخبز في جميع المناطق والأحياء، من خلال السيارات الجوالة والمعتمدين وبإشراف مباشر من الوحدة الإدارية لمنع التجمعات.
وأتبعت رئاسة الحكومة، قرارها السابق، بقرار يقضي بحظر تنقل المواطنين بشكل كامل بين المحافظات السورية، اعتباراً من الساعة السادسة من مساء اليوم الثلاثاء، وحتى 16 نيسان، على أن تتكفل وزارة الداخلية بـ “وضع التعليمات التنفيذية لتطبيقه”.
قرارات متتالية صدرت تباعاً، بعزل العديد من مناطق دمشق وريفها، خلال الأيام القليلة الماضية، كعزل بلدتي البويضة وحجيرة جنوب دمشق، وقبلها عُزلت منطقة السيدة زينب المجاورة، إضافة لعزل جرمانا في ريف دمشق، وصيدنايا في القلمون الغربي، فيما كانت بلدة منين أولى المناطق التي تُعزل بشكل كامل.