سيدني – الناس نيوز ::
تتزايد معدلات أعطال توربينات الرياح حول العالم -عامًا بعد عام- ما يثير تساؤلات حول عوامل الأمان ومدى الثقة التي يمكن منحها لأحد أهم قطاعات الطاقة المتجددة بالنسبة للأجيال القادمة.
وأبلغت كبرى الشركات العالمية المتخصصة في صناعة التوربينات وتشغيلها عن تكبدها خسائر فادحة من عمليات الإصلاح والصيانة الدورية.
وتضم هذه الشركات: سيمنس جاميسا الألمانية، وفيستاس ويند سيستمز الدنماركية، وجنرال إلكتريك الأميركية، وفقًا لموقع رنيو إيكونومي المتخصص ().
واضطرت سيمنس جاميسا الألمانية إلى زيادة مخصصات بنود الضمان والصيانة بسبب حوادث الإبلاغ المتكررة عن أعطال توربينات الرياح؛ ما أدى -مع أسباب أخرى- إلى تكبدها خسائر فادحة خلال الربع الأخير من العام الماضي، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
حوادث في أستراليا
لا تتوافر بيانات كافية حول معدلات فشل الطرازات الأحدث من التوربينات في أستراليا، لكن البلاد شهدت عددًا من الانهيارات المثيرة للاهتمام.
واشتعلت النيران في توربينات من إنتاج فيستاس في مزرعة رياح كاثيدرال روكس غرب ميناء لينكولن الأسترالي خلال شهر يناير/كانون الثاني 2023.
ويعود تاريخ تركيب هذه التوربينات إلى أعوام 2004-2007؛ ما يعني أنها من طرازات أقدم قليلًا، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتُعَد مزرعة رياح كاثيدرال روكس، أحد أقدم مشروعات طاقة الرياح في أستراليا؛ إذ يرجع تاريخ بدء إنتاجها إلى عام 2007، أي منذ 16 عامًا، بينما يرجع تاريخ بنائها إلى عام 2004.
وتضم هذه المزرعة، في الوقت الحالي، 33 توربينًا من طراز فيستاس 2 ميغاواط، وتبلغ طاقتها التوليدية الإجمالية 66 ميغاواط، وليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها المزرعة لحادث احتراق أحد التوربينات؛ فقد مرت بحادث مماثل في عام 2009.
كما شهد العام الماضي، سقوط توربين من إنتاج فيستاس في مزرعة رياح غرب أستراليا، بسبب تصدع في البرج الفولاذي الحامل للتوربينات.
حوادث في أميركا
ما زالت حادثة سقوط توربين مزرعة “تيتل دوندونيل” بولاية فيكتوريا (أواخر عام 2020)، الأكبر على مستوى أستراليا؛ حيث سقطت شفرة بطول 73 مترًا بوزن 15 طنًا.
كما سقطت شفرة توربينات من الطراز الدنماركي نفسه، في مزرعة رياح أخرى تحمل اسم (لال لال) بولاية فيكتوريا عام 2019.
على الجانب الآخر، رصدت وكالة بلومبرغ حوادث سقوط مماثلة لطرازات أخرى من التوربينات ولكن من صنع شركة جنرال إلكتريك الأميركية.
فقد شهدت مزرعة رياح بالقرب من مدينة أوكلاهوما سيتي، حادثة سقوط أحد التوربينات في النصف الأول من عام 2022.
كما سقط توربين آخر من صناعة جنرال إلكتريك في ولاية كولورادو، بسبب عيب في شفرة التوربين وفقًا لبلاغ مشغل المزرعة، بينما رفض متحدث الشركة التعليق، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
تضخم تكاليف الضمان
أغلقت الشركة الألمانية، العام المالي الماضي (2022)، بخسارة ربع سنوية قدرها 884 مليون يورو (1.4 مليار دولارًا)، ما يعادل أكثر من ضعف الخسارة المسجلة في المدة المقارنة من العام السابق.
(يورو = 1.07 دولارًا أميركيًا)
كما أظهرت نتائج الربع الأخير (الممتد من سبتمبر/أيلول إلى ديسمبر/كانون الأول)، ارتفاع صافي المديونية المستحقة على الشركة إلى 1.9 مليار يورو.
وأسهم تراجع الإيرادات وبنود الصيانة والضمان في تكبد الشركة 472 مليون يورو من خسائر الربع الأخير، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وألقت الشركة بالمسؤولية على انخفاض الإيرادات في جانب من الخسائر يعادل 187 مليون يورو، بينما عزت الجزء الأكبر (285 مليون دولار) إلى بنود ضمان المكونات المعيبة وأعمال الصيانة الفادحة.
سيمنس تشتكي
قالت سمينس جاميسا، في بيان نتائج الأعمال، إن معدلات الأعطال المتزايدة لتوربينات الرياح تشير إلى اتجاه سلبي كبدها تكاليف أعلى من المتوقع والمرصود لبنود الصيانة والضمان.
وأشارت الشركة إلى تأثر نتائج الأعمال بصورة جوهرية بنتائج المراقبة الدورية للشركة وتقييم الأعطال الفنية لأسطولها المركب من مشروعات الطاقة المتجددة.
ولم تحدد الشركة، في البيان، أي المكونات التي تلقت عنها بلاغات أكثر بالتعطل أو الصيانة أو العيب، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
أعطال توربينات الرياح
توربين من صنع سيمنس الألمانية، الصورة من موقع nexans
وتأتي نتائج الأعمال السلبية في وقت حساس بالنسبة لشركة سيمنس جاميسا التي تخطط لشطب أسهمها من بورصة الأوراق المالية الإسبانية والدخول في عملية اندماج مع شركة سيمنس إنرجي.
فيستاس ترفع بند الضمان
في السياق نفسه، أظهرت نتائج أعمال شركة فيستاس ويند سيستمز الدنماركية، اضطرارها لزيادة مخصصات بنود الضمان والصيانة بقيمة 210 ملايين يورو (225 مليون دولار) خلال الربع الأخير من العام الماضي.
وقالت الشركة المصنفة -منذ سنوات- أكبر مصنع عالمي لتوربينات الرياح، إن طلبات الاستدعاء وتكاليف الصيانة أصبحت باهظة جدًا.
وأشارت الشركة إلى اضطرارها لزيادة الإنتاج بنسبة 4% لتغطية المكونات المغطاة بالضمان، مع كثرة الإصلاحات وأعمال الصيانة غير العادية؛ ما يمثل تكلفة مهدرة غير مدفوعة الثمن.
جنرال إلكتريك تلقي باللوم
في السياق نفسه، أظهرت نتائج أعمال شركة جنرال إلكتريك المنافسة في القطاع، تكبدها خسائر فادحة بلغت 2.2 مليار دولار خلال عام 2022.
وألقت الشركة الأميركية باللوم في هذه الخسائر، على ارتفاع تكاليف شروط الضمان في قطاع الرياح، إضافة إلى عوامل أخرى أسهمت في انخفاض الإيرادات السنوية بنسبة 17%.
وتنذر نتائج أعمال الشركات العالمية الـ3 الكبرى في القطاع، بمخاطر متصاعدة قد تهدد أرباح الشركات المنخرطة أو قد تضطرها إلى رفع أسعار منتجاتها بمعدلات قد تعوق انتشار طاقة الرياح حول العالم.
أين الخلل؟
تختلف التفسيرات حول تفاقم ظاهرة أعطال توربينات الرياح عامًا بعد عام، وبعضها يركز على تضخم أحجام التوربينات وشفراتها بفضل ثورة تقنيات الطاقة المتجددة؛ ما سمح بتركيب آلات متنافسة في الحجم والقدرة التوليدية دون الاهتمام بعوامل الأمان بصورة كافية.
وأنتجت جنرال إلكتريك، منذ عام 2017، عددًا من طرازات التوربينات الأكبر حجمًا، في إطار المنافسة الشرسة مع فيستاس الدنماركية وسيمنس الألمانية.
واعترف الرئيس التنفيذي للشركة الأميركية لاري كلوب، بأن الابتكار السريع لتقنيات التوربينات وأحجامها يجهد التصنيع وسلاسل التوريد على حساب الجودة بصورة أو بأخرى.
وقال كلوب، في تصريح، إن استقرار الإنتاج وجودة المنتجات الجديدة سيحتاجان إلى مزيد من الوقت للتأكد من وصولهما للمعدلات المأمولة، بحسب ما نقلته عنه وكالة بلومبرغ.
البيانات غير متوافرة
لا تتوافر بيانات على مستوى الصناعة -حتى الآن- للتحقق من تاريخ صعود التوربينات وهبوطها، وما زال اكتشاف العيوب يعتمد على الملاحظة المباشرة للخبراء في مواقع مزارع الرياح.
واشتكت شركة التأمين الأميركية جي كوب أندررايتنغ كثرة الأعطال التي تحدث للتوربينات الجديدة الأكبر حجمًا في مدى زمني أقصر من المتوقع؛ ما قد يضطرها إلى مراجعة شروط التأمين على القطاع.
ويمكن للتوربينات الأكبر حجمًا أن تولّد كهرباء أكبر، لكن احتمالات أعطالها أو سقوطها ما زالت أكبر في المقابل، وفقًا لتقرير نشره موقع بوبيولار ميكانيكس المتخصص (popular mechanics).
وتعتمد تكاليف التأمين في الغالب على درجة المخاطرة في النشاط المؤمّن عليه؛ فكلما كانت المخاطر أعلى كانت الشروط أشد والتكاليف أعلى، على العكس من الأنشطة ذات المخاطر الأقل.
تنافس حول الأحجام
ارتفع متوسط قطر دوران التوربينات في الولايات المتحدة إلى 127.5 مترًا حتى عام 2021، كما بلغ المتوسط في التوربينات البحرية الأكبر في العالم قرابة 252 مترًا.
كما يتسابق المطورون لمشروعات الرياح في أستراليا، على طرح توربينات أكبر في الحجم والقطر في إطار التنافس الصاعد بين شركات الطاقة المتجددة.