طرطوس ( الساحل السوري ) – الناس نيوز :
مرة جديدة يشهد الساحل السوري ، البيئة الحاضنة لنظام بشار الأسد ، حدثاً “غير مألوف”، يتمثل بالتظاهر وإحراق الإطارات احتجاجاً، على الأوضاع المعيشية المتردية التي أوصل النظام البلاد والشعب لها ، بفعل مخططاته وسياساته .
وتأتي هذه التظاهرة بعد أيام على الاحتجاجات في قرية ديرين بريف جبلة (في محافظة اللاذقية)، حيث شهد ريف محافظة طرطوس ، الأحد ، حادثة مماثلة جاءت أكبر من حيث ديمومتها، وعدد المشاركين فيها، وآثارها.
ورفع الأهالي شعارات “إن ما كبرت مارح تصغر” وذلك في قرية الزرقات حيث “قطع الطريق” المؤدي إلى مكب للقمامة، الذي أدى إلى تلوث المياه في القرية ، وهو الأمر الذي أدى لتفلت الشارع هناك .
ونشر الأهالي في عدد من القرى بريف مدينة صافيتا مطالبين بحل لمشكلة مكب “وادي الهده” الذي وصفه البعض هناك بـ “تشيرنوبل” نظراً لخطر السموم المنبعثة منه والتي أدت إلى تلوث مياه الشرب، فصار الناس هناك يعتمدون على الآبار والينابيع، وتلك سرعان ما تعرضت للتلوث أيضا، حسب ما يقول أهالي القرى هناك.
لم يكن من حل سوى “قطع الطريق” المؤدي إلى المكب، وهو ذاته الطريق السريع الذي يربط صافيتا بطرطوس، وذلك بإحراق الإطارات ووضع كتل إسمنتية، والتظاهر في المكان، بمشاركة أهالي عدد من القرى المتضررة من المكب، ومنها: يحمور الزرقات، الفطاسية، خربة المعزة، ومنية يحمور.
وشكل هذا الحدث الحيرة للمؤسسات العامة التي تقف حائرة بخصوصه، إذ توجهت الشرطة إلى المكان ، ولم تسجل أية حالة اشتباك، أما وكالة “سانا” الرسمية فقد نشرت، بعد ساعات على الحادثة، تصريحاً لمحافظ طرطوس صفوان أبو سعدى يقول فيه :” إن هناك خطة متكاملة لمعالجة ملف النفايات بالكامل”، وأشار إلى أنه “يتابع الأمر بشكل مباشر”، وأن “باب المحافظة مفتوح للقاء الأهالي”، وهو ما أعادت المحافظة نشره عبر صفحتها الرسمية في الفيسبوك.
ورأى بعض الأهالي في تصريح مسؤول النظام “تسويفا” وبدل ان يخرج لملاقاة الأهالي المتضررين استدعاهم إلى مكتبه. ولهذا استمر قطع الطريق، وكان لافتاً أن معظم التعليقات تؤيد تحرك الأهالي ، حتى تلك التي كتبها البعض على صفحة المحافظة ذاتها.
وكانت مؤسسة مياه الشرب في المحافظة، أكدت أن المياه في عدد من تلك القرى “غير صالحة للشرب”، وذلك بسبب “ارتفاع نسبة النشادر فيها”، نتيجة “العصارة الناتجة عن مكب وادي الهده واختلاطها بالصرف الصحي القادم من قطاع بشبطة، حيث تسببت بتلوث عشرات الآبار الخاصة”
الثانية خلال أسبوع .
يوم الجمعة الماضي شهدت قرية “ديرين” في ريف جبلة تجمعاً محدوداً لعدد من الذي لم يتمكنوا من الحصول على الخبز ليومين، رغم أن الخبز موجود في القرية (آلية توزيع الخبز الجديدة تربط كل شخص بمخبز محدد)، وأشعل هؤلاء إطارين وسط الطريق، ورغم محدوديتها إلا أنها انتشرت بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تدخل مدير المنطقة وضباط الشرطة ليقدموا وعود الحل، ويطوقوا الحادثة التي كانت الأولى في الساحل السوري منذ عقد تقريباً .
ورغم أن ما يجري في ريف طرطوس، لم ينتشر بالدرجة ذاتها عبر وسائل الإعلام، إلا أن حجم التفاعل الكبير معه على مواقع التواصل الاجتماعي، كان كبيراً، واللافت أنه معظم التعليقات جاءت مؤيدة، رغم الحذر الذي بدا فيها، والذي يؤكد أن ذلك التحرك “مطلبي” لانتزاع حق وصل حد التهديد بمياه الشرب ، ولقمة الخبز .
يذكر أن هناك احتقان كبير في عموم المجتمع السوري نتيجة الأوضاع المعيشية الخطيرة التي وصل إليها الناس، لكن اللافت هو زيادة الاحتقان في الشارع الموالي للنظام ، بحيث بدأت صرخات المعاناة ترتفع ، فردياً أو جماعياً ، لكن تلك الصرخات تبقى تحت سقف المطالب الخدمية والاعتراض على فساد الحكومة وليس الحكم .