لندن – الناس نيوز ::
في حياة معظم الناس تقريبا، دائما ما يكون هناك شخص معين معروف بخفة الظل والرغبة في إطلاق النكات طوال الوقت، حتى وإن لم تلاق نكاته الضحك والفكاهة المرجوة.
لكن من كان ليصدق أن مثل تلك العادة قد تشير لإصابة الشخص باضطراب وحالة قهرية نتيجة لمشكلة ما في تركيب الدماغ؟
ما متلازمة “ويتزلسوكت” للمزاح القهري؟
تُعرف حالة المزاح المرضي وإلقاء النكات القهري باسم متلازمة “ويتزلسوكت” (Witzelsucht)، وتوصف بأنها اضطراب عصبي يدفع المصاب للمزاح القهري والإفراط في إلقاء النكات غير المناسبة أو المضحكة.
ووفق تقرير بموقع “سايكولوجي توداي” (Psychology Today) الأميركي للصحة العقلية والطب النفسي، يُشتق الاسم في أصله من الكلمة الألمانية (Witz) بمعنى نكات، وكلمة (Sucht) التي تعني إدمان.
وتحدث الحالة بشكل عام نتيجة لسكتة دماغية (أو إصابة وارتطام حاد) بالمنطقة الأمامية من الدماغ على الجانب الأيمن.
وظهرت واحدة من أولى الحالات من قبل طبيب الأعصاب الألماني أوتفريد فورستر في العام 1929. حينها كان فورستر يجري عملية جراحية لإزالة ورم من أحد مرضاه.
وأثناء العملية، بينما كان الرجل لا يزال واعيا مثلما جرت العادة في ذلك الوقت، لاحظ الطبيب سلوكا غريبا عندما بدأ العمل على الورم الدماغي أثناء استئصاله. إذ انخرط الرجل فجأة في “رحلة جنونية من المزاح وإلقاء النكات”، وفقا لتقرير حول متلازمة “ويتزلسوكت” بموقع “بي بي سي فيوتشر” (BBC Future) البريطاني للعلوم والمعلومات.
في نفس العام، أفاد الطبيب النفسي أبراهام بريل بأنه صادف مرضى مشابهين كانوا يمزحون حول “أي شيء وكل شيء”، حتى عندما لا يتم ربطهم بطاولة العمليات. حينها تم الربط لأول مرة بين المتلازمة وإصابات الفص الجبهي.
الأسباب التي تؤدي للمعاناة من المتلازمة الغريبة
يتحكم الفص الأمامي من الدماغ البشري في السمات الشخصية والطباع وحس الفكاهة، وقد تؤدي أي تغييرات في هذه المنطقة إلى تحولات جذرية في الحالة المزاجية والأذواق والاهتمامات.
ووفق موقع “غيزمودو” (Gizmodo)، غالبا ما يصاب الأشخاص الذين يتعرضون للضربات والإصابات والحوادث على الجانب الأيسر من الدماغ بالاكتئاب والغضب، بينما يميل المصابون في الجانب الأيمن إلى الشعور بالنشوة والحيوية بغض النظر عن أي شيء متعلق بالتجارب الشخصية والخبرات المُكتسبة.
وفي حين يعتقد الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب أن نكاتهم مرحة وغاية في الكوميديا والمرح؛ لا يتأثرون في المقابل بأي حس فكاهي من الآخرين، ولا يتقبلون أو يتذوقون أي مرح أو مزح من غيرهم.
ووفق خبراء الصحة العقلية وعلم الأعصاب في تقرير لمجلة “هاو ستاف ووركس” (How Stuff Works)، يمكن أن يؤدي تلف الفص الجبهي أيضا لأكثر من مجرد إلقاء قهري للنكات السخيفة والمعاناة من متلازمة “ويتزلسوكت”، فهو يؤثر كذلك على مراكز المتعة في الدماغ.
لذا قد يعاني بعض المصابين من أعراض فرط النشاط الاجتماعي والقلق الاجتماعي واضطرابات في التواصل والتفاعل بشكل طبيعي مع غيرهم، لأن الحالة تجعل من الصعب عليهم أيضا قراءة المواقف الاجتماعية وسلوكيات الآخرين في المعاملات اليومية المعتادة.
طرق التعامل مع المشكلة
رغم أنه تم التوصل للأسباب المحددة وراء الحالة، فإنه إلى اليوم لا توجد طرق عديدة لعلاج اضطراب “ويتزلسوكت”.
ومع ذلك، يمكن للأطباء تجربة العلاج السلوكي النفسي المتمثل في الشرح والدعم المستمر للمصاب للتأكيد على أن فكاهته قد لا تكون كوميدية بالضرورة، مع التدريب على التقليل منها والسيطرة على الإلحاح النفسي الذي يصاحبها.
أما في بعض الأحيان، عندما تصبح المشكلة والأعراض سيئة للغاية ومهددة لشكل الحياة الطبيعي للشخص المصاب، فيمكن للطبيب النفسي والمتخصص في الصحة العقلية وعلم الأعصاب وصف مثبتات الحالة المزاجية لمحاولة إعادة الشخص إلى شخصيته السابقة.