جورج صباغ – الناس نيوز :
نبه فيلم المعضلة الاجتماعية ” The Social Dilemma”إلى مفاجآت خطيرة وسبّب صدمةً كبرى في الولايات المتحدة والعالم منذ إطلاقه الشهر الماضي (09-2020) بسبب كشفه لحقائق رهيبة عن أنظمة السوشيال ميديا وسيطرة الذكاء الاصطناعي الذي ابتكرته تلك الشركات وسبّب إدماناً لمستخدميها الذين تجاوزوا المليارين من خلال التأثير على أفكارهم وعاداتهم وعلى أصواتهم الانتخابية، و خَلق أفراداً تضخمت أموالهم ليصبح مؤسسو تلك المنصات أغنى أثرياء العالم اليوم.
شارك في الفيلم الوثائقي نخبة هامة من كبار المديري والمبرمجين الذين عملوا في أكبر الشركات التي أَنشأت مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك، إنستغرام، غوغل، يوتيوب، آبل، تويتر، بالم، وبينتريست، و منهم من ساهم في تأسيس متصفح موزيلا وفايرفوكس وغوغل درايف وجي ميل تشات، والمبرمج الذي اخترع أهم خاصية في فيس بوك وهي زر الإعجاب، كذلك تحدث في الفيلم مستثمرون وخبراء في تحليل تأثير مواقع التواصل على المستخدمين بعد أن تخلوا عن وظائفهم في تلك الشركات العملاقة بسبب اكتشافهم أن ما اخترعوه خرج عن السيطرة الاجتماعية.
ويعرض الفيلم أن التكنولوجيا التي تربطنا ببعض تتحكم بنا أيضاً يتم توضيحها عبر اعترافات قاسية وحقائق صادمة وثقها المديرون المشاركون في الفيلم، اخترتُ لكم بعضاً منها كما جاءت في سياق نص الفيلم حرفياً:
” إن كل شيء يفعله الناس على الإنترنت وكل إجراء يتخذونه يُراقب ويُتعقب ويُقاس بدقة”.
يفكر الكثير من الناس، أن غوغل مجرد محرك بحث، وفيس بوك موقع لرؤية الأصدقاء، بينما يهدف نموذج العمل لدى هذه الشركات لإبقاء الناس على مواقعها أطول فترة ممكنة”. “هم يتابعونكم خلال تصفحكم لصورة معينة وتنظرون إليها بالضبط ويحسبون كم من الوقت تقضونه في مشاهدتها وحفظها أو مشاركتها”. “هم يعرفون حين يشعر المرء بالوحدة أو الاكتئاب” و” يعرفون أيضاً حين يشاهد الناس صور أحبابهم السابقين”.
” يعلمون كل شيء عن المرء: متى ينام ومتى يصحو والمدة التي يقضيها وما هو أول تطبيق يفتحه المرء كل صباح”. ” يُعاد استخدام كل الصفحات التي زرناها وكل النقرات التي نقرناها وكل الفيديوهات التي شاهدناها وكل “اللايكات” التي نضعها سوف يُستفاد منها لبناء نموذج دقيق جداً، وبمجرد امتلاكهم لذلك النموذج سيمكنهم توقع ما سيفعله المستخدم لاحقاً”.
” تبني المواقع الكبرى نماذج للبيانات تتوقع أفعال المستخدمين، والموقع الذي يبني نموذجا أفضل يفوز بعدد أكبر من المستخدمين”.
وثق مخرج الفيلم المصور والمخرج جيف أورلوفسكي ” Jeff Orlowski ” في “المعضلة الاجتماعية” أنواع السلطة والتحكم في العالم بأسره، وطرح سؤالاً حول تسبب وسائل التواصل الاجتماعي بالاكتئاب للأبناء. كما يعرض القسم الدرامي من الفيلم تجربة عائلية مؤثرة، حيث تفرض الأم على كل أفراد أسرتها عدم استخدام الموبايلات أثناء تناول الطعام فتضع موبايلات الجميع في صندوق محكم، ولكن رد الفعل كان تسلل المراهقة بعيداً عن طاولة الطعام لتستعيد وبشكل عنيف موبايلها من أجل متابعة مواقع التواصل. وعلق أحد المشاركين في الفيلم أن الدراسات أكدت تزايد أعداد خضوع المراهقات لعمليات التجميل تأثراً بصورهم عبر التطبيقات مثل “سناب تشات”.
معلومات هامة عن تأثير منصات التواصل ونصائح ذهبية للمستخدمين من الخبراء.
نشر فيلم المعضلة الذهبية اعترافات الخبراء والمديرين ومحللي تأثيرها على الإنسان بشكل دقيق وتصريحات بلسانهم حول أهداف الشركات الكبرى المخفية التي أدت لسيطرتها اليوم على العالم كغوغل وفيس بوك وغيرها، إليكم بعضها:
” عندما تكتبون في متصفح غوغل (التغير المناخي هو) ستحصلون على نتائج مختلفة بحسب أمكنة إقاماتكم وسترون اقتراحات أخرى لمدن معينة تستكمل تلقائياً وهذا ما يقدمه لكم نموذج غوغل عبر معرفته باهتماماتكم”.
” صنعنا في مجال التكنولوجيا الأدوات لزعزعة استقرار وتدمير نسيج المجتمع في كل دولة دفعة واحدة، كما حصل في (ألمانيا، إسبانيا، فرنسا، البرازيل وأستراليا) وهي بعض أكثر الدول تطوراً في العالم”.
” تواجه الديمقراطية اليوم أزمة ثقة، وهو اعتداء عالمي على الديمقراطية وخاصة أن معظم الدول المستهدفة هي التي تجري فيها انتخابات ديمقراطية”.
” أنشأنا نظاماً ينحاز إلى المعلومات الخطأ، ليس لأننا أردنا ذلك بل لأن المعلومات المضللة تجني للشركات الكثير من الأموال لأن الحقيقة مملة عادةً”.
” انتقلنا من عصر المعلومات الصحيحة إلى عصر المعلومات المضللة”.
” إن أٍردتم السيطرة على سكان بلادكم فلا توجد وسيلة فعالة مثل فيس بوك”.
” ثمة أوقات تكون فيها المصلحة الوطنية هي الأهم، وهي أوقات تكون في مصلحة الناس والمستخدمين وهي أهم من أرباح شخص هو بالأساس ملياردير ولا يحتاج المزيد”. “كما نحظر اليوم أسواق تجارة العبيد وتجارة الأعضاء البشرية، يجب حظر هذه الأسواق الإلكترونية قانونياً”. ” يجب أن تكون النوايا هي: كيف يمكن أن نجعل العالم أفضل؟”.
” انتقلنا من عصر المعلومات الصحيحة إلى عصر المعلومات المضللة”.
وفي نهاية الفيلم ينصح المشاركون رواد مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت بالآتي:
” احذفوا التطبيقات من أجهزتكم وخاصة التي ترسل لكم إشعارات في غير وقتها أو مكانها؟”. ” لم أعد استعمل محرك غوغل بل موقع بحث فرنسي اسمه كوانت “Qwant” لأنه لا يخزن سجل البحث لديه”.
” لا تقبلوا أي فيديو موصى به لهم على اليوتيوب، بل اختاروا دوماً ما تريدون رؤيته أنتم!”. “قبل أن تشاركوا الأخبار تحققوا من صدقيتها، وفكروا بمصادرها، وابحثوا أكثر عنها”. ” تيقنوا إن شعرتم أن هناك شيئاً قد صُمم لتحفيز مشاعركم!”.
“لاحظوا أن الكثير من العاملين في مجال التكنولوجيا لا يسمحون لأولادهم باستخدامها ويمنعونهم من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي إطلاقاً، وهذه قواعد وليست تعليمات”.” هناك 3 قواعد ومقترحات تجعل الحياة أسهل على العائلات من خلال نتائج الأبحاث: عدم إدخال الأجهزة الإلكترونية إلى غرف النوم في وقت محدد كل ليلة.
منع وسائل التواصل الاجتماعي لمن هم أقل من 16 عاماً أي بعد الوصول إلى المرحلة الثانوية في المدرسة!”. وضع خطة زمنية مع الأطفال وبعد المناقشة معهم لتحديد عدد الساعات اليومية لاستخدام الأجهزة المرتبطة بمواقع التواصل الاجتماعي.
ختاماً، يدفع الفيلم كل من يحضره فوراً إلى مراجعة عدد الساعات التي يقضيها يومياً في مواقع التواصل الاجتماعي، أو حقيقة إدمان أفراد أسرته، ويشحن الذهن بالمعلومات الخفية عن منصات التواصل وكيف تتحكم الخوارزميات بعقول المستخدمين التي ساهمت في تحويل تلك الشركات إلى قوى عالمية.
ويبقى السؤال الابرز تاريخيا هو كيف نستخدم العلم ، بحديه السلبي والإيجابي ، ذلك فيما نعتقد مرده الى قدرتنا على التوظيف الإيجابي لكل ما يصلنا من علوم التكنولوجيا الحديثة ، وإذا وازنا بين حديها لعلنا نجد توبة مفيدة كثيرة واحدة منها المراقبة الجيدة لمن لديهم سلوكيات عدوانية او سلبية ، فضلا عن ذلك فإن المعرفة الحديثة باتت مفاهيم حياة وعمل وكثير منها يعالجه القانون .
