تل أبيب – واشنطن عواصم ووكالات – الناس نيوز ::
أكدت الأمم المتحدة الخميس أنّ إعادة قطاع غزة ستكون مهمّة “لم يسبق أن تعامل معها المجتمع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية”، متحدثة عن دمار “غير مسبوق” بعد سبعة أشهر تقريباً من الحرب بين إسرائيل وحماس.
في غضون ذلك، لا تزال دول الوساطة تنتظر ردّ حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) على أحدث مقترح للهدنة والإفراج عن رهائن إسرائيليين ومعتقلين فلسطينيين. لكن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية أكد دراسة المقترح بـ”روح إيجابية”.
وأكدت حماس أن هذا الموقف أتى خلال اتصالين أجراهما هنية الخميس مع وزير المخابرات المصرية عباس كامل ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وتتولى مصر وقطر، إضافة الى الولايات المتحدة، الوساطة بين إسرائيل وحماس.
وينصّ المقترح على وقف القتال لمدة 40 يوماً بالتوازي مع تبادل رهائن محتجزين في غزة في مقابل معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وكان القيادي في حماس أسامة حمدان قال لفرانس برس في وقت سابق الخميس إنّ موقف الحركة “سلبي” من المقترح، مشيراً إلى استمرار النقاش بشأنه.
وحذّر من أنه “في حال قام العدو الإسرائيلي باجتياح رفح فسيتم وقف التفاوض”، في إشارة الى التهديدات الإسرائيلية المستمرة بشنّ هجوم بري على المدينة الواقعة في جنوب القطاع.
وأتاحت هدنة امتدت أسبوعاً، في تشرين الثاني/نوفمبر، الإفراج عن 105 رهائن بينهم 80 إسرائيلياً أو من حملة جنسية مزدوجة، في مقابل إطلاق سراح 240 فلسطينياً من السجون الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، تتعثّر جهود الوساطة التي تقودها قطر والولايات المتحدة ومصر للتوصل إلى هدنة جديدة. وتتمسك حماس التي تولت السلطة في غزة في العام 2007 بمطالبها، خصوصاً بأن يفضي أي اتفاق إلى وقف دائم لإطلاق النار، الأمر الذي ترفضه إسرائيل.
وفي زيارة الأربعاء للدولة العبرية، حضّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حماس على القبول باقتراح الهدنة الـ”جيد جداً” في غزة.
كما جدد معارضة واشنطن للهجوم الذي تصرّ إسرائيل على شنّه على رفح، ما لم يقترن ذلك بخطط لحماية المدنيين.
“30 إلى 40 مليار دولار”
ومع تواصل القصف والمعارك، قدّرت الأمم المتحدة بأنّ إعادة إعمار القطاع ستكلّف ما بين 30 إلى 40 مليار دولار.
وقال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبدالله الدردري في مؤتمر صحافي في عمّان، إن “حجم الدمار هائل وغير مسبوق”، مشيراً إلى أنّ هذه المهمّة “لم يسبق للمجتمع الدولي أن تعامل معها منذ الحرب العالمية الثانية”.
وأشار إلى أنه “جرى بحث تمويل (إعادة الإعمار) مع دول عربية وهناك إشارات إيجابية للغاية حتى الآن”، من دون أن يعطي تفاصيل أخرى.
وأوضح الاعتماد على “الأطر التقليدية” لإعادة البناء يعني أن “الأمر قد يستغرق عقودا من الزمن والشعب الفلسطيني لا يملك رفاهية عقود من الزمن. لذلك من المهم أن نقوم بسرعة بإسكان الناس في سكن كريم وإعادة حياتهم الطبيعية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية (…) خلال السنوات الثلاث الأولى بعد وقف إطلاق النار”.
واندلعت الحرب في القطاع بعدما شنّت حركة حماس هجوماً غير مسبوق في على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أسفر عن مقتل 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.
وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 34 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين.
ورداً على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على حماس وهي تنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 34596 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفق حصيلة وزارة الصحّة التابعة لحماس.
مخاوف على المدنيين
وفي السياق، تقول إسرائيل إنها عازمة على مواصلة الهجوم حتى “النصر الكامل” على الحركة التي تصنّفها منظمة “إرهابية”، كما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن تحقيق “النصر” الكامل على حماس غير ممكن دون القضاء على وجود الحركة في رفح حيث يتكدّس مليون ونصف مليون فلسطيني.
ووفقاً لبيان صادر عن مكتبه، قال نتانياهو في بداية اجتماع حكومي الخميس “سنفعل ما هو ضروري للانتصار والتغلّب على عدوّنا، بما في ذلك في رفح”.
وأعربت العديد من العواصم الغربية والعربية والمنظمات الدولية والإنسانية عن مخاوف من وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين في رفح بغياب خطّة ذات مصداقية لحماية السكّان.
في هذه الأثناء، يواصل الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية في القطاع الفلسطيني، في غياب أيّ تقدّم على المستوى الدبلوماسي.
وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس بأنّ 28 شخصاً على الأقل قتلوا خلال 24 ساعة حتى صباح الخميس. واستهدفت عمليات قصف شمال ووسط وجنوب القطاع الذي تفرض إسرائيل حصاراً عليه والذي تحوّل إلى ساحة من الخراب.
وفي جنوب قطاع غزة، استهدفت غارات جوية مدينة خان يونس التي باتت مدمّرة بعد أشهر من القتال، بينما أفاد شهود عيان ومراسل فرانس برس عن قصف مدفعي على مشارف رفح.
كذلك، أفاد شهود عن عمليات قصف واشتباكات مصحوبة بقصف مدفعي عنيف في مدينة غزة (شمال) والنصيرات (وسط).
وحذّر مدير إدارة الإمداد والتجهيز في الدفاع المدني في غزة محمد المغير في حديث مع فرنس برس من خطر الصواريخ غير المنفجرة. وقال هناك “كل اسبوع ما يزيد عن 10 انفجارات بسبب عبث الأطفال والمواطنين (بالصواريخ غير المنفجرة) مما يتسبب في فقدان حياتهم او باصابات خطيرة”.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنه قصف الكثير من المنشآت “العسكرية”، بما في ذلك أنفاق وتمكن من قتل شخص كان يدخل منشأة عسكرية وسط غزة.
“كراهية ومعاداة للسامية”
في خان يونس، بدأ أطباء يجهّزون مجمع ناصر الطبي الذي دمره القتال للعودة إلى الخدمة بعد تلقي معدات جديدة.
وقال مدير المستشفى عاطف الحوت لوكالة فرانس برس “أولويتنا هي إعادة تشغيل قسم الطوارئ، استطعنا إعادة تجهيزه بشكل شبه كامل سواء مما هو متوافر داخل المجمع أو من بقية المستشفيات أو مما تم إحضاره مع الوفود الطبية والمساعدات الخارجية”.
وفي القطاع حيث تخشى الأمم المتحدة انتشار المجاعة، لا تكفي المساعدات القليلة التي تخضع لتفتيش إسرائيلي صارم، الحاجات الهائلة للسكان البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وفي هذا الإطار، قال بلينكن الذي توجه الأربعاء إلى معبر كرم أبو سالم، أحد المعبرين لدخول المساعدات الى القطاع من إسرائيل، إنّ “التقدم حقيقي، ولكن نظراً للاحتياجات الهائلة في غزة، يجب تسريعه”.
وتمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على الدولة العبرية لتسهيل دخول المساعدات برّاً وبكميات أكبر، كما بدأت بإنشاء رصيف عائم لإنزال المساعدات التي تصل بالسفن.
وتتواصل في الولايات المتحدة التحركات الاحتجاجية في العديد من الجامعات تأييدا للفلسطينيين ورفضا للحرب.
وبعدما لزم الصمت حيالها لأسابيع، شدد الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس على أن “النظام يجب أن يسود”، مؤكدا أن “لا مكان”لمعاداة السامية في بلاده.
وقال “نحن لسنا أمة استبدادية حيث نُسكت الناس أو نقوم بسحق المعارضة”، مضيفا “لكننا لسنا دولة خارجة عن القانون… نحن مجتمع مدني، ويجب على النظام أن يسود”.
وأتت تصريحات بايدن بعد ساعات من انتقاد نظيره الإسرائيلي إسحق هرتسوغ جامعات أميركية بسبب الاضطرابات، معتبرا أن هذه المؤسسات الأكاديمية “ملوثة بالكراهية ومعاداة السامية”.