أنور عمران – الناس نيوز ::
اللوحة الرئيسة للفنان السوري بسيم الريس .
عندما اجتزنا البحرَ الأخير
وبعد أن دفعتنا الرياح
الرياحُ ذاتها التي قلبت قواربَ إخوتنا
وبعد أن نظّفنا أسماعنا من هديرِ العواصف
العواصف التي ابتلعتْ إخوتنا
نظرنا إلى اليابسة بقلوبٍ هدّها الملح
ونقَّينا ملابسنا من الأسماك..
واحدٌ منا
لم يستطعْ أن يتخلصَ من الطحالبِ التي كانت تجثمُ على روحه
فمات على الشاطئِ
وواحدٌ
أيقظهُ حلمٌ قديمٌ
فتزوجهُ، وجنَّ…
عندما اجتزنا البحرَ الكبير
لم نكن نقصدُ أن نحرقَ المراكب
وقلنا لبعضنا:
سنعودُ بعد عامٍ أو عامين
سنعودُ عندما تهدأ القنابلُ والأمواج..
تصافحنا، تبادلنا الوصايا، وذهبنا كيفما اتفق..
” لا تنسوا الجبال، لا تنسوا الشمس التي ظلت هناك..”
صرخ الرجلُ الأعرجُ قبل أن تقتلهُ ذبابةٌ في القلب..
….
وها نحن الآن
نسكنُ هذه المدنَ من سنوات
نسكنها على عجلٍ
ونلبسها كالملابسِ الضيقة
ننظرُ من شبابيكنا إلى الغاباتِ الغامقة
ونصيحُ: يالله!
لكن ثعالبَ غامضةً
تنطُّ دائماً ودائماً في صدرونا
ويزعجنا
أن ملابسنا
مازالت محشوَّةً بالأسماك!!