حوار آسيا هشام – ميديا – الناس نيوز ::
تلفزيون المشهد الإماراتي – أثناء تواجدي في بولندا بزيارة عمل رسمية، للقاء وزير الخارجية رادوسلاف شيكورسكي، نظراً لأهمية بولندا كدولة عضو في الناتو، بالإضافة لموقعها الحساس باعتبارها إحدى بوابات الإتحاد الأوروبي، وعلى الحدود مع الحرب في أوكرانيا مما يجعلها وجهةً لموجات من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، كان لي هذا الحوار مع البروفيسور ماتساي دوزك وكيل وزارة الداخلية والإدارة لشؤون الهجرة في الحكومة البولندية
سيد دوزك بوصفكم وكيلاً لوزارة الداخلية والإدارة في بولندا وباحثاً في مركز دراسات الهجرة والعلوم السياسية في جامعة وارسو بالإضافة لتوليكم إدارة أعمال مجموعة العمل لتطوير سياسة الهجرة في مكتب رئاسة الجمهورية سابقاً حبذا لو قدمتم لنا توضيحاً حول التساؤلات الخاصة بملفات الهجرة واللجوء في بولندا.
نحن نعلم بان الشعب البولندي يعامل اللاجئين الأوكرانيين بإنسانية كبيرة.. لكن ماذا عن البلدان الأخرى، البلدان الأوروبية، هل تكفي بولندا وحدها لتغطية أزمة بهذا الحجم؟
دوزك: أنت تسألين الآن عن أحد جوانب قضايا الهجرة، وهو اللاجئون الأوكرانيون الذين قرروا القدوم إلى بولندا مباشرة بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا. نعم، هذا صحيح، فقط مليون منهم هنا في بولندا، لكن كأوكرانيين لدينا مليونين نصف العدد جاؤوا إلى بولندا قبل 24 فبراير 2022 كمهاجرين.
لهذا السبب كان من الأسهل علينا قليلاً دمجهم، وتوفير أي تسهيلات لهم، وهؤلاء أوكرانيون كانوا يعيشون في بولندا قبل اندلاع الحرب.
لهذا السبب قمنا بإعادة الاتصال بهدف لم شمل هذه العائلات، فعلى سبيل المثال، كان لدينا رجال في بولندا، قاموا باحضار أطفالهم وزوجاتهم إلى بولندا، وبالطبع كان من الأسهل عليهم آنذاك تنظيم أماكن السكن.
لكن بالطبع بعد الحرب شهدنا حركة اجتماعية رائعة جدّاً، لأن الكثير من البولنديين قرروا مساعدة الأوكرانيين بشكل مباشر .
وخلال الأشهر الثلاثة الأولى، قضى أكثر من نصف الأوكرانيين وقتهم في المنازل الخاصة، والشقق الخاصة.
لهذا السبب نحن نقول إننا فتحنا قلوبنا، وليس قلوبنا فقط، بل فتحنا أيضًا أبواب شققنا ومنازلنا. وبدون هذه الحركة الاجتماعية الرائعة جدّاً، لم يكن من الممكن إدارة هذا العدد الكبير من الناس، فخلال الأشهر الثلاثة الأولى، عبر خمسة ملايين أوكراني الحدود البولندية.
بالطبع، لم يقرر جميعهم البقاء في بولندا، لأننا كنا أيضًا بلد عبور، حيث قرر الكثير منهم الذهاب إلى ألمانيا ودول أخرى، لكن في ذلك الوقت، كنا البلد الأول لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين.
وتعلمين.. أن وضع اللاجئين الأوكرانيين في بولندا جيد فعلاً، 70٪ منهم نشطون في سوق العمل، يكسبون المال ويدفعون الضرائب، ويساهمون في الضمان الاجتماعي.
لهذا السبب الوضع جيد جدًا إلى حد ما. لكن بالطبع، بتنا لا بد أن نرى قلة من البولنديين الذين أصبحوا يتشكون قليلاً من وجود الأوكرانيين في بولندا.
وبالعود إلى ماقبل عشر سنوات، شهدنا هجرة أكثر من 1.5 مليون بولندي بعد انضمامنا إلى الاتحاد الأوروبي، جميعهم قرروا الهجرة من بولندا لأسباب اقتصادية. لكننا بعد ذلك انتقلنا من بلد مصدر للهجرة إلى بلد مستضيف للهجرة، وبسرعة كبيرة. كانت الأسرع في تاريخ الهجرة.
- هل أنت راضٍ عن جهود الحكومة لتحقيق افضل اندماج؟ أعني، هناك من يقول إن الحكومة هنا تهدف إلى جعل بولندا بلد عبور فقط؟
- دوزك: لا، هذا غير صحيح وهذا ليس بسبب برنامج الاندماج، وحين يكون لدينا مليون لاجئ أوكراني، فمن المستحيل أن نكون بلد عبور فقط لأنه الواضح تمامًا أن عدد كبير منهم قرر البقاء، لكن بالطبع قرر الكثير منهم أيضاً الذهاب إلى دول أخرى.
- لكن إذا قارنّا وضعنا بوضع ألمانيا وأمريكا على سبيل المثال، ففي ألمانيا لديهم 1.3 مليون لاجئ وفي أمريكا مليون فقط، رغم أنّ ألمانيا أكبر بمرتين من بولندا، في بولندا لدينا 38 مليون نسمة. لكن إذا أخذت في الاعتبار مجموعة الأوكرانيين بأكملها، ففي ألمانيا لديهم 1.5 مليون أوكراني، بينما في بولندا 2 مليون، لأن علينا أن نضيف مليون عامل مهاجر إلى المليون لاجئ، لهذا السبب ماتزال بولندا هي البلد الذي يستضيف معظم الأوكرانيين، سواء كانوا لاجئين أو عمال مهاجرين.
- ماذا عن اللاجئين القادمين من بيلاروسيا؟ أنتم حذرون جدًا ازاءهم لنبدأ بالبيلاروسيين اللاجئين انفسهم..
- دوزك: بطبيعة الحال لدينا 250,000 بيلاروسي يعيشون في بولندا الآن.هذا أيضًا عدد كبير. وإذا طلب البيلاروسيون الحماية الدولية، بالطبع ننظر في هذا الطلب، وقد حصل العديد منهم بالفعل على وضع اللاجئ أو الحماية الدولية.
- ماذا عن أولئك الذين يأتون عبر بيلاروس ولكنهم من جنسيات أخرى؟ لماذا تتعاملون معهم بحذر؟!
ـ دوزك: تتحدثين الآن ليس فقط عن البيلاروسيين، بل أيضًا، على سبيل المثال، عن مواطني 53 دولة يعبرون إلينا من بيلاروس وليس البيلاروسيين كلاجئين، في بيلاروسيا النظام ديكتاتوري.
لذا قرر الكثير من البيلاروسيين مغادرة بلادهم بحثًا عن الحرية، وأيضًا للحصول على فرصة الوصول إلى أسواق العمل أو الهروب من بيلاروسيا.
ولكن بالطبع لدينا أيضًا عملية استغلال الهجرة كأداة.
لأنّ الديكتاتوريين في روسيا وبيلاروسيا نظموا طريق هجرةٍ مصطنعٍ. على سبيل المثال أستطيعُ أن أفهم، ، إذا كان هناك مهاجرون من ساحل العاج أو السنغال في إسبانيا، فهذا أمر منطقي، لأن هذه إفريقيا، وهذا هو البحر الأبيض المتوسط، ثم إيطاليا أو مالطا أو إسبانيا.
ولكن حين يكون لدينا على الحدود البولندية البيلاروسية مهاجرون سوريون، على سبيل المثال، فهذا طريق هجرة مصطنع تم إنشاؤه بواسطة روسيا وبيلاروسيا. تم تأمينُ تواصل لشبكةٍ من المهربين مع العصابات الإجرامية، والحكومات في بيلاروسيا وروسيا هي السبب، وهذا يعتبر ظاهرة إذا تحدثنا عن الهجرة حول العالم، وخاصة في أوروبا. هذا ليس إلا استغلالًا للهجرة كأداة.
لأن هؤلاء المهاجرين يُستخدمون لزعزعة استقرار بولندا أو دول أخرى اذاً هذه ليست مشكلة بولندية فقط، إنها مشكلة أيضًا لدول مثل ألمانيا، وفرنسا، ودول أخرى. هذه المحاولات هي جزء من الحرب الهجينة، حيث أنه لدينا الحرب التقليدية واسعة النطاق في أوكرانيا من جهة، ومن جهة أخرى تنظيم هذه الأنظمة طرق الهجرة واستخدام المهاجرين كسلاح وإرسالهم إلى الحدود البولندية البيلاروسية كجزء من هذه الحرب الهجينة.
- إذن، أحتاج إلى سؤالك عن أكبر تهديد قد تواجهه بولندا فيما يتعلق باللاجئين؟!
- دوزك: لا أريد أن أتحدث عن تهديدات. عادةً أستخدم كلمة تحديات. التهديدات بالنسبة لي هم الجنود الروس. ولكن إذا تحدثنا عن البشر والمهاجرين، فلا يجب أن نعاملهم كتهديدات أو كخطر. هذا تحدٍ لنا.
كيف نرد من جهة على الهجوم المنظم علينا من قبل بيلاروسيا أو روسيا، وكيف نظهر لهم وجهنا الإنساني من جهة أخرى. لأننا مانزال نتحدث عن بشر .
هذا مهم جدًا. يجب أن نوقف طريق الهجرة المصطنع هذا لأن هناك خطراً كبيراً بأن يتم زعزعة استقرار أنظمة اللجوء لدينا، وكذلك أنظمة الأمن الاجتماعي.
هذا جانب واحد من الصورة. الجانب الآخر هو ضرورة التذكير بأن أي مهاجرين هم كائنات بشرية. علينا أن نوقفهم ونوعيهم. ولكن هذا يتعلق أيضًا بكيفية معاملتنا لهم. - فما هي مقاربتكم اذن؟! ما هو الحل لهذه المشكلة؟
- دوزك: من الصعب جدًا العثور على هذا الحل النهائي ولكن إذا رأينا، على سبيل المثال، شباباً من دول مختلفة يهاجمون حرس الحدود البولندي، فستتحول لقضية أمنية. إنه جانب أمني. ولكن حين يكون لدينا عائلات مع أطفال، فهذه قضية أخرى.
من الضروري جدًا بالنسبة لنا أن نرد على التحديات المختلفة المتعلقة بالهجرة على الحدود البولندية البيلاروسية. ولكن مايزال علينا أن نظهر الفرق الكبير بين بولندا وبيلاروسيا وروسيا.
نحن لسنا روسًا، ولسنا بيلاروسيين، نحن بولنديون.