الخرطوم – الناس نيوز :
أفرجت السلطات السودانية عن بعض السياسيين الذين كان تم توقيفهم الشهر الماضي، منذ اعلان قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان حل مؤسسات الحكم الانتقالي، بعد اعلان اتفاق سياسي الأحد لم يلق قبول الجميع.
وجاء قرار الافراج ساعات بعد أن أُعيد رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك إلى منصبه وأُلغي قرار إعفائه بموجب “اتفاق سياسي” وقّعه مع البرهان في القصر الجمهوري بالخرطوم، الخطوة التي أثارت غضب البعض.
وقال رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، أحد السياسيين المفرج عنهم، لوكالة فرانس برس الاثنين “تم اطلاق سراحي وقت متأخر من مساء (الأحد)”. وفق فرانس برس .
وأضاف الدقير “كنت طوال هذه الفترة في حبس انفرادي ومقطوعا تماما عن العالم”.
وكان حزب المؤتمر السوداني أعلن الأحد موقفه من الاتفاق السياسي بالقول “نعتبر أن الاتفاق السياسي الحالي هو شرعنة صريحة لاستمرار النظام الانقلابي في الحكم، و يعد تهديداً خطيرا لاستقرار البلاد و أمن مواطنيه”.
وحسب الدقير، أُطلق سراح عدد من السياسيين ومن بينهم صديق الصادق المهدي مساعد رئيس حزب الأمة، أكبر الأحزاب السياسية في البلاد.
كذلك أُفرج عن ياسر عرمان مستشار رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ونائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال جناح مالك عقار، أحد حركات التمرد المسلحة التي وقعت على اتفاق السلام في جوبا العام الماضي.
ويضمّ الاتّفاق السياسي المعلن 14 نقطة في مقدّمها: تولّي حمدوك مجدّدًا رئاسة الحكومة و”إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيّين والعمل على بناء جيش قومي موحّد”.
وقاد البرهان انقلابًا في 25 تشرين الأوّل/أكتوبر خلال مرحلة انتقال هشّة في السودان. واعتقل معظم المدنيّين في السلطة وأنهى الاتّحاد الذي شكّله المدنيّون والعسكريّون وأعلن حال الطوارئ.
– انتخابات في 2023 –
وكان الاتفاق المبرم بين المدنيين والعسكريين عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير، ينصّ على اجراء انتخابات عامة في نهاية المرحلة الانتقالية لتسليم السلطة خالصة للمدنيين.
وتعهد البرهان مجددا الاثنين خلال اجتماع مع قيادات من الجيش وقوات الدعم السريع (ميليشيا شبه عسكرية) باجراء انتخابات “حرة نزيهة” في العام 2023.
إلا أن ذلك لم يقنع قوى إعلان الحرّية والتغيير، الكتلة المدنيّة الرئيسة التي قادت الاحتجاجات المناهضة للبشير ووقّعت اتّفاق تقاسم السلطة عام 2019 مع الجيش.
ورفضت الحرية والتغيير اتّفاق الأحد. وقالت المجموعة في بيان “نؤكد موقفنا الواضح والمعلن سابقًا، أنّه لا مفاوضات ولا شراكة ولا شرعيّة للانقلاب”.
كما طالبت بمحاكمة قادة الانقلاب بتهمة تقويض شرعيّة العمليّة الانتقاليّة وقمع المتظاهرين وقتلهم.
وتأكيدا لموقفها الرافض للاتفاق، أعلنت غالبية وزراء قوى الحرية والتغيير الاثنين تقديم استقالتهم الى رئيس الوزراء الذي أعيد الى منصبه.
وأكد بيان نشر على صفحة وزارة الاعلام على فيسبوك أن 12 من بين 17 وزيرا قام تكتل قوى الحرية والتغيير بتسميتهم “قدموا استقالاتهم” اثر اجتماع تشاوري عقدوه ولم يشارك فيه وزيرا شؤون مجلس الوزراء والصناعة لأنهما لا يزالان معتقلين. كما “لم يتمكن” وزيرا الاعلام والاتصالات من حضور الاجتماع.
وأشار البيان أيضًا إلى أن وزير التجارة علي جدو رفض تقديم استقالته.
وقالت وزيرة الخارجية المستقيلة مريم الصادق المهدي الاثنين في تصريحات لها لمركز “اتلانتيك كاونسيل” البحثي في واشنطن، إن مجلس الوزراء التقى حمدوك وأبلغه بأن “الطريقة التي خرج بها هذا الاحتفال (بتوقيع الاتفاق) بالأمس كانت دعما للانقلاب”.
وأضافت المهدي “نحن لا نشكك في نزاهته (حمدوك) كوطني أو كقائد ولكن ما حدث بالأمس تسبب في نكسة (..) في الثقة.”
وعلقت على الاتفاق بالقول إنه “لا يمكننا أن نعتبره نقطة انطلاق. نقبل بالأمر الواقع ولكن يجب أن نجد مكانا جديدا أكثر ملاءمة لنا لبناء الثقة (..) مع حماية السودان من المزيد من النكسات”.
وكان المحتجون المعارضون للانقلاب عبروا أثناء تظاهرات الأحد عن رفضهم للاتفاق في كل من العاصمة ومدينتي كسلا وعطبرة في شرق وشمال البلاد.
وقُتل فتى يبلغ 16 عامًا خلال هذه التظاهرات ليرتفع بذلك عدد الضحايا منذ انقلاب البرهان الى 41 شخصا، بحسب لجنة الأطباء المركزية المؤيدة للقوى المدنية.
ومن جهة أخرى، رحب المجتمع الدولي بالاتفاق بما في ذلك الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة ومجموعة دول الترويكا (بريطانيا والنروج والولايات المتحدة).
وأشاد ممثل الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرثس الاثنين، على حسابه الرسمي على موقع تويتر بالافراج عن السياسيين وقال “لكن حتى يؤخذ الاتفاق السياسي على محمل الجد، يجب إطلاق سراح جميع الموقوفين على الفور”.