أنور عمران – الناس نيوز ::
البارحة
مررتُ قربَ النهر،
وكانتِ الريحُ تكسرُ مرايا الماء، وتكسرني..
وكانت صورتي
تعانقُ صورتَكِ،
وفي الخلفيةِ رجلٌ وامرأةٌ غيرنا،
مُقيدانِ بالسلاسلِ، ويبكيان..
البارحة
اصطدتُ صورةً سريعةً لوجهِ الماء،
وفي البيت
جَفَّفتُها من ملحٍ عالقٍ برموشكِ…
…………
سقطَ في النهرِ عصفوران
واحدٌ أبيضٌ ورُمْحٌ،
وواحدٌ دائخٌ في ريشِه،
وقلبي عليهما يبكي ..
فَتَّتُّ الخبزَ لمنقاريهما الصغيرين،
وخلطتُ الماءَ مع السكر،
وحين انشغلتُ قليلاً
طارا…
….
البارحة
حينَ مررتُ قرب النهر
فكرتُ بكِ…
فكرتُ بأن حياتي تشبهُ القاربَ،
وأنا أجذفُ في بحيرةٍ من دموع..
لو أننا تزوجنا
كنا تجنَّبنا أنا وأنتِ الصليب..
كنتُ تركتُ شعركِ كالعشبِ على ضفة النهر،
وكنتِ سهرتِ حتى الصباح
وأنتِ تضعينَ الكماداتِ، وتُحاربينَ الحمى..
لكنكِ تزوجتِ من رجلٍ آخر
رجلٍ مُدججٍ بالمناجل..
وتزوجتُ من امرأةٍ أخرى
امرأةٍ تكرهُ الكماداتِ والرجالَ المصابين بالسرطان..
…….
البارحة
سقطَ في النهرِ عصفوران..
السماءُ التي كانت تدنو
على هيئةِ الخيلِ من أحلامهما،
والأرضُ التي رفعتْ بساطَها قليلاً،
وما بينهما
كلهم مدوا القلوبَ…
منْ قبلَ منْ
يمسحُ ريشهما المُبتلَّ بالدموع؟
من يُغني لهما
كي يرقصا مثل عادةِ الطير؟
…….
البارحة
مررتُ قرب النهر
كل شيء كان يجري إلى الخلف
أو هكذا توهمتُ…
وقبل أن أصلَ إليكِ بخطوة
أيقظَني قاربٌ ورقيٌّ صغير..
كان الطفلُ القديمُ يبكي،
يريدني ريحاً كي يتحركَ قاربه،
وصرتُ أنفخُ، وأنفخُ،.. حتى ابتعدتِ..