سلوى زكزك – الناس نيوز ::
توضيح : نستعرض هنا مشكلة واقعية ، لكن دون تسميات مباشرة ، ونستخدم صور افتراضية في الاتجاهين ، من الرجال اتجاه النساء ، ومن النساء اتجاه الرجال .
تقدمت ريما ( اسم مستعار ) بطلب توظيف للعمل في الفترة الصباحية كسكرتيرة لدى أحد مراكز التجميل والعناية بالبشرة المشهورة في العاصمة السورية دمشق ( يمكن لهذه الحادثة ان تقع في أي مكان بالعالم ) ، بعد فحص المقابلة السريع والذي خلا من الأسئلة التقنية أو العلمية، قال لها صاحب العمل: لقد تجاوزتِ شرط الخبرة وقبلتك للعمل لأن وجهك بريء وفيه ملامح الصدق، وركز على أنه المرجع الوحيد لأسئلتها وملاحظاتها في العمل، وعلى ضرورة التزامها بالسرية التامة، خاصة أمام زبائن وزبونات المركز وبما يخص معلوماتهم الشخصية جميعاً.
باشرت ريما العمل فورا، تعرفت مع الوقت على واقع جديد، وهو أنه وبموافقة صاحب المركز يتم إجراء عمليات جراحة تجميلية في المركز في غرفة قصية يمنع دخول الجميع إليها، وأن ما يجري لا يقتصر فقط على عمليات العناية بالبشرة والجمال والحقن وإزالة الأشعار والندبات بالليزر.
حرك الموضوع رغبة وحاجة قديمة لديها عجزت عن تحقيقها لأسباب مادية بحتة، تريد إجراء عملية لتصحيح أنفها وفك الالتصاقات التي تسببت بها عملية تجميل أنف فاشلة أجرتها في إحدى عيادات طبيب أنف وأذن وحنجرة مبتدئ، ما يسبب لها معاناة حقيقية في زيادة التحسس وعسر التنفس، وخاصة أثناء النوم.
ترددت في سؤال صاحب المركز كونه المرجع الوحيد لكل الأسئلة كما اشترط عليها سابقاً، ولذلك لجأت بدلاً عن ذلك لسؤال إحدى المريضات عن كلفة العملية، وصل الخبر لصاحب المركز، نبهها بشدة بحجة أنها تخوض فيما لا يخص عملها، هي سكرتيرة للرد على الهاتف وتسجيل المواعيد فقط.
انتابها الهلع وخافت من الطرد، خاصة بعد ما اعلمتها زميلة العمل قائلة: “المعلم صعب كتير وعند أول خطأ لا يتردد في طردك”.
لاحظت بعدها تغيراً في تعامل صاحب المركز معها بصورة مغايرة عما سبق، بات يسأل عنها فور دخوله المركز، وبعدها صار يدعوها لشرب قهوة الصباح في مكتبه، وأتبع ذلك بمنحها مكافأة مالية صغيرة بمناسبة عيد ميلادها، واشترط عليها ألا تعلم أيا من زميلات العمل بها.
اعتبرت كل هذا جزءاً من تقييمه لعملها الدؤوب الملتزم والصامت، خاصة أنها اطمأنت أنه لن يفكر بطردها أبداً بعد تلك الغلطة، كانت سعيدة بذلك والتقط صاحب المركز تلك الإشارة المرحبة.
وبعيدا عن دور ” النسوية ” الذي تمارسه بعضهن بشكل مغلوط ، أو دور مفهوم ” فيمنست ” مثلا في المجتمعات ، حيث تتصلب بعضهن كثيراً بفكرة إعادة أنتاج الاستبداد على الرجل كنوع من الانتقام ، فضلا أن بعضهم يستخدمن الابتزاز للرجال من خلال واقع معين …
ذات يوم وهي تشرب القهوة في مكتب صاحب المركز، صارحته برغبتها بإجراء تلك العملية وأوضحت له أن هدفها ليس تجميلياً فقط، بل إن الالتصاقات باتت تعيق تنفسها من أنفها وبات التنفس من الفم ملجأ بديلا لها وهو علامة تنذر بالخطر والتعب الدائم بسبب نقص الأكسجة.
تعهدت بدفع كلفة العملية من مرتبها الشهري وبالتقسيط، ضحك المعلّم وقال لها ساخراً: “راتبك لسنة كاملة لا يغطي كلفة العملية”! صمتت وباتت خجلة من سؤالها، حاولت الاعتذار منه، لكنه بادرها بالقول: عملية فك الالتصاقات تحتاج لمشفى خاص وطبيب متمرس، لا عليك سأطلب من صديقي الطبيب فلان، وهو من أشهر جراحي التجميل المعروفين إجراءها لك، لكن يتوجب عليك التسديد بطريقة أخرى غير تقسيط الراتب، دب الهلع في مفاصلها، أيقنت أنها وقعت بالفخ، تذكرت زميلتها سكرتيرة الدوام المسائي عندما نبهتها إلى أن شرب القهوة في مكتب المعلّم هو مقدمة لتحرش قادم، لكنها خادعت نفسها ونفت الموضوع بشدة حينها.
لم يكن أمامها حل سوى ادعاء الجهل بمضمون ومعنى كلام المعلم، همت بالخروج قائلة: سأسأل أمي وأعلمك، لم يتوقف المعلّم هنا، سحبها من يدها وأجلسها قبالته، وقال لها: أنت جميلة والحياة صعبة، وإذا ما استثمرت هذا الجمال ستصبحين ملكة، اقترب منها بشدة، مسح على وجهها بيده مسحة شبقة طال وقتها حتى شعرتها وكأنها صفعة، ثم طبع قبلة عنيفة لامست شفتيها.
نهضت عن الكرسي وكادت أن تقع من فرط الغضب، لم تنبس ببنت شفة، لم تشتمه ولم تهدده ولم تتهمه حتى، تعرف تماماً أنها عاجزة عن ذلك!! خرجت من الغرفة، أخذت حقيبتها وغادرت نحو بيتها، وذيول العجز والخيبة تغمرها.
سمعت كثيراً عن حوادث التحرش في بيئات العمل ( وهي متبادلة بالمناسبة فالكثير من الرجال ايضاً يتعرضن للتحرش وسنكتب لاحقاً عن هذا الموضوع ) ، لكنها ظنت أن أعمار بعض مالكي العمل ووضعهم الاجتماعي وتظاهرهم بالمسؤولية والأبوة وحسن الخلق قد يكون علامات واضحة على عدم حدوث ذلك.
تأكدت إن ما حدث لها، كان مؤلماً لدرجة أنها حمّلت نفسها جزءاً من المسؤولية وبدأت بلوم وجلد نفسها، والأكثر مدعاة للحزن أنها أخفت عن أمها حقيقة ما حصل معها وتحرش صاحب العمل بها، وقالت لها: لقد تركت العمل لأني لم أعد أتحمل ضغط الوقت ومعاملة الزبائن والمرضى وطول ساعات العمل، ووعدتها بالبحث عن عمل جديد.
هل هذا كل شي ؟ بالطبع لا ، والسؤال هنا أو أحد أبرز الأسئلة هو هل الجهل في التعاطي يلعب دوراً في حدوث هذه المواقف أو أن ما يحدث هو أحد أمراض المجتمع ، وهل تعرض الرجال لمواقف مشابهة يتطلب البحث فيه ، كثيرك هي الأسئلة ومتنوعة حتى نتمكن من معرفة جذر المشكلة والعمل على إيجاد حلول ، ذلك كله يتم عن طريق المختصين بعلوم الاجتماع والنفس ، فضلا عن التوعية في المدارس والجامعات .