كانبيرا – الناس نيوز ::
كشف فريق من العلماء في عدد من الجامعات الأسترالية، عن ارتفاع درجات حرارة المياه في الحاجز المرجاني العظيم ومحيطه إلى أعلى مستوياتها منذ 400 عام على مدار العقد الماضي؛ مما يهدد أكبر شعاب مرجانية في العالم.
وقد جمع العلماء عينات من الشعاب المرجانية، ودرسوا تلك العينات لقياس درجات الحرارة، واستخدموا بيانات السفن والأقمار الصناعية التي تعود إلى حوالي 100 عام.
نتيجة لتأثير الأنشطة البشرية
وخلصت الدراسة المنشورة في مجلة نيتشر العلمية إلى أن درجات حرارة المحيط التي ظلت مستقرة قرونًا عديدة، بدأت الارتفاع منذ عام 1900 نتيجة لتأثير الأنشطة البشرية.
وقالت إنه خلال الفترة الممتدّة من عام 1960 إلى عام 2024 لاحظ الباحثون زيادة سنوية متوسطة في درجات الحرارة، بدءا من شهر ينايركانون الثاني إلى مارس/آذار بمقدار 0.12 درجة مئوية.
ظاهرة تبييض الشعب المرجانية
ذكرت الدراسة أن الحاجز المرجاني العظيم شهد تبييضًا هائلًا للشعاب المرجانية خلال خمسة فصول صيف متتالية منذ عام 2016، وهي عملية يتغير فيها لون أجزاء كبيرة من الشعاب المرجانية إلى الأبيض بسبب الإجهاد الحراري؛ مما يزيد احتمال موتها.
ووجدت الدراسة أن هذه الفصول الخمسة كانت من بين أكثر ستة أعوام دفئا في القرون الأربعة الماضية.
وحتى لو كانت الشعاب المرجانية قادرة على التعافي، فإن درجات حرارة المياه المرتفعة بشكل متزايد، وموجات الابيضاض المتعاقبة، تزيد صعوبة الوضع.
أما ظاهرة نفوق المرجان التي تنعكس من خلال تغيّر لونه، فناتجة عن ارتفاع درجة حرارة الماء؛ مما يؤدي إلى هجرة الطحالب التكافلية التي تعطي المرجان لونه الزاهي. وفي حال استمرّ الارتفاع في درجات الحرارة، يتحوّل المرجان إلى اللون الأبيض وينفق.
وتسبّبت موجة الابيضاض الّتي سجّلت هذا العام وتعدّ إحدى أخطر وأوسع الموجات الّتي ترصد على الإطلاق، في أضرار بالغة لـ81% من الشعاب المرجانيّة، ولن يتمكّن العلماء من تحديد نسبة الشعاب المرجانيّة الّتي لا يمكن إنقاذها إلّا بعد عدّة أشهر.
وقال المحاضر في جامعة ملبورن والباحث الرئيسي بنجامين هينلي “إن ابيضاض المرجان الجماعي حدث بشكل مأساوي هذا العام نتيجة لارتفاع درجات حرارة البحر”.
وقال رئيس قسم المحيطات لدى الصندوق العالميّ للطبيعة في أستراليا ريتشارد ليك “في الوقت الحاليّ، نلاحظ أنّ الشعاب المرجانيّة تقاوم”، مضيفًا “لقد تعافت من حلقات الابيضاض السابقة، ولكن في مرحلة ما سوف تتبدّد المرونة”.
وحذّر من أنّ “الشعاب المرجانيّة هي أوّل نظام بيئيّ في العالم يواجه تهديدًا بسبب التغيّر المناخيّ”. وأضاف “نأمل ألّا يقف العالم مكتوف الأيدي ويسمح بحدوث ذلك، ولكنّ الوقت يداهمنا”.
قلق وتحذير
أبدت الباحثة المشاركة في إعداد الدراسة هيلين ماكغريغور، من جامعة ولونغونغ الأسترالية قلقا بالغًا بشأن الارتفاع غير المسبوق في درجات حرارة المياه.
وقالت “يبدو أن هذه التغييرات، بحسب ما نشهده حتى اليوم، تحدث بسرعة كبيرة جدا لدرجة عدم قدرة الشعاب المرجانية على التكيف معها، وهو ما يهدد بالفعل هذه البنية الحية”.
من جهته، حذر رئيس قسم المحيطات لدى الصندوق العالمي للطبيعة بأستراليا، ريتشارد ليك، من أن “الشعاب المرجانية هي أول نظام بيئي في العالم يواجه تهديدا بسبب التغير المناخي”.
دعوات اليونسكو
في يونيو/حزيران 2024، طلبت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) من أستراليا اتّخاذ تدابير “عاجلة” لحماية الحاجز المرجانيّ العظيم، ولا سيّما من خلال اعتماد أهداف مناخيّة أكثر طموحًا.
ودعت اليونسكو أستراليا إلى أن تقدّم في أوائل عام 2025 عرضًا محدثًا لجهودها من أجل حماية المرجان والحفاظ عليه، لكنّها لم توص بوضع الموقع على قائمتها للتراث العالميّ المعرّض للخطر.
واستثمرت أستراليا نحو 3,2 مليارات دولار لتحسين نوعيّة المياه، والحدّ من آثار التغيّر المناخيّ وحماية الأنواع المهدّدة بالانقراض.
لكنّ أستراليا التي تعدّ أحد أكبر مصدّري الغاز والفحم في العالم، لم تحدّد إلّا في المرحلة الأخيرة أهدافًا للوصول إلى الحياد الكربونيّ.