الناس نيوز – وكالات: يمضي الألماني سامي خضيرة لاعب يوفنتوس الايطالي وقته في تعلم العزف على البيانو، يراجع مواطنه روبن غوسنز لاعب أتالانتا الدروس لامتحانات علم النفس، وتتنافس الأندية الإسبانية في دورة ألعاب الكترونية… فرض العزل الصحي بسبب فيروس كورونا المستجد آثاره على حياة لاعبي كرة القدم، وبات يهدد بتداعيات على الصعيدين البدني والذهني.
بعدما فرض فيروس “كوفيد-19” شللا شبه كامل على الرياضة العالمية، وجد الآلاف من لاعبي كرة القدم أنفسهم في العزل الطوعي أو الإلزامي، ما يتطلب منهم بذل جهد إضافي للحفاظ على لياقتهم البدنية وتوقدهم الذهني استعدادا لاستئناف المنافسات متى بات ذلك متاحا.
ويقول ايمانويل أورهان، المدير الطبي في الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، لوكالة فرانس برس “على الجميع أن يكونوا جاهزين لاستئناف التمارين ما إن تأذن السلطات الصحية” بذلك.
لكن هذا الموعد يبدو علامة الاستفهام الأكبر، اذ ان الفيروس الذي أودى حتى الإثنين بحياة أكثر من 15 ألف شخص، جمّد النشاطات الرياضية لآجال غير معروفة، ودفع لفرض قيود واسعة على حركة التنقل والسفر، منها إجراءات عزل منزلي تطال نحو مليار شخص حول العالم.
بالنسبة الى لاعبي كرة القدم، عدم معرفة موعد العودة الى المستطيل الأخضر يضعهم دائما في حال تأهب: نظريا، قد تعود عجلة الدوريات الى الدوران بعد أسابيع، وعلى الأندية ان تكون جاهزة، لاسيما وان الموسم الكروي وصل قبل تعليقه، الى مراحل قريبة من خط النهاية.
ويقول لاعب نادي برايتون الإنكليزي غلين موراي لوكالة فرانس برس “قد يحتاج اللاعبون لأخذ إجازاتهم الصيفية الآن. قد ننهي موسم 2019-2020 ونبدأ موسم 2020-2021 بشكل فوري دون إجازة على الإطلاق”.
وردا على سؤال عما اذا كان اللاعبون سيقبلون سيناريو مماثلا، رأى موراي أنه “ما من خيار آخر أمامنا”.
يتطلب هذا الوضع من مدربي اللياقة تحضير برامج أسبوعية وتمارين فردية وشرحها للاعبين عبر الانترنت والتواصل بتقنية الفيديو.
ويوضح المدير الطبي لنادي ريال بيتيس الإسباني خوسيه مانويل ألفاريز “أعطينا كل لاعب من لاعبينا الارشادات اللازمة”، حتى الغذائية والطبية.
انقسم لاعبو بيتيس الى مجموعتين وفقا لخصائصهم البدنية، ويتولى مدرب الإشراف على كل منهما. زوّد كل لاعب بجهاز خاص لتسجيل بيانات عن الارهاق، النوم، الألم وحتى الحالة الذهنية، بينما يقدم اللاعبون تقارير بشأن وزنهم وحراراتهم، وأهداف التمارين الذين تمكنوا من تحقيقها.
وقال ألفاريز “يدرك اللاعبون أنه إذا لم يقوموا بعملهم، سيجدون أنفسهم في وضع غير مؤاتٍ بالمقارنة مع زملائهم عندما يعاودون التمارين”.
وليس أمام اللاعبين أي عذر للامتناع عن مزاولة التمارين، اذ ان منازل معظمهم تضم صالة مخصصة لذلك. وفي حال لم تكن متوافرة، عمدت إدارات أندية الى توفيرها لهم في هذه الفترة.
ويوضح رئيس نادي مرسيليا الفرنسي جاك هنري إيرود، ان اللياقة البدنية للاعبين “دقيقة، معقدة، ومتطورة (…) تتطلب صيانة يومية تقريبا”.
الانضباط الذاتي
عمدت بعض الأندية، ومنها بايرن ميونيخ بطل ألمانيا في المواسم السبعة الأخيرة، الى إقامة حصص تدريبية افتراضية عبر الانترنت، يشارك فيها كل اللاعبين عبر الفيديو. وفي فرنسا، طلب نادي ليون من لاعبيه الاستراحة حتى 24 آذار/مارس، بينما لجأ أتلتيكو مدريد الإسباني الى إجراء تدريب تكتيكي من خلال اجتماعات عبر الفيديو بين اللاعبين والمدربين للبقاء في جو اللعبة.
ويبدو نادي العاصمة الاسبانية صارما أيضا في النظام الغذائي. وأسوة بغالبية الأندية، يسلّم لاعبيه وجبات معدة خصيصا، مع منحهم بعض الخيارات. ويتناول كل اللاعبين الغداء والعشاء في الوقت عينه.
لكن الانضباط الذاتي ليس سهلا على الجميع.
ويقول الانكليزي جوناثان برانت، وكيل الويلزي غاريث بايل لاعب ريال مدريد الاسباني، “بالطبع بعض اللاعبين أفضل من غيرهم في التعامل مع المسألة. اللاعبون هم بشر أيضا وحاليا يشعرون بالإحباط الشديد”.
الظروف الشخصية تحكم الوضع الراهن. فالعزل المنزلي قد يوفر للاعبين فرصة تمضية وقت أطول مع عائلاتهم، لكن في حالات أخرى، قد يجعل ذلك أمرا بعيد المنال.
وعلى سبيل المثال، حُرم البلجيكي روميلو لوكاكو مهاجم انتر الايطالي من رؤية والدته كونها تعاني من مرض السكري، نظرا لأن “كوفيد-19” يمثل خطورة أكبر على المسنين والاشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة. أما الصربي لوكا يوفيتش لاعب ريال مدريد، فخرق قوانين العزل بعد عودته الى بلاده، وشوهد وهو يحتفل ويتنزه مع صديقته الحميمة.
ويعلّق موراي “بعض اللاعبين الاجانب حُرموا من فرصة الذهاب الى ديارهم. انه أمر صعب جدا بالنسبة لهم”. ويبدي اللاعب البالغ 36 عاما، وبات على مشارف نهاية مسيرته، أسفه على الوقت الضائع حاليا، مؤكدا أن ما يمر به “جعلني أكثر إصرارا على اللعب لأطول فترة ممكنة”.
بالنسبة الى من جعلوا كرة القدم أسلوب حياة، المرحلة صعبة، لاسيما وان جدولهم دائما ما يكون مزدحما بالمباريات والتمارين ونشاطات أخرى.
ويعتبر البوسني أسمير بيغوفيتش حارس ميلان الايطالي “عدم تمكننا من التدرب أمر غريب جدا (…) تحاول القيام بأمور أخرى ولكن ما من شيء سوى نتفليكس” في إشارة الى الشركة الأميركية لخدمات البث التدفقي.
وعلى رغم الجهود المبذولة، يرى معنيون باللعبة ان لياقة اللاعبين لن تكون على حالها لدى عودتهم للملاعب، واحتمالات تعرضهم للإصابة ستزداد.
ويوضح الفرنسي فيليب بيات، رئيس النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين “فيفبرو”، “يقول الأطباء أن التوقف لـ 15 يوما يجب ان تتبعه تمارين على مدى 15 يوما. ماذا سيتطلب الأمر في حال راحة لثلاثة أسابيع؟ لقد كانوا واضحين: لا تتفاجأوا اذا وقعت إصابات”.
ويؤكد ألفاريز أن “خطر الاصابات هو أمر نتوقعه حقا. لن يتمكنوا من خوض حصة تدريبية عادية، هذا أمر واضح”.
ويضيف “هذا وضع غريب وجديد كليا بالنسبة الى الجميع”.