كانبيرا – الناس نيوز ::
يحمل إنتاج الحديد الأخضر في أستراليا إمكانات واسعة، مع توافر إنتاج خام الحديد والكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الشمس والرياح.
ووفق تقارير رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يتجه العالم إلى خفض واردات الحديد الخام الذي تنتجه أستراليا إلى جانب الفحم والغاز الأحفوريين، ما يسلّط الضوء على الحاجة لإضافة قيمة للصناعة المحلية.
وفي حالة نجاح إقامة صناعة الحديد الأخضر محليًا، ستصبح أستراليا قوة عظمى عالميًا في تصديره، كما ستتمكن من خفض الانبعاثات العالمية بنسبة تصل إلى 7%.
ويُعوَّل على الحديد الأخضر في إزالة الكربون من صناعة الحديد التقليدية المسؤولة عن نحو ثُمن انبعاثات الكربون العالمية.
وعند إنتاج الحديد الأخضر، لا يُستعمل فحم الكوك في اختزال خام الحديد، بل يُستعمل الغاز الطبيعي أو الهيدروجين بدلًا من ذلك.
تحولات العالم الجديد
يشهد العالم أكبر تحول اقتصادي منذ الثورة الصناعية، إذ تنتقل الثروات من الاقتصادات المعتمدة على الوقود الأحفوري -مثل أستراليا- إلى الدول الرائدة في التقنيات الخالية من الكربون.
وتقف أستراليا حاليًا في مفترق طرق للاختيار ما بين الاستمرار في اقتصاد الوقود الأحفوري كما في القرن الماضي، أو إضافة قيمة للموارد وإنتاج الحديد الأخضر.
ويضع اعتماد أستراليا على صادرات خام الحديد والوقود الأحفوري الاقتصاد بأكمله -ومعه جودة حياة المواطنين- في خطر؛ لأن الوقود الأحفوري لن يكون السلعة التي سيتزايد عليها الطلب في الأسواق العالمية مستقبلًا.
وتسعى الصين -وهي أكبر مستهلك للحديد الخام الأسترالي- إلى خفض بصمتها الكربونية؛ وهو ما يفرض مخاطر وشيكة للمزيج الحالي من الصادرات الأسترالية.
وعلى الجانب الآخر، يعتمد المستقبل الاقتصادي وتوفير فرص عمل بأجور عالية على قدرة أستراليا في إضافة قيمة للمعادن الحيوية والإستراتيجية وصناعة المنتجات من أجل المستقبل، ومنها الحديد الأخضر.
إنتاج الحديد الأخضر في أستراليا
عبر الجمع بين قدرات إنتاج الكهرباء النظيفة وإمكانات إنتاج الخام، يمكن أن تصبح أستراليا قوة عظمى بتصدير الحديد الأخضر في ظل الاقتصاد الجديد الخالي من الكربون.
وسوف يساعد إنتاج الحديد الأخضر في أستراليا في خفض الانبعاثات العالمية؛ وهو ما “سيغير العالم حقًا”، بحسب التقرير الذي نشرته منصة رينيو إيكونومي الأسترالية (Renew economy).
وأستراليا أكبر مصدّر لخام الحديد في العالم، وفي العام المالي 2021-2022 بلغت قيمة صادراتها 133 مليار دولار أسترالي (877.8 مليون دولار أميركي).
وتصل الإيرادات السنوية لصناعة الصلب في أستراليا إلى 29 مليار دولار أسترالي، وتوفر فرص عمل لقرابة 140 ألف شخص.
ويوجد نحو 90% من موارد الحديد الخام في بيلبرا شمال ولاية غرب أستراليا، وتحتضن ولاية جنوب استراليا وتسمانيا وأجزاء من غرب أستراليا احتياطيات مهمة من المغنيتيت؛ وهو ما يجعل أستراليا مثالية في إنتاج الصلب الأخضر.
(الدولار الأسترالي = 0.66 دولارًا أميركيًا).
تجارب عالمية
نجحت أوروبا ببناء أول مصنع لإنتاج الصلب الأخضر في العالم، كما أن البرازيل والشرق الأوسط وأفريقيا تتبوّأ مراكز بارزة.
ونجح مشروع “هيدروجين بريكثرو أيرون ميكينغ تكنولوجي” في السويد (HYBRIT) بإنتاج الصلب الأخضر لشركة السيارات فولفو (Volvo) عام 2021، ويستهدف بدء التشغيل التجاري بحلول عام 2026.
ويستعمل المشروع الهيدروجين الأخضر بدلًا من الفحم وفحم الكوك لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وفي 2021 كانت المرة الأولى عالميًا لإنتاج الصلب الخالي تمامًا من الوقود الأحفوري.
وتقيم شركة “اتش تو غرين ستيل” (H2 Green Steel) مصنعًا لإنتاج الصلب الأخضر في شمال السويد، وتخطط لبدء الإنتاج التجاري في 2025 المقبل، كما تستهدف إنتاج 5 ملايين طن بحلول عام 2030 من أجهزة تحليل كهربائي بقدرات لا تقلّ عن واحد غيغاواط.
موقف الشركات الأسترالية
لا تستثمر كل الشركات في أستراليا بالتقنية القديمة لإنتاج الصلب بوساطة الوقود الأحفوري، كما تستعد للازدهار في عالم الاقتصاد الخالي من انبعاثات الكربون.
وتعهدت حكومة ولاية جنوب أستراليا بتخصيص 593 مليون دولار أسترالي لبناء محطة هيدروجين أخضر، ومحطة تحليل كهربائي، ومرافق تخزين بالقرب من وايللا.
ومن شأن المشروع الضخم أن يحفّز تطوير مشروعات أخرى مماثلة، وكذلك إنتاج الصلب الأخضر والحديد الأخضر، عبر استعمال الهيدروجين الأخضر محفزًا بدلًا من الفحم.
ومن المقرر أن ينتج مصنع وايللا لإنتاج الصلب 1.8 مليون طن من الحديد الأخضر لتزويد مصانع أفران القوس الكهربائية التابعة للشركة المطورة “ليبرتي ستيل أستراليا” في أستراليا وآسيا وأوروبا والمملكة المتحدة.
وخلال زيارته المنطقة في سبتمبر/أيلول 2023، قال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز: “مكان مثل وايللا.. الصلب الأخضر هو مستقبله”.
وتمتلك أستراليا جميع الأدوات لتصبح قوة عظمى في تصدير الحديد الأخضر، واستعمال الصلب الأخضر محليًا تحقيقًا لهدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
ويقول التقرير: “الفرصة حقيقية، ويجب أن نتحلّى بالجرأة، أو سنضيع فرصة التقدم للانتقال من اقتصاد صادرات الوقود الأحفوري إلى اقتصاد صادرات المعادن الخضراء”.