نيويورك وكالات – الناس نيوز ::
لطالما عرفت تينيك، إحدى بلدات ولاية نيوجرسي الأميركية، التسامح والتعايش بين المسلمين واليهود، لكن الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة أثارت انقسامات يسعى جيل شاب لحلّها.
تسعى طالبتان في مدرسة ثانوية في تينيك، هما مسلمة ويهودية، إلى ردم الهوة التي نشأت في بلدتهما بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
وفي أعقاب هجوم الحركة على جنوب إسرائيل وردّ الأخيرة بعملية عسكرية واسعة، كتبت روضة البطراويش (17 عاما) منشورا على انستغرام اقترحت فيه تنظيم حدث تعليمي.
وقالت لوكالة فرانس برس “كنت أعتزم تنظيم تحرك احتجاجي (ضد الحرب)، لكنني قررت تنظيم حوار بدلاً من ذلك”.
سرعان ما استجابت ليورا بيلافين، وهي طالبة يهودية في الثانوية نفسها تبلغ 15 عاما، وساعدت في تنظيم جلسة أولية أواخر تشرين الاول/اكتوبر.
حقق الاجتماع الأول نجاحا غير متوقع، ما شجّع على إقامة لقاء ثانٍ. ومنذ ذلك الوقت، حظيت الفتاتان بدعم من قبل سكان الضاحية المتسامحة تقليديا، لكنهما قوبلتا أيضا ببعض الانتقادات.
واشارت البطراويش الى أنها توقعت حضور نحو عشرة أشخاص الى اللقاء الأول، لكنه استقطب زهاء 60. وعلى رغم هذا الإقبال، لم تبالغ الفتاتان في التفاؤل بشأن ما ستحققه مبادرتهما.
وأوضحت بيلافين “قال لنا كثيرون إن هذا لن يؤدي لشيء، وصراحة لم نعتقد ذلك أيضا… لكن رغبنا في تجربة أمر ما”.
“كل الناس تغيّروا”
تقع تينيك على بعد 16 كيلومترا من مانهاتن، ويشكل اليهود حوالى 40 % من إجمالي عدد سكانها البالغ حوالى 40 ألف نسمة. ويقطن فيها عدد كبير من المسلمين.
أكد نوعام سوكولو الذي يدير محلا منذ 35 عاما، أن الاحترام لطالما ساد بين أبناء الديانات المختلفة في البلدة.
لكنه أوضح أن “كل الناس تغيّروا وانقسموا” منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة قبل أكثر من أربعة أشهر، مشيرا الى أنه تعرّض “لمضايقات هاتفية”.
ولفت ياسين الكرياني الذي انتقل من المغرب إلى الولايات المتحدة الى أنه يشعر دائما بترحيب في البلدة. وقال “أحب الناس هنا. لا مشكلة متأصلة بين اليهود والمسلمين في تينيك”.
انتخبت تينيك في عام 2006 عمدة من اليهود المتشددين، وبعدها بأربع سنوات، تم انتخاب مسلم للمنصب.
وتعرف البلدة أيضا بقيامها بإلغاء الفصل العنصري في مدارسها عام 1964، حين أصبحت أول منطقة أميركية تقطنها غالبية من البيض، تقوم بذلك طوعا.
لكن الأوضاع تبدّلت منتصف تشرين الأول/اكتوبر، إذ أصدر مجلس تينيك قرارا يدعم إسرائيل تمّت المصادقة عليه، بينما تجمع متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين خارج المقر البلدي.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، تظاهر زملاء البطراويش وبيلافين تضامنا مع غزة في تحرك أجازه مسؤولو التعليم في تينيك.
وفي ظل الانقسامات الظاهرة، طلبت الطالبتان مساعدة من الشرطة والمسعفين لضمان سلامة اللقاء الأول.
وعلقت البطراويش “أعتقد أننا تعاملنا بطريقة آمنة جدا مما سمح للجميع بالشعور بالراحة”.
عدم الصراخ
طُلب من المشاركين الذين كانوا يبلغون 25 عاما أو أقل، التعهد بعدم الصراخ أو الانخراط في هجمات شخصية.
وقامت المنظِّمتان بتقسيم الحاضرين الى مجموعات صغيرة للتباحث حول أسئلة عدة من بينها: ما هو رد فعلك على السابع من تشرين الأول/اكتوبر؟ وما الذي تريد فهمه من الآخرين المشاركين في هذه المجموعة؟ وعادت المجموعات لاحقا الى الغرفة ذاتها لاستكمال اللقاء.
واوضحت البطراويش “أخبرنا البعض أن بعض ما تفوّه به آخرون على طاولتهم جعلهم يشعرون بعدم الراحة وأنهم يختلفون معهم تماما”.
وتابعت “اعتبرنا ذلك أمرا جيدا… لأنهم كانوا مرتاحين بما فيه الكفاية لإبداء هذا الرأي”.
وبعد نجاح اللقاء، قررت الفتاتان الاستمرار وتنظيم لقاء آخر للبالغين في تشرين الثاني/نوفمبر، حضره أكثر من 70 شخصا. ووزعتا منشورات في المساجد والكنس المحلية.
وقالت البطراويش “كنت خائفة حقا ذاك اليوم”، قبل أن يمضي اللقاء بشكل أفضل مما توقعت.
ومع أن رد الفعل كان ايجابيا في الغالب، أكدت بيلافين أنها تعرضت لانتقادات بعض اليهود الذين قالوا إنها “لا تمثلنا وأمورا مشابهة”.
واوضحت الفتاة أنها لا تقرأ التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أما البطراويش التي تنهي دراستها الثانوية هذا العام وتنشغل بطلبات الالتحاق بالجامعات، فقالت إنها شعرت “ببعض الخوف” من الانخراط في قضية الصراع بين إسرائيل وحماس، رغم أن المبادرة “ضرورية”.
وتواصلت مدن أخرى في ولاية نيوجرزي مع البطراويش وبيلافين لاستشارتهما لتنظيم لقاءات مماثلة.
وأشارت بيلافين الى أن الخطوة المقبلة ستكون استقطاب طلاب آخرين لإدارة حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمجموعة وتولي مهام أخرى بهدف تسهيل تنظيم وعقد لقاءات اخرى.
واوردت “نقوم بكل المهام… أعتقد أن علينا أن نتعلم طلب المساعدة”.