بغداد – الناس نيوز :
أمينة إسماعيل – رويترز – يقول نشطاء ومسؤولون ودبلوماسيون إن الحكومة العراقية تزداد ضعفا على ما يبدو في مواجهة مسلحين وأحزاب من المتوقع أن تعزز وضعها في الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يبدد آمال المحتجين الذين تلقوا وعودوا بالإصلاح.
فقد قررت حكومة بغداد إجراء انتخابات مبكرة في أكتوبر تشرين الأول كحل لمشكلات البلاد، وألقى الغرب بثقله وراء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والرئيس برهم صالح في الدعوة للانتخابات التي وافقت الأمم المتحدة على مراقبتها.
لكن سلسلة أحداث شهدها العراق في الآونة الأخيرة أظهرت منعة الجماعات المسلحة، المتحالفة بشكل أساسي من إيران، من المساءلة والعقاب.
وبينما تستعد أكبر الأحزاب العراقية، وجميعها مرتبط بفصائل مسلحة، لتقسيم الغنائم الانتخابية، يُقتل نشطاء مؤيدون للإصلاح في الشوارع.
وقال الناشط الحقوقي العراقي البارز حنا إدوار “الدولة العراقية غير مسيطرة وغير مهيمنة على الوضع. تصفية الناشطين وتصفية وتهديد للمرشحين”، موضحا أنه سيكون من الصعب جدا إجراء انتخابات نزيهة في هذه الأوضاع.
وقال مسؤول حكومي، اشترط عدم كشف هويته، إن المسلحين “أقوى من الدولة نفسها… الحرس القديم هو المسيطر. كل ما سينجم عن إجراء انتخابات بمراقبة دولية هو منحهم شرعية”.
ولم يتسن الوصول بعد إلى المتحدث باسم الحكومة للحصول على تعليق.
فبعد أن غزت الولايات المتحدة العراق في 2003 لتطيح بزعيمه صدام حسين، سيطرت أحزاب شيعية متحالفة مع إيران على مؤسسات الدولة وحكوماتها المتعاقبة.
وفي أواخر 2019 شاركت مجموعات ضخمة من العراقيين في احتجاجات حاشدة تطالب بإزاحة هذه الطبقة الحاكمة. وقُتل مئات المحتجين عندما فتحت قوات الأمن ومسلحون النار على المتظاهرين. واضطرت الحكومة في ذلك الوقت للاستقالة.
ومنذ ذلك الحين، وعد رئيس الوزراء المؤقت الكاظمي بمحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين وإصلاح قوانين الانتخابات، الأمر الذي من شأنه أن يُضعف قبضة الجماعات المسلحة.
لكن بعد مرور نحو عامين لم تحقق المحاكمات الخاصة بقتل المتظاهرين النتائج المرجوة منها. كما تبدو النخبة القديمة في سبيلها لتعزيز سلطتها بينما يشكو النشطاء من أن الحريات السياسية تآكلت أكثر.
وتقول الأمم المتحدة إن 32 ناشطا مناهضا للنظام على الأقل لاقوا حتفهم في عمليات قتل مستهدفة نفذتها جماعات مسلحة مجهولة منذ أكتوبر تشرين الأول 2019. ويلقي مسؤولون عراقيون باللوم في الكواليس على الجماعات المتحالفة مع إيران على الرغم من أن هذه الجماعات تنفي أي دور لها في ذلك.
وبالنسبة للناشط هشام الموزاني، الذي شارك في تأسيس حزب سياسي جديد، فإن انتشار أنصار الجماعات المسلحة المتنافسة في بغداد هذا العام هو الذي أخاف حزبه من الترشح في الانتخابات.
وقال الموزاني “هذه المدينة سقطت تماما ولا يوجد لديها أي شكل من النظام أو القانون، لا توجد أي منظومة أمنية أو سلطة… الدولة تحتضر”.
وفي فبراير شباط تظاهر مسلحون من أنصار رجل الدين مقتدى الصدر في بغداد بسبب ما وصفه الصدر بتهديد الأماكن الشيعية المقدسة. وفي مارس آذار خرج أنصار الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران إلى الشوارع بسبب تأخر الحكومة في إقرار الميزانية السنوية. ولم تتدخل قوات الأمن الحكومية في المناسبتين.
وانتشر مسلحون الشهر الماضي داخل المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد والتي تضم مباني حكومية. وكان المسلحون يطالبون بالإفراج عن قاسم مصلح، القيادي البارز في الحشد الشعبي، الذي اعتٌقل بسبب ما قال مسؤولون حكوميون وأمنيون إنه ضلوعه في قتل نشطاء وإطلاق صواريخ على قاعدة أمريكية. وأُطلق سراح مصلح بعد أسبوعين.
قانون جديد وأحزاب قديمة
ما زال نشطاء بينهم الموزاني مُهددين. وقال الموزاني “أنا مُهجر من بيتي، حرقوا سيارتي وهاجموا بيتي وحرقوه”.
ويقول مسؤولون ودبلوماسيون إن الترويع المستمر والإفلات من العقاب يوجدان بيئة مواتية للأحزاب الكبيرة والجماعات المرتبطة بفصائل مسلحة في انتخابات أكتوبر تشرين الأول.
وأقر العراق قانون انتخابات جديدا في 2019 يفضل نظريا المرشحين المستقلين، وهي خطوة تهدف لتشجيع المرشحين الشباب المؤيدين للديمقراطية على الترشح. لكن قليلين منهم فعلوا ذلك حتى الآن.
وقال ناشط اشترط عدم ذكر اسمه “واحدة من الأسباب الرئيسية هي المشاكل الأمنية، أنا ما أحس أني عايش بأمن، أحس أني مُلاحق طول الوقت”.
وقال متحدث باسم لجنة الانتخابات العراقية إن مرشحين كثيرين مسجلين انسحبوا في الآونة الأخيرة.
في الوقت ذاته، تقول الأحزاب الرئيسية إنها تشعر بالثقة قبل الانتخابات.
وقال زعيم أحد الأحزاب إن هناك اجتماعات منتظمة لبحث التحالفات.
وفقد النشطاء الأمل تماما.
وقال محمد الدهامات، الذي اغتيل شقيقه أمجد الدهامات في 2019، إنه سيقاطع الانتخابات بشكل كامل. وأضاف “لا جدوى للمشاركة”.