أروى غسان- الناس نيوز :
لطالما ارتبط اسم “حمام السوق” بالثقافة الشعبية التركية، ليس داخل تركيا فقط بل على مستوى العالم، وفي كل البلدان التي تحوي هذا النوع من الحمامات، حيث ظهر فن عمارة الحمامات لدى الأتراك في القرن الثاني عشر بعد فتح السلاجقة للأناضول، وفي عهود تركية ماضية أصبحت الحمامات من أهم سمات طراز البناء التركي.
بني أول حمام عام 1362م في مدينة بورصة من قبل “أورهان بك” ثاني سلاطين الأتراك، وفيما بعد أصبحت الحمامات حكراً على السلاطين، وجزءاً لا يتجزأ من القصور، حيث كان كل سلطان يأمر ببناء حمام ملحق في فناء قصره.
اهتمت تركيا بتلك الحمامات، وقامت بتطويرها وتوسيعها حتى غدت على الشكل الذي هي عليه اليوم، أما أول حمام للعامة “تشمبرلي تاش” فقد بُني في إسطنبول بالقرب من البازار الكبير ( قابلي تشرتشي ) ، عام 1584م من قبل المهندس الشهير معمار سنان، وبأمر من السلطانة “نور بانو”، وعقب ذلك زاد بناء الحمامات في جميع أنحاء البلاد.
كانت الهندسة المعمارية التي حظيت بها الحمامات التركية محط إعجاب الكثيرين، فبناؤها تم تصميمه ليحتفظ بدرجة الحرارة، وليعطي مجالاً واسعاً للتنفس وتجديداً للهواء، حيث ترتفع أعمدتها الضخمة المصنوعة من المرمر على قبة سماوية فسيحة تحوي مربعات زجاجية تساعد على دخول أشعة الشمس وإضاءة حجرات الحمام.
ينقسم الحمام إلى ثلاث حجرات رئيسية، الأولى مخصصة للاسترخاء، وتحوي مسطحات رخامية للتدليك، والثانية تحوي حجرة الحمام والبرك الساخنة، والصنابير التي تصب ماءً حاراً وبارداً، والقسم الثالث يتمثل في ردهات الاسترخاء، وروعي في تلك الأقسام توزيع الحرارة، بحيث تبدأ غرف الحمام بدرجة حرارة منخفضة وصولاً إلى درجات أعلى، لتضمن تكيف الجسم معها بشكل متدرج.
تتمتع الحمامات التركية بشهرة واسعة على مستوى العالم، وتعد من أهم المقاصد للسياح، ومع مرور الأيام تحولت لظاهرة ثقافية واجتماعية، ولم تعد مقصداً للاغتسال فقط، حيث أصبحت مناسبة لعقد فعاليات اجتماعية، كالاحتفال بليلة الحناء للعرسان، وعقد الزواج، ومكاناً لتجمع الأصدقاء والأقارب، وتتكون من قسمين، الأول للنساء والثاني للرجال، وكان يُطلق على السيدات اللاتي تساعدن على الاستحمام اسم “ناطر”(natır) وعلى الرجال “تيللاك” (tellak).
وتشير الكثير من التقارير إلى أن الحمامات تساعد على الشفاء من عدة أمراض، كالروماتيزم وآلام المفاصل، والشد العضلي، وآلام الجيوب الأنفية والشعب الهوائية، بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بها للاسترخاء والتخلص من التوتر والضغط العصبي، لأنها تبعث على الراحة النفسية وتسهم بنضارة البشرة وتنظيف مساماتها.
مئات القرون التي مرت على تأسيس الحمامات التركية، لم تزدها إلا ألقاً وأصالة فإلى اليوم ما زالت غالبية هذه الحمامات موجودة ومفتوحة للعامة، وما زالت تحتفظ بالكثير من الديكورات الداخلية والتصاميم الأصلية، مع وجود بعض الترميمات والتعديلات، ويعد حمام السلطانة حُرم وهو جزء من مجمع مسجد السلطانة محرمة من أشهر الحمامات في إسطنبول، ويقع بجانب مسجد آيا صوفيا وقد بني عام 1565.