fbpx

الناس نيوز

جريدة إلكترونية أسترالية مستقلة

رئيس التحرير - جوني عبو

Edit Content
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه
Edit Content
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه

جريدة إلكترونية أسترالية مستقلة

رئيس التحرير - جوني عبو

الرصاصة التي كادت تلطخ الشرفة بالدم

ممدوح حمادة – الناس نيوز:

رغم أن التدريب على الجاهزية القتالية كان أمرا مدرجا في برنامج دورتنا، إلا أننا كنا نشعر عندما تنطلق صافرة الضابط المناوب معلنة حالة الاستنفار، أن الضابط الذي يشعر بالملل بسبب عدم ذهابه إلى البيت، به رغبة للتسلية من أجل طرد الملل، أكثر من رغبته باختبار جاهزيتنا القتالية، وأنا أتفهم رغبة الضابط بالتسلية تماما، فنحن الذين كنا نعاني لم نكن نتمالك أنفسنا من الضحك عندما نشاهد بعضنا بعضا، فكل منا يحمل على كتفه فراشه ممسكا به بإحدى يديه، وباليد الثانية يحاول تثبيت لباس الميدان الكامل الذي يزنره، وبما أن الكثيرين منا كانوا قد نحفوا عدة كيلوغرامات منذ بداية الدورة، فإنهم كانوا يعانون من مشكلة أخرى وكانوا يتمنون لو كانت لهم يد ثالثة تمسك بحزام البنطال، حيث أصبحت ثيابهم واسعة جدا عليهم، ورغم حرص هؤلاء على بذل أقصى جهودهم لمنع البناطيل من السقوط أثناء الركض، إلا أن بعض البناطيل كانت أحيانا تتغلب على رغبة أصحابها، فكانت تسقط كاشفة ما لا يرغب الشخص عادة بكشفه، ومن هنا فقد كان جميع عناصر فصيلتنا، الفصيلة الخامسة، يعرفون أن “هارون” يلبس تحت بنطاله كلسونا شرعيا منقطا، فإذا كنا نحن الذين نتعرض للمعاناة نضحك، فما بالك بالضابط المناوب بذلك الذي يلعب دور المتفرج.

اليوم لم تكن صافرة الضابط المناوب استثناء لما سبقها من صافرات، فعند سماعنا لها قام كل منا بارتداء لباس الميدان الكامل على عجل،  الكمامة ومزودة الطعام على الكتفين، والمطرة وجعبة المخازن والمعول الفردي على الحزام، ولف فراشه وبطانياته على شكل أسطوانة حملها على أحد كتفيه، ثم علق كل بندقيته وخرج راكضا، وأنا في الحقيقة حتى الآن لا أدري مبرر حمل الفراش، ففي المناورات كنا نكتفي بلف بطانيتين على شكل نير نحمله على الكتف، كنا عند المبيت نضع واحدة تحتنا والثانية فوقنا ونتوسد الحذاء وننام، من المستحيل أن يحمل المحارب فراشه في الحرب إلا إذا كان مطلوب منه الانتحار، ولهذا فإنني أعتقد أن الضباط كانوا يلزموننا بحمل الفراش من أجل زيادة جرعة المعاناة فقط لا غير، وبكلام آخر لكي نتسقى كما الفولاذ ونتعود على تحمل المشاق، ولكن في هذه المرة صرخ بنا الضابط المناوب أن يرمي كل منا فراشه ففعلنا وتابعنا الركض إلى السيارات المصطفة في الساحة، كما نفعل في كل مرة، وكان هذا الفرق الأول بين هذه المرة والمرات السابقة، تخلصنا من حمل الفراش، عند السيارات كان أمين مستودع الأسلحة والذخيرة يقف مع عنصر من عناصره وقد وضع صندوق ذخيرة  على الأرض وأخذ يغرف منه الرصاص بحفنتيه ويناول كلاً منا كمية منه على عجل، البعض حصل على عشر رصاصات، البعض على خمس عشرة رصاصة.. وقليلون هم الذين حصلوا على مخزن كامل، هذا الفرق الثاني بين هذه المرة والمرات السابقة، فهذه أول مرة يوزعون فيها علينا ذخيرة حية، أما الفرق الثالث فهو أن السيارات تحركت، وهي عادة ما تبقى واقفة ونُؤمر بالعودة إلى مهاجعنا بعد أن نصعد إليها، حيث يكون الضابط قد تأكد من جاهزيتنا.

السيارات لم تتحرك فقط، السيارات خرجت من المعسكر أيضا، وتوجهت نحو المدينة، كل ما يحدث يشير إلى أنه سيزج بنا في معركة، الملامح الجدية على الوجه المكفهر للضابط المناوب الذي لم يضحك لسقوط بنطال هارون هذه المرة، الذخيرة الحية التي وزعت علينا، التوجه إلى المدينة بلباس الميدان الكامل، مجرد ذكر الكلمة يبعث على الرهبة، فما بالك عندما يشاهدنا الناس في المدينة به، أدركنا جميعا أن شيئا جديا ينتظرنا، سيطر الخوف على البعض، فمعظمنا لا يزال مراهقا، صحيح أننا تجاوزنا سن الرشد كما يطلقون عليه، ولكن ذلك على الورق فقط، أما الحقيقة فإن  الغالبية لم يصبحوا رجالا بعد، كان يمكن ملاحظة ذلك من يدي “ثائر” اللتين كانتا ترتجفان طوال الطريق، ومن دقات قلبي المتسارعة.

 “جمال” كان لا يزال يُمنّي نفسه أننا في تدريب، ولكنه بعد أن وصلنا إلى المدينة وشاهدنا طائرة هليكوبتر تحلق على ارتفاع منخفض، وسمعنا أصوات الرصاص تتناهى إلى آذاننا من بعيد، توصلنا إلى استنتاج بعث على الضحك لدى البعض، حتى “ثائر” الذي كانت يداه ما تزالان ترتجفان، ابتسم، ( يا شباب.. أكيد فيه شي) أطلق “جمال” استنتاجه الذي ساد الصمت بعده حتى وصلنا إلى المكان الذي أصبح فيه صوت الرصاص قويا كما لو أنه خلف الجدار، وقد كان كذلك فعلا.

داخل الحي كانت تدور معركة عنيفة، هذا ما تقوله غزارة النيران، أما نحن فتم إحضارنا كمساندة فقط، ولم يطلب منا الدخول إلى الحي، مهمتنا كانت تنحصر بضرب طوق حوله لمنع أي أحد من الخروج أو الدخول.

تم توزيعنا في الشوارع المحيطة بالحي.. جندي كل عشرة أمتار تقريبا، وقامت دورية من الأمن بتنبيه السكان عبر مكبرات الصوت بعدم فتح الأبواب والنوافذ وعدم الخروج من البيوت حتى تنتهي العملية، كما تم توجيه الأمر إلينا بإطلاق النار على أي نافذة أو باب يفتح.

  • الموت يكره الانتظار.

قال لنا قائد الدورية مبررا أمر إطلاق النار على أي باب يفتح، ولم أفهم قصده في تلك اللحظة، ولم أُعِر اهتماما لكلامه، كنت قلقا لدرجة أنني لم أكن مستعدا لسماع النصائح، كانت أصوات انفجار القنابل اليدوية وأزيز الرصاص يملآن الفراغ، كنت أشعر بتلك الأصوات كما لو أنها كتل تتدحرج نحوي داخل كهف معدني، كان علينا أن نطلق النار في الهواء أثناء الطريق لكي نتآلف مع صوت الرصاص، لدي شعور أنني لن أعود من هنا حيا، وهذا ما كان يشعر به الآخرون كما تبين لي لاحقا، في ظل هذه الكثافة من النيران كان من المستحيل أن تخرج دون أن تتعرض لعشر رصاصات ولو طائشة، ولكن هذا لم يكن سوى وهم بطبيعة الحال، فقد كان بيننا وبين المكان الذي تدور فيه المعركة شارع أو شارعان، وكنا بمأمن تماما عن إطلاق النار.

بعد ربع ساعة أخذ الخوف يتلاشى وألفنا تلك الأصوات، وإن كنا لم نتخلص من قلقنا بشكل كامل، ولكن الخوف عاد وتسلل إلى قلبي من جديد عندما فُتح باب يؤدي إلى الشرفة التي كنت مقابلها، ولم يخرج منه أحد، كانت الشرفة عريضة معدة لسهرات الصيف على ما يبدو، وكان يطل عليها نافذة مغطاة بأباجور فرنسي، وباب هو الآخر مغطى بأباجور فرنسي، والبيت كله كما تهيأ لي يعود إلى تلك الحقبة، لم يبعث الخوف في نفسي أن الباب فتح، بل أن أحدا لم يخرج منه، وعلى الفور أدركت كنه الأمر، شخص ما شاهدني من بين دفات الأباجور وحدد مكاني وها هو يزحف باتجاه حافة الشرفة، وعندما يصل إليها.. سينهض ويعاجلني بطلقة ترديني قتيلا، في لحظات التوتر هذه تسيطر فكرة واحدة على رأس الإنسان ( إما قاتل أو مقتول) وهذه الفكرة كانت تسيطر على رأسي في تلك اللحظة، ولهذا غيرت مكاني على الفور، تحسست لوحة الأمان فتأكدت أنني في وضعية الرمي وكنا قد لقمنا البنادق في الطريق، أخذت وضعية الاستعداد للرمي الغريزي لكي أعاجله من أين أطل فأسبقه، وليعذرني فأنا ما جئت لقتل أحد، ولكنني أيضا لم آت لكي يقتلني أحد.

مرت لحظات طويلة من الانتظار، لحظات تهيأ لي خلالها أنني أسمع دقات قوية لساعة ركبت في رأسي، لحظات أطل بعدها رأس من خلف حافة الشرفة.

لم يكد الرأس يطل حتى كانت فوهة بندقيتي موجهة نحوه، وعندما رأيت الوجه، كان بين واقيتي الشعيرة التي كانت تتوسط فرضة لوحة التسديد، الرصاصة ستخترق الجبين بين العينين، لم يبق سوى خطوة واحدة، أن تضغط سبابتي على الزناد، ولكن سبابتي بقوة خفية ما، مصدرها السماء، أو مصدرها اللاوعي وهو أحيانا يفعل ذلك، أصيبت بالشلل، تحولت سبابتي إلى إصبع خشبي لا يتحرك، بينما تابع الوجه صعوده من خلف حافة الشرفة، فتمكنت أخيرا من رؤيته كاملا عبر خط التسديد.

أصبت بالذهول، أخذ قلبي يخفق بشدة، فتاة في السادسة من عمرها تقريبا، عندما شاهدتني مصوبا نحوها ابتسمت ووضعت يدها على فمها، كان من الواضح أنها شعرت بالخوف، ولكنني حتى الآن لا أستطيع فك لغز ابتسامتها، لا منظري بلباس الميدان الكامل، ولا منظر فوهة بندقيتي الموجه إلى جبهتها يبعث على الابتسام، وأعتقد أنني لن أعرف سر ابتسامتها ما حييت.

لقد كانت أجمل طفلة رأيتها في حياتي، لم أتمعن في تفاصيلها فكل فترة رؤيتي لها لا تتعدى اللحظات عبر خط التسديد وكان وجهها بين واقيتي الشعيرة، ولكن هذا الشعور تولد لدي وما زال في داخلي، لا أظن أنني سأرى يوما طفلة أجمل منها، خرجت من المنزل امرأة صرخت بها وشدتها إلى الداخل، أما أنا فأنزلت بندقيتي التي انتبهت أنها لاتزال على كتفي، أسندتها إلى الحائط وجلست على عتبة دكان مقفل وأشعلت سيجارة ولم أعد أسمع شيئا، أدرت ظهري للمعركة ولم يعد يهمني حتى لو اخترقت جسدي كل رصاصات العالم، ومنذ ذلك اليوم سؤالان يراودانني دائما، ما سر ابتسامتها؟.. ومن منا أهدى الآخر الحياة؟

المنشورات ذات الصلة