نيويورك – الناس نيوز ::
ألقت السفير الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد، في الأمم المتحدة كلمة خلال جلسة إحاطة عقدها مجلس الأمن حول الأوضاع في سوريا جاء فيها مايلي:
“أقيّم عميقا الإيجاز الذي قدمه مازن درويش. إن دعوتك، يا مازن، لتعزيز حرية التعبير والحوار في سوريا هي دعوة رائعة، وتذكير مهمّ لنا جميعا. يتميّز المركز السوري للإعلام وحرية التعبير بكونه أول منظمة غير حكومية سورية تحصل على الصفة الاستشارية من الأمم المتحدة على الإطلاق. ونحن ممتنون جدا للعمل الذي تواصلون القيام به.
وكما بيّن المتحدّثون في جلسة اليوم، فإن الشعب السوري لا يزال في خطر. ولم يحرز نظام الأسد والآخرون تقدّما حقيقيا في معالجة الوضع السياسي كما يتصوّره القرار 2254. ومن المؤلم أن نسمع عن تدهور الوضع الإنساني على الأرض.
ثمّ جاء التفشي الأخير لوباء الكوليرا الذي تحدّث عنه للتو وكيل الأمين العام مارتن، وكان سبق للمنسّق المقيم ومنسّق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة رضى أن تحدّث عنه أيضا ليشكل تهديدا خطيرا إضافيا للشعب السوري. هذه أزمة أخرى تواجه الشعب السوري الذي اضطر إلى تحمّل أكثر من 11 عاما من الصراع.
صراع أودى بحياة أكثر من 350 ألف شخص، ودفع بـ 13 13 مليون شخص إلى النزوح من بيوتهم، وهوى بأكثر من مليوني شخص إلى حالة شديدة من انعدام الأمن الغذائي.
لقد كانت الولايات المتحدة على الدوام ملتزمة بدعم الشعب السوري، وهذا هو السبب في أننا ضغطنا بشدة خلال العام الماضي من أجل تجديد وتوسيع الآلية العابرة للحدود في سوريا لمدة عام واحد لمعالجة هذه الأزمة وغيرها من الأزمات التي تقف في وجه السوريين. ولهذا السبب عينه يجب علينا تمديد الآلية في كانون الثاني/يناير لمدة 12 شهرا أخرى.
في أيار/مايو، أعلنتُ، في مؤتمر بروكسل، عن تقديم أكثر من 800 مليون دولار كمساعدات إنسانية أمريكية إضافية للاستجابة للأزمة السورية. واليوم، أنا فخورة بالإعلان عن تمويل إضافي جديد بأكثر من 756 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للشعب السوري.
ستؤمّن هذه المساعدة الجديدة إغاثة فورية لملايين اللاجئين والمهجَّرين، وستساعد شركاءنا في المجال الإنساني على توفير المياه النظيفة والغذاء وإمدادات النظافة والإغاثة والمأوى وخدمات الحماية والمساعدة الصحية والتغذوية الحرجة. كما ستغطّي بعضا من نواحي دعم برامج التعافي المبكر في جميع أنحاء البلاد.
ولدرء أي لبس، دعوني أقلْ ذلك مباشرة: يبيّن هذا التمويل مدى الخطورة والإلحاح اللذين نعتقد أن الحالة في سوريا قد وصلت إليهما – وأيضا مدى التزامنا بالتنفيذ الكامل للقرار 2642. ولسوف تترك هذه المساعدة أثرا على حياة السوريين في جميع المحافظات الأربع عشرة. وهي تأتي كاستجابة مباشرة لخطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية، والتي يشكّل التعافي المبكر فيها أكثر من ربع أنشطتها.
لا تزال الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات في العالم لسوريا، وذلك كجزء من التزامنا، كما قلت في سان فرانسيسكو الأسبوع الماضي، بخدمة شعوب العالم. لم ننسَ شعب سوريا ولن ننساه. فالتزام الولايات المتحدة تجاه الشعب السوري وتبنّيها التنفيذ الكامل لـ 2642 أمر لا مراء فيه. بيد أننا لا نستطيع أن نفعل هذا العمل بمفردنا، فالاحتياجات في سوريا هي ببساطة كبيرة جدا، وهذا ما يدفعنا إلى أن ندعو الدول الأخرى للانضمام إلينا في عمل المزيد وتقديم المزيد والمزيد.
ولكن، حتى بينما نحشد المزيد من المساعدة الدولية، فإننا ندرك الإدراك كلّه أن الحلّ السياسي الدائم فقط لهذا الصراع هو الحلّ الذي سيسمح للشعب السوري بإعادة البناء والتعافي. السلام العادل والدائم هو الحلّ الوحيد، وقد بيّن هذا المجلس بوضوح الطريق للوصول إلى مثل هذا السلام من خلال تطبيق القرار 2254.
لسوء الحظ، عمد نظام الأسد باستمرار، بمساعدة من روسيا، على تعطيل وتخريب هذه العمليات، وزرع المزيد من عدم الاستقرار والعنف. ولكن لا بدّ لهذا التعطيل في عمل اللجنة الدستورية، الذي لا يستند إلى أي أساس والذي لا مبرّر له، أن يقف عند حدّ.
وبينما روسيا تكرّر قولها أمام مسامع هذا المجلس أن العملية السياسية في سوريا يجب أن تكون مملوكة لسوريا وتقودها سوريا، فإنها تواصل عرقلة عملية اللجنة الدستورية لأسباب لا علاقة لها بسوريا مطلقا. إن لهذه التأخيرات تكلفة بشرية، حيث يحرم عدم الاستقرار والعنف اللاجئين السوريين من حلم العودة إلى ديارهم.
وهنا لا بدّ أن نشيد بالدول الأعضاء التي تواصل استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين. وبينما يأمل العديد من اللاجئين في عودتهم إلى سوريا، لا ينبغي لأحد أن يضغط عليهم للمخاطرة بحياتهم للقيام بذلك، فبعد كل شيء، لا يزال أكثر من 130 ألف شخص محتجزين بشكل تعسفي أو مفقودين داخل سوريا. الغالبية العظمى من هذه الاعتقالات أو الاختفاءات القسرية كانت على يد نظام الأسد. وكما يوضح التقرير الأخير للأمين العام حول هذه القضية، فإن نظام الأسد لم يحرز أي تقدّم حقيقي في معالجة حالات الاحتجاز والاختفاء.
هذه ليست بيئة ترحيبية، وإلى أن يتمّ كشف مصير جميع المفقودين أو المحتجزين بشكل تعسفي، لن نلتزم الصمت – ولا يمكننا ذلك. لن يعود النازحون واللاجئون إلى ديارهم طالما أنهم يخشون على سلامتهم وسلامة أحبائهم.
السادة الزملاء – إنه لأمر شديد الإحباط أن نعقد نفس الاجتماع، شهرا في إثر شهر، دون أن نرى تقدما نحو سلام طويل الأمد. لقد حان الوقت لأن يفي نظام الأسد وروسيا بالتزاماتهما. لقد حان الوقت لهما أن يتحمّلا المسؤولية عن العنف وعدم الاستقرار. لقد حان الوقت للقيام بالشيء الصحيح من أجل الشعب السوري.
في غضون ذلك، أتعهد بأننا سنواصل الضغط، وسوف نعمل بجهد لتحقيق التقدّم، وسنستمرّ في بذل قصارى وسعنا – كما فعلنا اليوم مع إعلان التمويل الجديد هذا بقيمة 756 مليون دولار – لدعم الاحتياجات الماسة للشعب السوري. شكرا سيدي الرئيس.”