أنور عمران – الناس نيوز ::

السلامُ عليكِ سوريا…
وأنت تقطفينَ بيديك الناعمتين شوكَ الآلهةِ المر،
وأنت تقرعين طبولَ الأنبياء
وتسوسين جيادهم من أجل معاركهم..
– وحدنا نرثُ السيوفَ التي نسيتها الملائكةُ قبل هجرتها إلى السماءِ، وحدنا ندفعُ أثمانَ زينتها-
السلامُ عليكِ
وأنت تحصدينَ الآسَ من معاجمِ أبنائكِ،
وتنثرينهم في الخنادقِ
مثلما ينثرُ الفلاحون بذارهم،
وتحصدينهم
مثلما يحصد الفلاحون غلالهم
– وشَمْنا أهلَنا بأثقالِ أجدادهم/ مآلُنا دلتْ عليهِ النبوءاتُ، وقصدُنا تيهنا-
.. .

سوريا
وأنتِ تعقدين الصلحَ بين الرهبانِ والشياطين
أولمي غير هذا الدم،
وأنت تقصين جدائلك السُّمْرِ
اتركي لنا كنايةً واحدةً ترشدنا إلى بهائهكِ..
السلامُ على شهدائكِ القادمين
وهم يدفنونِ شهداءهم السابقين،
على الأمهاتِ
وهنِّ يخضبنَ القلوبَ بالذكرياتِ،
على العويلِ،
والرصاصِ،
وخيطِ الدمِ الواصلِ بين الخلافةِ والخلاعة…
– تاريخُنا نافذةٌ مكسورةٌ، تاريخنا حمامةٌ خرساء، وتاريخنا بيدرٌ يحترق –

….
والسلامُ علينا
ونحنُ نرسمُ معكِ الخرائطَ،
ونحنُ نحملُ وزرَ الغابرينَ وهَمَّ اللاحقين،
ونحنُ نكتب وصايا الأصدقاء على الرمال،
ونحنُ باليدِ الأخرى نمسحُ عهودهم…
– كان لنا أصدقاءٌ يلثغون بأسمائنا، سلَّموا ألقابنا للجنرالات، فأعطينا عوائلهم للخرافات، ورقصنا على مسرحهم القديم بزيٍّ جديد،-
…
والسلامُ عليكِ يا سوريا
حين تأخذين الحكاياتِ هادئةً إلى توابيتها..
لم تترك الحربُ أسطورةً
حتى تقاسمَ الغولُ أنيابهُ مع الأميرِ،
لم يتركِ الملحُ معنى
حتى أنقذ ملحَهُ من لوثةِ الدلالاتِ،
وأما نحن
فقد تركنا مشاعلنا في يدِ الليل
يُسلِّمُنا فرسٌ إلى فرسٌ
وقاتلٌ إلى قاتلٍ…
– صبغوا عرسنا بالأرجواني، دمٌ يشيرُ إلى دمٍ، وقبيلةٌ تأكلُ من لحم قبيلة، والملوكُ تحمل تيجانها بأكفِّ الكهنةِ-
….
سوريا
ها قد عدنا إلى طفولة الأرض وحدنا
وبينما يحكُّ الغرباء صوّانَ السماء
قدنا مراكبنا نحو ماضينا
واكتفينا بأقوال قابيل:
هذي سُنّتي، وهذا خنجري
– هو البحرُ صارَ مِداداً يكتبُ سيرةَ الراحلين، خيامهم تحت أضلاعهم، وناياتهم ملامحهم-
….
إذن السلامُ عليك يا سوريا
وأنت تطوينَ الأرض تحت إبطيكِ
وتُطلقين أولادكِ في الغاباتِ كالوعولِ الجريحةِ:
رائحةُ دمنا مغناطيسُ الوحوشِ،
أعلامُنا مشانقنا،
وما نقولُ دليلُ المغول…
– غجرٌ كلما هبتِ الريحُ فكّوا عمدان البيوت، حملوها بمناقيرهم مثل ضعاف الطير، وهاجروا، بعضهم عاشَ في لجّةِ المتوسط مع أبديته، بعضهم مات في منفاه، وآخرون دلّلوا قاتِليهم وشحذوا لهم خناجرهم-
….
والسلامُ علينا/ والسلامُ عليكِ
فخذي دمعتكِ الأخيرةَ من أخرِ البحر
ثمةَ قاربٌ أبيضُ في البال
ثمة قاربٌ واسعٌ يا سوريا
وخذي بيدنا/ بيدكِ.!
