بيروت – الناس نيوز :
عبده وازن – إندبندنت عربية – بينما كانت فرقة مسرحية “تنفيسة” تقدم عرضها الموسيقي والغنائي، مساء أمس السبت، على خشبة مسرح المدينة (شارع الحمراء) في سياق المهرجان المسرحي الشبابي “مشكال” الذي تشرف عليه الممثلة والمخرجة نضال الأشقر، دخل عناصر من الأمن العام اللبناني المسرح، وطلبوا لقاء مخرج العرض الفنان الشاب عوض عوض ليبلغوه قرار منع العرض وتوقيفه واقتياده إلى التحقيق.
لم يصعد العناصر الأمنيون الخشبة لينزلوا الممثلين عنها بالقوة، تحاشياً لإحداث فضيحة يتناولها الإعلام بسرعة، بل اتبعوا هذه الطريقة الذكية والهادئة، على خلاف عادتهم سابقاً. لكن نضال الأشقر، مؤسسة المسرح ومديرته التي كانت تحضر العرض، سرعان ما اجتمعت بالعناصر في مكتبها، وفاوضتهم، وهدفها الأول عدم توقيف المخرج عوض واقتياده إلى السجن للتحقيق معه، خصوصاً أن هذا التوقيف يعني بقاءه مسجوناً حتى نهار الاثنين. وبعد اتصالات أجرتها تم الاكتفاء بوقف عرض المسرحية بحجة أنها لم تخضع للرقابة المسبقة على النصوص في جهاز الأمن العام.
حاولت “اندبندنت عربية” الاتصال بجهاز الرقابة في الأمن العام فلم تلقَ جواباً، بسبب العطلة الأسبوعية، لكن الممثلة نضال الأشقر أوضحت لنا ما حدث بالتمام، وقالت إنها تمكنت من طي الصفحة. وأوضحت أن المسرحية سيُعاد عرضها بعد الحصول على الإذن المسبق من جهاز الرقابة لدى الأمن العام. ومعروف أن أي عرض مسرحي يقدم في لبنان يجب أن يخضع للرقابة المسبقة على النص فيسمح بتقديمه أو يمنع، وهذا القانون يعود إلى الأربعينيات، ولم يتم تطويره أو إلغاؤه حتى الآن.
ولعل المصادفة الغربية هي أن الأمن العام اللبناني كان قد منع مسرحية عنوانها “مجدلون” عام 1968، كانت تقدمها فرقة “محترف بيروت للمسرح”، وتضم ممثلين شباباً بينهم نضال الأشقر وروجيه عساف وسواهما، فقصد الممثلون شارع الحمراء، وقدموها أمام المقهى الشهير في الهواء الطلق، ورافقهم الجمهور والتف حولهم العابرون. إنه المشهد نفسه يتكرر بعد 53 عاماً، وكأن زمن المنع لا يزال هو نفسه.
إلى الشارع
أما المنع فلم يحل دون حماسة الممثلين والموسيقيين والمغنين الشباب من مواصلة عرضهم الفني وتقديمه في شارع الحمراء أمام مسرح المدينة، بحرية تامة، وتجمع الجمهور الذي كان في الصالة حولهم وانضم إليهم رواد الشارع والمارة حتى بدا العرض أشبه بتظاهرة فنية شعبية كبيرة. وراح المشاهدون يصورون المشاهد ويبثونها عبر هواتفهم على وسائل التواصل الاجتماعي، فانتشرت لبنانياً وعربياً.
إعتراض شبابي
مسرحية “تنفيسة” التي أعدّها وأخرجها الفنان عوض عوض، عرض شبابي يجمع بين الغناء والموسيقى والتمثيل، وسعى فيها الفنانون الشباب إلى التعبير الحي والمباشر عن هموم الناس اليومية، عن الفقر والجوع والظلم والسرقة والقمع والتزوير، وعن جشع رجال السلطة والمال، متوجهين بالنقد والسخرية من الرؤساء والوزراء والنواب. ومن الجمل التي رددوها في الشارع بأصوات عالية وصارخة: “أنا مش حرامي، أنا مظلوم، انتَ الحرامي، هوي الحرامي، انتو الحرامية”. بدت الفرقة كأنها تنقل كلام الناس كل يوم وشكاواهم وتعابيرهم ونقدهم لرجال السطلة، وليست الجمل التي رددوها سوى نماذج قليلة مما ينشرعلى وسائل التواصل الإجتماعي من أقوال وأوصاف و”شتائم” علنية. اللافت ان الأمن العام لا يتجرأ إلا على توقيف فرقة مسرحية شابة تعبر عن غضبها واجتجاجها ببراءة وعفوية، بينما مهربو المازوت والبنزين والغذاء والمال يسرحون ويمرحون، مخترقين الحدود بصلافة وأمام أعين السلطة.
تجمع المسرحية بين كل العناصر المشهدية من غناء وعزف موسيقي حي وحوارات ومونولوغات ورقص وحركات تعبيرية فردي وجماعية. وقد شارك فيها تمثيلاً وغناءً كل من: طارق تميم، ودونا عطالله، وليا بو كريم، وتاتيانا عبود، وأدريان ربيز، وترايسي يونس، وحسين بدران، وفادي سلمان، وسيلين حداد، وآية أبي حيدر، ويارا عماشة، وفرح حاج عمر، وإبراهيم قادور، ومحمد قديح، ومحمد طارق المجذوب، ونيفين يقظان، ومريانا أبو جودة، وناريه كوركجيان، وكريم مكوك، إلى جانب العازفين نجيب جمال (عود)، وساتي موكان (غيتار)، وجوزيف يشوعي (إيقاع)، وسامي سعادة (أورغ)، وبشار عون (باص).