واشنطن- الخرطوم – الناس نيوز :
وقع السودان والبنك الدولي في الخرطوم الجمعة اتفاقاً تحصل بموجبه الحكومة السودانية على منحة قدرها 370 مليون دولار اميركي، وذلك في ظل ارتفاع اسعار السلع الغذائية ومعدلات التضخم واحتجاجات على الوضع الاقتصادي.
وقالت وكالة الانباء السودانية الرسمية “تمّ اليوم (الجمعة) في مقر البنك الدولي في الخرطوم التوقيع على اتفاقية بين حكومة السودان والبنك الدولي على منحة بقيمة حوالي 370 مليون دولار”.
وأوضحت وزيرة المالية المكلفة هبة محمد علي أنّ “المنحة بقيمة 370 مليون دولار وتشمل 200 مليون دولار من البنك الدولي كمنحة ما قبل إعفاء المتاخرات و170 مليون دولار من شركاء السودان الاوربيين، وعلى وجه التحديد كل من الاتحاد الاوروبي، والمانيا، وإيرلندا، وهولندا، والسويد” .
ويعاني السودانيون من ارتفاع اسعار المواد الغذائية، كما انهم ينتظرون لساعات في طوابير امام المخابز ومحطات الوقود للحصول على الخبز ووقود السيارات. بحسب فرنس برس .
وبلغ معدل التضخم 212% حسب إحصاءات رسمية صدرت في شهر أيلول/سبتمبر الماضي.
والاربعاء تظاهر العشرات في اجزاء متفرقة من العاصمة الخرطوم احتجاجا على تردي الاوضاع الاقتصادية.
وتعاني البلاد من دين خارجي بلغ اكثر من 60 مليار دولار.
سياسيًا التطبيع مع اسرائيل .
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة أن إسرائيل والسودان وافقا على تطبيع العلاقات بينهما، في ثالث خطوة مماثلة يقوم بها بلد عربي في غضون شهرين.
وأشاد ترامب الذي يخوض انتخابات رئاسية بعد 11 يوما، ب”انتصار كبير للسلام في العالم”، مشيرا الى أن خمس دول عربية أخرى على الأقل ترغب في إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، متوقعا أن تقدم السعودية على التطبيع.
في الخرطوم، صدر بيان مشترك عن السودان والولايات المتحدة وإسرائيل نقله التلفزيون الرسمي السوداني، وجاء فيه “اتفق القادة (في الدول الثلاث) على تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل وإنهاء حالة العداء بينهما”، مضيفا “اتفق القادة على بدء العلاقات الاقتصادية والتجارية”.
وكان المتحدث باسم البيت الأبيض جود ديري غرّد عبر تويتر “أعلن الرئيس (ترامب) أنّ السودان وإسرائيل توافقا على تطبيع العلاقات بينهما، في خطوة كبيرة جديدة نحو السلام في الشرق الأوسط”.
وغرد ترامب الذي يواجه منذ فترة تراجعا في شعبيته، بحسب استطلاعات الرأي، “إنه انتصار ضخم للولايات المتحدة وللسلام في العالم”.
وأضاف “وافق السودان على اتفاق سلام وتطبيع مع إسرائيل! مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، ثلاث دول في بضعة أسابيع. دول أخرى ستلي”.
وحضر صحافيون في المكتب البيضاوي اتصالا هاتفيا بين دونالد ترامب ومسؤولين في إسرائيل والسودان.
وأكد مصدر حكومي في الخرطوم أن اتصالا هاتفيا جرى الساعة 17,30 (15,30 ت غ) بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ورئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك ورئيس المجلس الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان.
ووصف نتانياهو تطبيع العلاقات مع السودان بأنه “تحول استثنائي”. وقال في بيان كتب بالعبرية “يا له من تحوّل استثنائي! اليوم تقول الخرطوم نعم للسلام مع إسرائيل، نعم للاعتراف باسرائيل ونعم للتطبيع مع إسرائيل”.
– لائحة الإرهاب –
وذكر المصدر الحكومي السوداني أن الاتصال الهاتفي حصل بعد إعلان ترامب سحب السودان من اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.
وكان البيت الأبيض أعلن قبل وقت قصير من إعلان التطبيع، أنّ الرئيس الأميركي سيسحب السودان من لائحة “الدول الراعية للإرهاب”.
وقال البيت الأبيض إنّ الرئيس الأميركي “أبلغ الكونغرس بنيته التراجع رسمياً عن تحديد السودان كدولة راعية للإرهاب”، واصفاً الأمر بأنه “لحظة بالغة الأهمية” للسودان وللعلاقات بين الخرطوم وواشنطن.
وأوضح البيت الأبيض أنّ السلطات الانتقالية في السودان سددت مبلغ 335 مليون دولار في إطار اتفاق لتعويض أميركيين، ضحايا اعتداءات وقعت خلال حكم الرئيس عمر البشير الذي استمر ثلاثين عاما.
وحكم القضاء الأميركي على السودان بدفع هذه التعويضات بعدما اتهم البلد بدعم جهاديين فجروا السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، ما أدى إلى مقتل 224 شخصا وجرح نحو خمسة آلاف آخرين.
وقال مكتب حمدوك في بيان إن قرار إزالة السودان عن اللائحة الأميركية للإرهاب “فتح الباب واسعا لعودة السودان المستحقة الى المجتمع الدولي والنظام المالي والمصرفي العالمي والاستثمارات الإقليمية والدولية”.
ومن الواضح أن الأسباب التي دفعت السودان الى القبول باتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، تكمن في الوضع الاقتصادي المزري الذي يعاني منه والمرتبط بشكل كبير بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عليه.
لكن يخشى من أن يؤدي هذا الإعلان الى زعزعة الاتفاق السياسي الذي تحكم بموجبه الحكومة الانتقالية، إذ إن أصواتا معارضة ارتفعت منذ أن اتضح مسار التطبيع. ومن أبرز المعارضين رئيس حزب الأمة الإسلامي الصادق المهدي الذي يعتبر من أبرز داعمي الحكومة. وقد هدّد بسحب دعمه للحكومة إذا تم التطبيع.
وتحكم السودان منذ أكثر من سنة حكومة انتقالية هي ثمرة اتفاق بين العسكريين الذين أطاحوا بعمر البشير في نيسان/أبريل 2019، وقادة الاحتجاج الشعبي ضده الذي تواصل لأشهر بعد سقوطه للمطالبة لحكم مدني. وحُدّدت المرحلة الانتقالية بثلاث سنوات تنتهي بتنظيم انتخابات حرة في 2022.
وتواجه الحكومة الانتقالية صعوبات اقتصادية في ظل انخفاض حاد في قيمة العملة المحلية (الجنيه السوداني)، الأمر الذي زاد من الأصوات المنادية برفع العقوبات التي فرضتها واشنطن منذ تسعينات القرن الماضي.
ووصلت نسبة التضخم في السودان في آب/أغسطس الى 167 في المئة. وكان سعر الدولار في السوق السوداء يصل الى 75 جنيها إبان الإطاحة بالبشير، ووصل اليوم الى مئتين.
ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “سواس” في لندن جيلبير أشقر لوكالة فرانس برس إن توقيع الخرطوم على اتفاق التطبيع مع إسرائيل “أهم بكثير من توقيع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، لأن السودان لم يقِم يوما علاقات مع إسرائيل، على عكس الإمارات، وعدد سكانه كبير جدا، على عكس البلدين الخليجيين الآخرين”.
وفي أول رد فعل فلسطيني على الإعلان، اعتبرت حركة حماس أنّ تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسودان “خطيئة سياسية”.
وأكدت الرئاسة الفلسطينية “إدانتها ورفضها لتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تغتصب أرض فلسطين”.
– أسلحة أميركية الى الامارات –
وأعلن ترامب في 13 آب/أغسطس اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل. وبعد أقل من شهر، أعلن اتفاقا مماثلا بين البحرين وإسرائيل. وتتوالى خطوات إرساء العلاقات بين الدولة العبرية وكل من الدولتين الخليجيتين.
وأعلن نتانياهو مساء الجمعة أنّ إسرائيل لن تعارض بيع الولايات المتحدة أسلحة أميركية متطورة لدولة الإمارات.
وقال في بيان علّق فيه على زيارة وزير دفاع حكومته بيني غانتس إلى واشنطن الأسبوع الحالي لمناقشة بيع هكذا أسلحة للإمارات وتشمل طائرات اف-35، إنّ “إسرائيل لن تعارض بيع هذه النظم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة”.