برلين – القاهرة – الخرطوم – الناس نيوز :
تعلق الحكومة السودانية آمالا على مؤتمر لمانحين محتملين في برلين الأسبوع الجاري فيما يتعرض الاقتصاد لخطر الانهيار في ظل نسبة تضخم تفوق 100 بالمئة ومعاناة من نقص الخبز والوقود والعقاقير.
وتتفاقم الأزمة بفعل جائحة كورونا، التي استأثرت بموارد الكثير من المانحين، فضلا عن أسراب الجراد التي تتكاثر في كينيا المجاورة والتي يُتوقع أن تهاجر إلى الشمال إلى السودان وأثيوبيا في غضون أسابيع.
وقالت رويترز إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي يدير البلاد بموجب اتفاق انتقالي هش لتقاسم السلطة مع الجيش منذ الإطاحة بالمخضرم عمر البشير في انتفاضة شعبية العام الماضي، يجد نفسه في حاجة ماسة لدعم أجنبي.
وقال محللون إنه ما لم يحصل حمدوك على تمويل سريعا، فإن أول رئيس وزراء مدني منذ الثمانينات قد يواجه اضطرابات من أناس استبد بهم النقص المزمن للسلع أو حتى انقلاب عسكري في بلد شهد العديد منها على مدى تاريخه.
ولكن مساعي الحصول على تمويل جديد تعثرت بسبب الحاجة لتسوية متأخرات مستحقة لصندوق النقد الدولي منذ عقود وإدراج الولايات المتحدة السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب إبان حكم البشير.
وقال دبلوماسي غربي ”لدينا حكومة انتقالية بلا تمويل فيما تعاني من جائحة وآفة محتملة.. هذا يفرض ضغطا على المجتمع الدولي ليوفر سريعا قبل أي شيء مالا لتحسين الوضع المتدهور“.
وفي نهاية المطاف، فإن استقرار دولة إفريقية كبرى شهدت العديد من النزاعات الداخلية على المحك. وكان حمدوك أطلق محادثات سلام مع متمردين في دارفور ومناطق أخرى متمردة لإنهاء المعارك المستمرة منذ سنوات ولكنه فوت موعدا نهائيا لإبرام اتفاق في الشهر الجاري.
وتجاوز معدل التضخم السنوي في البلاد 100 بالمئة الشهر الماضي فيما طبعت الحكومة نقودا لتمويل دعم الخبز والوقود. وهبطت عملة السودان إلى 150 جنيها مقابل الدولار الأمريكي في السوق السوداء مقارنة بالسعر الرسمي وهو 55 جنيها بسبب نقص العملة الصعبة.
*مطالب الإصلاح
ومن المقرر أن يشارك في المؤتمر الذي يُعقد عن بعد في برلين الخميس ويستمر يوما واحدا حكومات غربية ومؤسسات مالية دولية ودول خليجية ثرية منتجة للنفط.
ورحب كثيرون باتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين الذين نظموا احتجاجات ضخمة والجيش الذي يتمتع بالنفوذ وساهم في الإطاحة بالبشير. وتطالب محكمة تابعة للأمم المتحدة بتسليم البشير الذي وجهت إليه اتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
لكن المانحين امتنعوا عن تقديم مساعدات وأرجأوا ”مؤتمر أصدقاء السودان“ أكثر من مرة للمطالبة بإصلاحات مثل إلغاء دعم الوقود الذي يُقدر أنه يتكلف ما يزيد عن ثلاثة مليارات دولار سنويا.
وقال محللون ودبلوماسيون إنه يتعين على الخرطوم أن تطبق المزيد من الخطوات المهمة لإصلاح الاقتصاد إذ تسيطر شخصيات عسكرية على الشركات الرئيسية التي تدر دخلا بالعملة الصعبة مثل تصدير الذهب.
وقالت الحكومة الأسبوع الماضي إنها ستبدأ تطبيق خطة لصرف مدفوعات نقدية مباشرة للأسر الفقيرة وهو برنامج يأمل حمدوك أن يخفف معاناة السودانيين الفقراء فيما تخفض الحكومة الإنفاق على الدعم.
وتحتاج الحكومة إلى ما يُقدر بواقع 1.9 مليار دولار لتغطية برنامج المدفوعات النقدية للأسر الفقيرة. وتدعو وثيقة معدة للمؤتمر لتحديد سبيل لعودة السودان للتعامل مع مؤسسات دولية مما يقود في نهاية المطاف لتخفيف أعباء الدين.
وقال مجدي الجزولي وهو أكاديمي وباحث بمعهد الوادي المتصدع إن الحكومة مفلسة فعليا،وليس لديها أموال للبرنامج النقدي.
وقالت عائشة البرير منسقة الحكومة السودانية للمؤتمر إن مؤتمر برلين يصف المشاركين ”بالشركاء“ وليس المانحين وذلك إقرارا بأن السودان لديه موارده ويحتاج لدعم سياسي واقتصادي وليس مساعدات مالية.
وتابعت ”يعمل السودان على الإصلاح الاقتصادي للاستفادة من الموارد الذاتية“ مشيرة إلى إصلاحات في قطاع الذهب أُعلن عنها الأسبوع الماضي. كما يخطط السودان لتسييل أو خصخصة العديد من شركات الدولة التي لا تؤدي وظيفتها.
وتعاني مالية الدولة من أزمة منذ انفصال جنوب السودان في 2011، ليستحوذ على معظم نفط السودان. وحالت شبكات التهريب دون استفادة الحكومة من صادرات الذهب.