ميديا – الناس نيوز ::
العربي الجديد – عدنان عبد الرزاق – تعجّ وسائل التواصل الاجتماعي بإعلانات بيع منازل سيارات، وحتى مفروشات البيوت، لسوريين فقدوا أمل الاستمرار في تركيا، بعد آخر موجات العنصرية التي أتت، هذه المرة، على ممتلكاتهم وهددت حيواتهم، إن بولاية قيصري وقونيا أو غازي عنتاب وهاتاي القريبتين من سورية، قبل أن تتمدد وتستعر.
الأمر أو المؤشر الذي يبنى عليه حجم الضيق وفقدان الأمان، لدى جلّ السوريين الذين ينوفون عن 3.2 ملايين بتركيا، خاصة بعد شعورهم بالتخلي أو التورّط، وربما البيع، جراء التقارب التركي مع النظام السوري ودعوة بشار الأسد إلى أنقرة، في صفقة “عفا الله عمّا مضى” حضّرت لها روسيا ودول في المنطقة، ليعاد إنتاج الأسد وتسويقه بملامح جديدة تتناسب مع تبدل القوى والمواقف وتشكل الأقطاب والتحالفات، على مهل، في المنطقة والعالم.
قصارى القول: ملامح الخوف تكسو السوريين، كل السوريين في تركيا بعد الذي قيل والذي حدث، وأن لا حصانة أو خط أحمر يركن ما بعده السوري مطمئناً، حتى وإن حصل على الجنسية الاستثنائية أو استثمر بالملايين. فمشاعر وسلوكات العنصرية، التي تنميها المعارضة عبر سنوات، هدمت كل حصون الأمان بأي ديمومة، وبات البحث عن وطن بديل، بعد مراحل التكريه والاستهداف، من حسن الفطن وحقوق الأبناء على أبيهم.
بيد أن هذا كله، وعلى جسامته ووجعه، ليس كامل المشهد، إذ ثمة عقابيل وكثيرة، لن تطاول السوريين فحسب، رغم انسداد الآفاق الجغرافية بوجوههم وتعالي بنيان حدود الأشقاء قبل الغرباء. من هاتيك العقابيل الخلل الذي سيتبدى للأتراك، بالأسواق التجارية وأسواق العمل والمنشآت، فالثغرة الإنتاجية والاستهلاكية وحتى التسويقية التي يملؤها السوريون، قلما يسدها، بالأجر والصمت والكفاءة، سواهم.
هذا إن لم نأت على استثمارات، ممكنة الهروب، تنوف على 10 مليار دولار، أكمل خلالها رجال الأعمال السوريين عديداً من مطارح وقطاعات، إنتاجية وخدمية، وسندوا، باعتراف صناع القرار التركي، دفوف الإنتاج والتصدير والسياحة.
وستطاول النتائج فيما ستطاول المعونات والمنح التي كانت تتهافت على تركيا لدمج السوريين وكفايتهم، والمساعدات التي سيترافق معها ضياع ورقة كانت ترميها تركيا على طاولات الاقتصاد والسياسة، كلما اقتضت الحاجة. من دون أن نتطرق طبعاً، إلى ملامح الخيبة الكبيرة والمتوقعة، من حمل بشار الأسد ومقايضة الشعب بمجرم حرب، تركيا من أوائل من نعتته بهذي الأوصاف.
نهاية القول: أن تعلن بيع ممتلكاتك، بأي سعر لتجمع ثمن تذكرة الطائرة أو لقاء التهريب عبر بلم -قارب- مطاطي بغياهب البحار، فهذا يدلل فيما يدلل على حرق خط الرجعة وبيع حاضر حفرت ملامحه بأظافر الخوف وأسنان الصبر لنيّف وعقد من الزمن، وأن تبيع بأي سعر، فقط لتسافر، فهذا يعني فيما يعني، أن ثمة ما هو أغلى من الممتلكات بدأ يتعرض للخطر، وأن تبيع أعمالك وصدى استثماراتك في تركيا، فذاك يؤشر فيما يؤشر إلى فقدانك الأمل بالمناخ مستقبلاً وليس تشكيكاً في مرحلة فحسب، وأن تبيع حتى نعمة الجغرافيا القريبة وحلم العودة إلى الوطن، ففي ذلك على الأرجح، ردة فعل جراء جرح، أو صفعة خارجة عن التوقع…
لكن السؤال المتربص، بعد ضيق أرض الأنصار بالمهاجرين، أيّ مهجر يمكن أن يبنى فيه وعلى أرضه، ملامح مستقبل، بعد أن ضاقت الأرض بما رحبت، فاستهداف الأتراك والمصريين، بعد محاصرة اللبنانيين أفقد السوريين الأمل بوطن بديل، ولم تعد غير أوروبا، على علاتها من استحالة وصول وتنامي اليمين واستهلاك الإنسان عبر مادية مفترسة، هي آخر أحلام المنافي… فسمك البحر ربما، أولى بلحم السوريين من أن يأكله أخوه.