السيرة المختصرة للبنان…

د . أحمد برقاوي – الناس نيوز ::

تحول جبل لبنان وشماله وجنوبه والأقضية الأربعة إلى دولة بعقد طائفي لاقتسام السلطة برعاية فرنسية، منع العقد الطائفي هذا من حدوث الانقلابات وظهور الدكتاتور العسكري القروي. ووفر فضاء حرية والشعور بالحرية.

سمح النظام السياسي اللبناني بنشوء الأحزاب السياسية والمجتمع المدني الحر، وولد هذا الواقع ظهور نخبة سياسية من زعامات الطوائف ذات حضور قوي في المجتمع، وقد اعترفت أرستقراطية الطوائف بالحقوق المتبادلة في قيادة لبنان، ثم تحول لبنان إلى ثلاثة مراكز مهمة في الشرق: مركز للرأسمال المالي (المصارف) .

مركز ثقافي تنويري (صحافة ونشر وواحة مثقفين فاعلين) .

مركز سياحي للعرب وتسلية… .

ولدت هذه المراكز، بدورها، نخباً قوية وفاعلة في كل مجالات الحياة المالية والثقافية والخدمية. بل وتحول لبنان إلى مأوى يلجأ إليه المعارضون والمبدعون وأصحاب رؤوس الأموال.

جاءت الحرب اللبنانية-اللبنانية في السبعينات لكنها لم تدمر أساس المراكز، بل أدت إلى همودها. ولكنها جعلت لبنان في حقل التدخل الأسدي المتخلف، وظهور حزب الله الفاشي.

كان لظهور المقاومة الوطنية اللبنانية بعد الاجتياح الإسرائيلي محاولة لاستعادة حيوية لبنان، لكن حزب الله الفاشي مع ذلك وقضى على المقاومة الوطنية، واستفرد بقتال إسرائيل طمعاً بالهيمنة، مدعوماً من طهران.

بعد انتهاء الحرب حاول الرئيس الراحل المغدور رفيق الحريري استعادة فاعلية هذه المراكز الثلاثة، وقد نجح في ذلك، لكن حزب الله، بأمر من حليفيه في دمشق وإيران قد قتله ليقتل أية قوة تحد من هيمنته وهيمنة الجماعتين الحاكمتين في دمشق وطهران.

في هذه الأثناء تحول حزب الله إلى قوة مليشياوية عسكرية وحيدة في لبنان، وقضت على وظيفة الجيش اللبناني.

وأصبح بفضل القوة الفاشية العسكرية، والدعم المالي والعسكري الإيراني، الحاكم الحقيقي للبنان.

ولقد وفر له الدعم المالي الإيراني، وتجارته بالمخدرات، وشركاته المنتشرة الاستقلال المالي الذاتي.

مع سيطرة حزب الله على السلطة اللبنانية فإنه قد دمر ما يأتي:
1-دمر دور المدن اللبنانية في الحياة
2-دمر العقد الاجتماعي الطائفي لقاء حكم مليشيا طائفية
3-دمر المراكز الثلاثة التي قام عليها لبنان: المركز المالي والمركز الثقافي والمركز السياحي-الخدمي.
4-دمر كل الفئات النخبوية اللبنانية.
فضلاً عن هذا كل تحولت لبنان إلى مستعمرة إيرانية خاضعة لثقافة ولي الفقيه المتخلفة.

وبالتالي فإن خروج لبنان من انهياره هذا أمر مستحيل ببقاء الشروط التي أدت لانهياره.

الدكتور أحمد برقاوي ، فيلسوف شهير ، واستاذ جامعي زائر في العديد من جامعات العالم ، حالياً رئيس بيت الفلسفة في إمارة الشارقة ، واستاذ معلم في إحدى جامعات الإمارات .