باريس – الناس نيوز ::
رحبت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا، الذي يؤكد استمرار التعذيب في سوريا بشكل منهجي وواسع النطاق وبحق المقيمين فيها والعائدين، لافتة إلى تعاونها مع لجنة التحقيق الدولية منذ عام 2011، ومساهمتها في كافة التقارير عبر تقديم المئات من البيانات والناجين والشهود
ووفقا للبيان الذي وصل إلى جريدة “الناس نيوز” فقد أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية تقريراً بعنوان “لا نهاية في الأفق”، وذلك في 15/ تموز الجاري 2023، يتناول قضية التعذيب وسوء المعاملة في سوريا، ويسلِّط الضوء على استمرار أنماط التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية أو المذلة بشكل منهجي وواسع النطاق، بما في ذلك ممارسات الإخفاء القسري، في مرافق الاحتجاز في الجمهورية العربية السورية.
ويغطي التقرير الأممي المدة منذ 1/ كانون الثاني/ 2022 حتى 30/ نيسان/ 2023. وأكَّد أن الاعتقال التعسفي وسوء المعاملة لا يزالان مشكلة رئيسة تهدد حياة الأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري، بما في ذلك المناطق التي استعاد السيطرة عليها في السنوات الأخيرة، وكذلك بالنسبة للمواطنين السوريين المقيمين في الخارج الذين يعودون إلى البلاد. لافتاً إلى خطورة ذلك في ظل الضغوط المتزايدة على اللاجئين السوريين وطالبي اللجوء للعودة من البلدان التي يقيمون فيها.
ركَّز التقرير على مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، إضافةً إلى ثلاث جهات أخرى، هي، هيئة تحرير الشام، الجيش الوطني السوري، قوات سوريا الديمقراطية. واستند إلى 254 مقابلة أجرتها اللجنة في المدة التي يغطيها التقرير، كانت 107 منها مع أشخاص قد تعرضوا للتعذيب أو كانوا شهوداً على ذلك في مراكز احتجاز تابعة للنظام السوري، فيما كانت 105 منها لحالات تتعلق بالاحتجاز عند الجهات الثلاث الأخرى.
وقد سلَّط التقرير الضوء على أربعة أجهزة مخابرات رئيسة تتبع للنظام السوري، وهي المخابرات العسكرية، المخابرات الجوية، جهاز الأمن السياسي، وجهاز المخابرات العامة، إضافةً إلى إدارة الأمن الجنائي للشرطة والسجون العسكرية، مشيراً إلى أن لكل واحدة من هذه الأجهزة الاستخباراتية الأربع مقرات في دمشق تتألف من عدة فروع مركزية وتدير فروعاً في جميع أنحاء البلاد، وتحتجز آلاف المعتقلين. كمّا سمى التقرير مراكز الاحتجاز التي تناولها وتخضع لبقية الأطراف.
ولفت التقرير إلى احتجاز المعتقلين مدة طويلة دون إمكانية التواصل مع عائلاتهم وأصدقائهم ومحاميهم، وتعرضهم لأشكال متنوعة من التعذيب وسوء المعاملة، بهدف ترويعهم أو لإجبارهم على الاعتراف، أو كعقاب لهم. وتشمل ممارسات التعذيب أساليب عديدة منها: الشبح، والدولاب، والضرب المبرح، والحرق، والتعريض للكهرباء، والعنف الجنسي، إضافةً إلى التكديس في زنزانات ضيقة، ونقص الطعام والمياه، وسوء الرعاية الصحية.
وقال التقرير إن أشكال التعذيب وأنماط الاعتقال التعسفي وحالات الاختفاء القسري في المناطق الخاضعة لسيطرة مجموعات مسلحة غير حكومية تتشابه أيضاً مع تلك التي تنفذها القوات التابعة لحكومة النظام السوري، على الرغم من أنها أصغر بكثير من حيث سعة نطاقها.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد أصدرت في تشرين الأول 2019 تقريراً موسعاً وثَّق 72 من أساليب التعذيب التي تمارسها قوات النظام السوري في مراكز الاحتجاز التابعة له، كما أصدرت في كانون الثاني 2022 تقريراً موسعاً تحدث عن النظام القضائي ومراكز الاحتجاز التابعة لهيئة تحرير الشام، وأساليب التعذيب التي تمارس فيها.
وأكد التقرير أن العائدين من اللاجئين والمقيمين خارج سوريا، يواجهون أخطاراً كبيرة لتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة عند عودتهم، وخلصَ التقرير إلى أن لدى اللجنة أسباباً معقولةً للاعتقاد أن حكومة النظام السوري ما زالت ترتكب أعمال التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية والمهينة، والاغتصاب والعنف الجنسي، والإخفاء القسري ضدَّ الأشخاص في مرافق احتجازها، وترقى تلك الممارسات إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
وذكر أن المؤسسات التابعة لحكومة النظام السوري فشلت بشكل منهجي في منع ممارسات التعذيب أو التحقيق في التقارير المتعلقة بالتعذيب والوفيات الناجمة عن الاحتجاز، وحالات الاختفاء القسري، ولفتَ إلى أن عدم وجود إخطارات بالوفاة، وعدم تضمينها تفاصيل عن الوفاة عند تقديمها؛ يشير إلى تعمد إخفاء الوفيات التي تحدث في مراكز الاحتجاز؛ الأمر الذي يُنبئ عن عملية تنسيق مستمرة بين عدة مؤسسات في الدولة، وهي متورطة في ممارسات التعذيب والإخفاء القسري، والذي لا تقتصر ضحاياه على المختفين قسرياً ذاتهم، بل يشمل ذلك أيضاً عائلاتهم.
طالب التقرير النظام السوري وبقية أطراف النزاع بالوقف الفوري لجميع ممارسات الاحتجاز والإخفاء القسري، وضمان قدرة جميع المعتقلين على الاتصال بأفراد عائلاتهم ومحامين بشكل عاجل، والسماح على الفور بدخول مراقبين مستقلين إلى جميع أماكن الاحتجاز. كما طالب بالوقف الفوري لكل أشكال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية، أو اللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك العنف الجنسي والجنساني، وتنفيذ الإعدام بحق المعتقلين، وإصدار توجيهات وأوامر واضحة عبر جميع القيادات الاستخباراتية والعسكرية والشرطية المعنية بذلك، ونشر مثل هذه التوجيهات على العلن.
وعبرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” عن دعمها ولاية لجنة التحقيق الدولية المستقلة وما قدَّمه من توصيات، وعمليات التحقيق التي قامت بها منذ تأسيسها في صيف عام 2011 حتى الآن، وقد قدمت الكثير للشعب السوري، وللضحايا، ووثقت بشكل مهني ونزيه الانتهاكات التي وقعت ضدَّه، ورحَّبت دائماً بالنَّقد الموجَّه لبعض النقاط، وقامت بمراجعتها.
وأشارت إلى أن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تعاونت منذ الأيام الأولى لتأسيس لجنة التحقيق مع المحققين، وقدمت ما لديها من بيانات ومعلومات وعلاقات تواصل مع الضحايا وذويهم، كما ساهمت بشكل فعال في هذا التقرير، ونؤكد على استمرار دعمنا لعمل لجنة التحقيق الدولية؛ لما له من أهمية استثنائية في ظلِّ استمرار ارتكاب الانتهاكات الفظيعة في سوريا وبشكل خاص من قبل النظام السوري.