باريس – الناس نيوز:
قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر بمناسبة الذكرى السنوية السابعة لهجوم النظام السوري بالأسلحة الكيميائية على الغوطتين: “إن ريف دمشق تعرضت لـ 71 هجوماً كيميائياً وإن عام 2015 شهدَ الحصيلة الأعلى من الهجمات الكيميائية خلال السنوات التسع الماضية”.
وأكد البيان الصحفي الذي جاء في 12 صفحة ووصلت نسخة عنه لجريدة “الناس نيوز” الأسترالية الإلكترونية، أنَّ أُسَرَ الضحايا التي فقدت أبناءها وأحبَّتها ما زالت تنتظر أن يفيَ المجتمع الدولي بوعوده وخطه الأحمر القاضي بمعاقبة النظام السوري الذي ثبت استخدامه للأسلحة الكيميائية ضدَّ المواطنين السوريين .
ولكن للأسف الشديد لم يتحقق أيُّ شكل من أشكال المحاسبة حتى الآن، بل ما زال النظام ذاته الذي تقوده عائله الأسد، والذي استخدم السلاح الكيميائي في 21/ آب/ 2013، ما زال هو ذاته الذي يحكم سوريا بالعقلية المتوحشة ذاتها، وبالاعتماد على عشرات الآلاف من عناصر الأجهزة الأمنية على غرار الأنظمة التوتاليتارية.
بحسب التقرير فإن هجوم الغوطتين مثَّل من خلال عدد الذخائر المحملة بالغازات التي استخدمت وحصيلة الضحايا المرتفعة صدمة للعالم أجمع، ورأى التقرير أن المجتمع السوري تأمل أن يكون هناك رد فعل حاسم وحقيقي على خرق النظام السوري للخطوط الحمر التي رسمتها له عدة دول كبرى في العالم، مما يساهم بالتالي في إحقاق حقوق الضحايا الذين قتلوا أو أصيبوا، ويحقق نوعاً من العقاب الذي يستحقه النظام السوري على ممارساته العديدة المتوحشة ضدَّ المواطنيين السوريين.
وقال فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “إن هجوم النظام السوري بالأسلحة الكيميائية على غوطتي دمشق يُعتبر أضخم هجوم عرفه العالم بالأسلحة الكيميائية بعد اعتماد اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، التي دخلت حيِّز التنفيذ في 29/ نيسان/ 1997، وشكَّل صدمة للإنسانية والحضارة، لكن الأسوأ من الهجوم كان التَّخلي عن معاقبة نظام بشار الأسد الذي قام بالهجوم؛ مما شجَّعه على تكرار الهجمات الكيميائية عشرات المرات بعد ذلك، وساهم في فقدان غالبية السوريين الأمل بالعدالة والقانون الدولي، وشكَّل ذلك مادة دسمة قامت باستثمارها التنظيمات المتطرفة وضمَّت المئات من اليائيسين من المجتمع الدولي إلى صفوفها.”
كما استعرض التقرير تفاصيل هجوم الغوطتين وأكَّد وجود نية وتخطيط دقيق لدى النظام السوري يهدف إلى إبادة أكبر قدر ممكن من الشعب السوري وذلك من خلال استخدام النظام السوري كميات كبيرة من غاز السارين في وقت متأخر من الليل حيث يكون الأهالي نياما؛ الأمر الذي يُـخفِّض من فرص النجاة.
مشيراً إلى أن مؤشرات درجات الحرارة تلك الليلة كانت تُشيرُ إلى انخفاضها بين السَّاعة الثانية والخامسة فجراً؛ ما يؤدي إلى سكون الهواء، وبالتالي عدم تطاير الغازات السَّامة الثقيلة.
بحسب التقرير قُتل في ذلك اليوم 1144 شخصاً اختناقاً بينهم 1119 مدنياً منهم 99 طفلاً و194 سيدة (أنثى بالغة) و25 من مقاتلي المعارضة المسلحة، كما أصيب 5935 شخصاً بأعراض تنفسية وحالات اختناق.
وطبقاً للتقرير فإن هذه الحصيلة تشكل قرابة 76 % من إجمالي الضحايا الذين قتلوا بسبب الهجمات الكيميائية التي شنَّها النظام السوري منذ كانون الأول/ 2012 حتى آخر هجوم موثَّق في الكبينة بريف اللاذقية في أيار/ 2019.
سجَّل التقرير 222 هجوماً كيميائياً على سوريا منذ أول استخدام موثَّق في قاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان لاستخدام الأسلحة الكيميائية في 23/ كانون الأول/ 2012 حتى 21/ آب/ 2020.
كانت قرابة 98 % منها على يد قوات النظام السوري، وقرابة 2 % على يد تنظيم داعش وكان عام 2015 هو العام الذي شهد العدد الأكبر من الهجمات، كما وزَّع التقرير الهجمات على المحافظات وكانت محافظة ريف دمشق شهدت العدد الأكبر من الهجمات تليها محافظة إدلب.
وطبقاً للتقرير فإن هجمات النظام السوري تسبَّبت في مقتل 1510 أشخاص يتوزعون إلى 1409 مدنياً بينهم 205 طفلاً و260 سيدة (أنثى بالغة) و94 من مقاتلي المعارضة المسلحة، و7 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في سجون المعارضة المسلحة.
كما تسبَّبت في إصابة 11080 شخصاً بينهم 5 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في سجون المعارضة المسلحة.
في حين نفّذ تنظيم داعش 5 هجمات كيميائية منذ تأسيسه في 9/ نيسان/ 2013 حتى 21/ آب/ 2020 كانت جميعها في محافظة حلب تسبَّبت في إصابة 132شخصاً.
وأورد التقرير توزع حصيلة الهجمات الكيميائية بحسب قرارات مجلس الأمن حيث توزعت الهجمات التي نفذها النظام السوري إلى: 33 هجوماً قبل قرار مجلس الأمن رقم 2118، و184 بعده، في حين بلغت 115 هجوماً بعد قرار مجلس الأمن رقم 2209، و59 هجوماً بعد تشكيل آلية الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن رقم 2235.
أما الهجمات الخمس التي نفذها تنظيم داعش فهي تشكل بحسب التقرير خرقاً لقرارات مجلس الأمن رقم 2118، و2209، و2235.
وأكد التقرير أن استخدام روسيا والصين للفيتو في مجلس الأمن لصالح النظام السوري أسهم في وقوع المزيد من القتلى والجرحى من أبناء الشعب السوري؛مشيراً إلى أنهما منعتا تمرير العديد من مشاريع القرارات التي كانت سوف تساهم في معاقبة النظام السوري، وفي ردعه عن ارتكاب العديد من الانتهاكات بما فيها استخدام الأسلحة الكيميائية.
وعلى الرغم من دخول روسيا بشكل مباشر كطرف من أطراف النزاع المسلح في سوريا في أيلول/ 2015، إلا أنها استمرت باستخدام الفيتو، وهذا يخالف بشكل صارخ ميثاق الأمم المتحدة.
كما أشار التقرير إلى المطالب الروسية الصينية وغيرها من الدول الشمولية التي ارتفعت مؤخراً في ظل اجتياح وباء كوفيد -19 لتخفيف أو رفع تلك العقوبات على النظام السوري كي يتمكن من محاربة هذا الوباء, منوهاً إلى أن هذه الدول التي طالبت برفع العقوبات عن النظام السوري بحجة تخفيف الوباء عن الشعب السوري، تُعطي بوقوفها إلى جانب النظام السوري – حتى ضمن قضية استخدامه لأفظع أنواع الأسلحة – صورة واضحة عن مدى النفاق والدجل الذي وصلت إليه. مشيراً إلى أنه كان حرياً بها الوقوف إلى جانب الشعب السوري ومطالبه في الحرية وحقوق الإنسان وإدانة استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية والمطالبة بمحاسبته ومعاقبته.
طالب التقرير الأمم المتحدة ومجلس الأمن بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية وعسكرية على النظام السوري في ذكرى استخدامه الأسلحة الكيميائية ضدَّ الغوطتينالشرقية والغربية بريف دمشق، وطالب حلفاء النظام السوري بإدانة استخدامه للأسلحة الكيميائية، والعمل مع بقية دول العالم على محاسبة النظام السوري، والضغط عليه للدخول في عملية سياسية تفضي إلى انتقال سياسي حقيقي بعيداً عن حكم العائلة الواحدة؛ مما يساهم في رفع العقوبات والانتقال نحو الديمقراطية والاستقرار.
ورأى التقرير أنه بعد فشل مجلس الأمن الدولي على مدى تسع سنوات في إيقاف الجرائم ضد الإنسانية أو إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية، يجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة التدخل استناداً إلى القرار رقم 377 لعام 1950 (قرار الاتحاد من أجل السلام)، والعمل على إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة المتورطين باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المواطنين السوريين.
كما أوصى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأستراليا وبقية دول العالم التي فرضت عقوبات على النظام السوري بالإصرار الدائم على ربط العقوبات بتحقيق انتقال سياسي حقيقي لأن تخفيف العقوبات في ظل وجود الأشخاص والأجهزة ذاتها المتورطين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب يعني تقديم دعم لهذه الأجهزة القمعية.
أوصى التقرير المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بنقل المسؤولية بشكل سريع إلى مجلس الأمن والطلب منه التدخل وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على اعتبار استخدام دولة عضو لأسلحة الدمار الشامل يفترض أن يُشكِّل تهديداً جدياً للأمن والسلم الدوليين، والعمل بشكل أكبر على قضية محاسبة كافة المتورطين في استخدام الأسلحة الكيميائية في النظام السوري بما في ذلك القيادات العليا.
ونحن في الشبكة السورية لحقوق الإنسان لدينا ضمن قاعدة البيانات الخاصة بالمتورطين في ارتكاب الانتهاكات بيانات عن عدد كبير ممن ساهموا في استخدام الأسلحة الكيميائية، وسوف نقوم وفقاً للاتفاقية الموقَّعة مع فريق التحقيق وتحديد المسؤولية بالتنسيق من أجل مزيد من التعاون في هذا الإطار.
الشبكة السورية لحقوق الإنسان هي مُنظمة حقوقية تأسَّست في حزيران/يونيو من عام 2011 بعد اندلاع الثورة السورية، وتُعد اليوم جهة حيادية مستقلة غير حكومية وغير ربحية تهدفُ بشكلٍ رئيسي إلى توثيق الانتهاكات التي تحصل في سوريا (سواء من طرف الحكومة أو من طرف المُعارضة أو من طرف أي جهة أخرى) , وإصدار دراسات وأبحاث وتقارير بشكل دوري وضمن أعلى مستويات الموضوعيّة والاحترافية بهدفِ فضح مرتكبي الانتهاكات كخطوة أولى لمحاسبتهم وضمان حقوق الضحايا.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة اعتمدت في جميع إحصائياتها الصادرة عنها في تحليل ضحايا النزاع على الشبكة السورية لحقوق الإنسان كواحدة من أهم وأبرز المصادر، بالإضافة إلى اعتمادِ الشبكة لدى عددٍ واسعٍ من وكالات الأنباء العربية والعالمية، إضافةً إلى منظمات حقوقية إقليمية ودولية.